ثَقِيلُ الدَّم

د. خالد عايد الجنفاوي

يوجد أشخاص ثُقلاء الدم، ينزعج منهم العقلاء والاسوياء، وبالكاد يطيقون الجلوس أو حتى الكلام معهم، وسيقابل المرء في حياته العامة أناساً غرباء الاطوار ثقلاء، من لن يستسيغهم الآخرون، حتى لو ضبط العاقل نفسه معهم للحد الأقصى، وينبع ثقل دم أحدهم من ثقل طبعه، ومن جمود طينته، ومن كثرة استعراضه وتملقه الاجتماعي، وسيُصبح مع الوقت كائنًا بشريًا لا يُحتمل، وذلك بسبب ثقل ظله، وارتكاز طبعه على الاستعراض والتكبّر ولفت انتباه الآخرين، وميله المرضي نحو القيام بتصرفات ستكشف عن بلادة حسه، وعن إدمانه للاستعراض السلوكي المبالغ، وبالطبع، توجد أسباب نفسية محددة ستجعل أحدهم ثقيل الدم، ومنها بعض ما يلي:
-يرتكز ثقل دم أحدهم على ثبوت النفاق في شخصيته، واعتقاده المشوش بأنّ ثقل طينته ما هو سوى ذكاء اجتماعي، وستراه يتملق طوال الوقت للأخرين، ويُمِثِّلُ عليهم بهدف كسب ودّهم ورضاهم عنه، أو للاحتفاظ أطول فترة ممكنة باهتمامهم به.
-لا يُدرك ثقيل الدم بأنه ثقيل الظل بالنسبة لمن يتكلم معهم أو يجالسهم وذلك بسبب انغماسه في الاوهام وظنه أنّ الآخرين سيهتمون فعلاً بما سيقوله لهم، أو سيُقدِّرون فعلاً جلوسه معهم.
-ثقيل الدم معتل نفسياً ويعاني من اضطرابات ذهانية متعددة، وستنكشف شخصيته المضطربة عندما يتعرض لضغوط نفسية معينة، وبخاصة عندما يُخَطِّئهُ أحدهم على الملأ، أو يحاول إزالة قناع التكلّف عنه، ويفضح تناقضاته ويُكَذِّبُ أوهامه عن نفسه.
-ثقيل الدم يكون غالباً غليظ الطبع باختياره ويفتقد للتعاطف وللشفقة الانسانية الطبيعية، وستجده الاكثر تنمراً وازدراءً لمن هم أقل منه حظاً في الدنيا.
-كلما تواضع المرء خفّ دمه واستوى طبعه، والعكس صحيح غالب الوقت.
-ثقيل الدم مفتون بنفسه لدرجة الانغماس العميق في النرجسية المرضية.
-أسوأ أنواع ثقلاء الدم هو ذلك الشخص الذي يعتقد أنه أرسخ علماً من غيره، ولأنه يحتكر الصواب لنفسه، فستجده دائماً ينظر بشكل دوني وازدرائي تجاه من يخالفه الرأي.
-يتصف ثقيل وثقيلة الدم بميلهم نحو التبجَّح والتباهي بما يتخيلون أنهم يعلمونه عن الحياة الإنسانية، وستجدهم غالباً الاكثر فشلاً في حياتهم الخاصة والعامة.

كاتب كويتي
@DrAljenfawi