منوعات
جنون العظمة .. اضطرابات نفسية تفضي إلى الاكتئاب والقتل
الأحد 17 نوفمبر 2019
30
السياسة
* الرجل أكثر قدرة من المرأة على مواجهة المرض والأعراض تبدأ من السنة 16 من العمر* الأعراض تبدو في عدم الثقة بالآخرين والريبة تجاه شريك الحياة من دون مبرر* المرض يصيب بالسكري واضطرابات الضغط والزواج جزء من العلاج * اليانسون والبابونج واللحوم والألبان والنشويات والخضراوات تساهم في العلاج * المريض عرضة لفقدان الذاكرة وضعف العظام وعدم الرغبة في تناول الطعام * العلاج يستغرق وقتاً طويلاً من تصحيح أفكار المصاب والتواصل مع الآخرينالقاهرة - مي مجدي:يعيشون بيننا لكنهم في عالم آخر ينسجونه لأنفسهم يجعلهم يشعرون بالعظمة دون غيرهم، إنهم المرضي بـ"جنون العظمة"، ذاك المرض الذي يدفع صاحبه إلى اعتناق أفكار وسلوكيات غريبة ومعتقدات خطأ، ما لم يتم التعامل معها يصبح الأمر أكثر خطورة وقد يدفع المريض إلى ارتكاب جريمة قتل.حول هذا المرض، وأسبابه، وأعراضه والفئة الأكثر عرضة للإصابة به، وطرق الوقاية والعلاج أكد عدد من الاستشاريين والاختصاصيين النفسيين في لقاءات مع "السياسة" أن "جنون العظمة" نوع من الاضطرابات النفسية تتسبب به الوراثة وتجارب الطفولة السلبية، تدفع المصاب بهذا المرض إلى شرب الكحول والمخدرات ومن ثم الوقوع في دائرة الاكتئاب، لافتين إلى أن من مظاهره زيادة الشعور بـ "الأنا"، والابتعاد عن المحيطين والتوتر الذي ربما يصل بالإنسان إلى حد القتل لشكوكه المتزايدة فيمن حوله، وفيما يلي التفاصيل:بداية، أوضح الاستشاري النفسي الدكتور أحمد فوزي، أن جنون العظمة اضطراب فى الشخصية يصنف كواحد من 10 اضطرابات شخصية تسبب سلوكيات غير عادية، مضيفا كشفت دراسات دراسات عدة أن المريض به يعاني من انعدام شبه تام في الثقة بالآخرين، يسيء تفسير أقوالهم وأفعالهم، ويشكو من سلوك خفي غير مفهوم لديهم، ويعتقد أن من حوله يحاولون إيذاءه، وغشه، والكذب عليه، ويحملون ضغائن تجاهه. ولفت إلى أنه يمكن تشخيص المصاب عبر التقييم البدني، ثم التقييم النفسي، مبينا أن الأعراض تبدو في عدم وجود ثقة كبيرة بالآخرين، والاعتقاد أن من حوله لديهم نوايا سيئة، وتوقع ضررهم لأنهم غير مخلصين وغير جديرين بالثقة، كما يرى أنه وحده على صواب، ويشعر بالريبة تجاه شريك الحياة دون مبرر، ولديه فرط الحساسية تجاه أي نقد، حتى وإن كان طبيعيا، ويضع مسافة في العلاقات مع الآخرين، ويشعر بعداء نحوهم، ويرغب في التخلص منهم بقطع العلاقات، مشيرا إلى أن هناك أسبابا عدة وراء هذا المرض أهمها الوراثة، لأن من لديه تاريخ عائلي من الاضطرابات الذهنية، حتى ولو كانت بسيطة، يكون أكثر عرضة لتطور هذه الاضطرابات حتى الإصابة بجنون العظمة، كما أن تجارب الطفولة السلبية تتسبب بالمرض، وبخاصة إذا كانت مؤلمة، إضافة إلى البيئة المنزلية غير مستقرة، وسوء المعاملة، والإهمال.الشعور بـ"الأنا" من جهته، أكد استشاري الطب النفسي، الدكتور أحمد أبو العزائم أن "جنون العظمة" يعتبر نوعا من الاضطرابات النفسية، لكن التعايش معه يؤدي إلى إصابة البعض بأمراض عقلية أخرى ويدفع المريض إلى شرب الكحول والمخدرات للتغلب على مشاعره وانعدام الثقة، لافتا إلى أن المرض لا يختلف لدى الرجل عن المرأة، إلا في مستوى القدرة على السيطرة في السلوكيات، اذ يستطيع الرجل السيطرة على ذاته أكثر، كما يسعى إلى العلاج والتخلص منه، لما لديه من رغبة في الحياة الطبيعية تفوق المرأة.وأضاف المرأة تتميز بقدرتها على الاعتراف بأنها تعاني من مشكلة في بداية الإصابة بالمرض على عكس الرجل الذي يتأخر في اعترافه بإصابته، لكن الأعراض،والأسباب،والنتائج، متشابهة، كذلك تبدأ أعراض المرض لدى الجنسين بداية من سن 16 سنة، اذ يلاحظ المحيطون بالمريض أنه غير مدرك للتغيير في سلوكياته، لاسيما زيادة الشعور بـ "الأنا"، الابتعاد عن المحيطين، يظل وحيدا لفترة طويلة، يقطع علاقاته بالمحيطين به، شعور دائم بالتوتر وعدم الإحساس بالراحة.بدورها، كشفت استشاري الصحة النفسية الدكتورة زينب مهدي ان "جنون العظمة" له أثار سلبية على صحة المريض الجسدية والنفسية، اذ يكون معرضا للإصابة بأمراض السكري،واضطراب ضغط الدم، عدم استقرار، اضطراب في أداء جهاز البنكرياس، أما تأثيره النفسي فيتمثل في الإصابة بحالة دائمة من التوتر والقلق، وزيادة فرص الإصابة بالاكتئاب، وعدم الانتباه وغياب التركيز بين حين وآخر رغم قدرته على التفكير في جميع التفاصيل حوله.وأضافت يقع المصاب فريسة للأحلام المزعجة، ويعاني من حالة التفكير المفرط غير المنظم ويتعرض لإنهاك العقل، كل ذلك يؤدي مع مرور الوقت إلى فقدان الذاكرة، وتكون البداية بفقدان مؤقت ويتطور الأمر إلى فقدان دائم، قد يتعرض للبطء في الحركة، أيضا مع الوقت تضعف عظامه، ويشعر بتعب مستمر يفقد معه الرغبة في تناول الأطعمة، لذلك يفتقد جسمه الكثير من العناصر الغذائية، مما يؤدي لإصابته بضعف يؤثر بصورة مباشرة على العظام.العلاج بالزواجمن جهته، اعتبر استشاري الأمراض النفسية والعصبية الدكتور أحمد متولي أن "جنون العظمة" يدفع صاحبه إلى عدم الاهتمام بالنظافة، خاصة بعد إصابته بحالة من الاكتئاب، مما يجعله عرضة للإصابة بأمراض أخرى، ومنها الضعف الجنسي، أو العكس، حيث يصبح لديه فرط الرغبة في ممارسته، ويرجع ذلك إلى نوعية الأفكار السيئة التي لديه، ومدى تحكم المرض فيه، لذلك يمكن أن يكون الزواج علاجا لجزء كبير من المرض، خصوصا لمن لم يصل إلى مرحلة التوتر والاكتئاب، فمن يصلون إلى هذه المرحلة يعتبرون أن الزواج لا يصلح لهذه الحياة، لذا يتعمدون هدم كل وسائل تكوين العلاقات، ويعاملون المرأة معاملة سيئة حتى لا يخضع كل منهم لتأثير الإعجاب أو الحب.وتابع، رغم من صعوبة المرض إلا أن المصاب به في مرحلة ما يدرك جيدا ما يفعله، أما قبل وصوله إلى مرحلة الاكتئاب فهو يكون زوجا وأبا أقرب للشخصية الطبيعية، يمكن للزوجة، فى تلك المرحلة، إنقاذ زوجها من المصير الصعب.ورأت الاستشاري النفسي الدكتورة أشجان نبيل أن الشعور بالحرمان من شي معين يعد من أبرز أسباب الإصابة بجنون العظمة، اذ يدفع الإنسان، مع الوقت، للاستغناء عن هذا الشعور وكسره فيتجسد بالتعالي على رغباته، من ثم يظهر أمام الآخرين بشيء من الصمود والقوة، فيشعر بعظمته التي دائما ما تنتصر على رغباته، مما يدفعه أكثر إلى إظهار ذلك أمام الآخرين بشكل مبالغ فيه، أيضا النظرة الايجابية والمدح قد يكون سببا في إصابة البعض بهذا المرض، فعندما يمدح الآخرون شخصا ما إذا اتصف بالجمال، والهدوء، تميزه في العمل، فإن هذا المدح قد يؤدى إلى نتائج عكسية، فقد وجد أن المدح الكثير يشعر الإنسان بذاته كثيرا، ما يدفعه للاعتقاد بأنه المثل الذي يحتذى به ولن يتكرر، فيتحول مع الوقت الى ما يسمى "جنون العظمة".أوقات كثيرةمن ناحيته، أكد استشاري الطب النفسي، الدكتور إبراهيم الغرباوي أن هذا المرض يفقد الانسان قدرته على التركيز لأوقات كثيرة، مما يمنعه من القيام بأعماله، كما يفقده القدرة على التواصل مع الآخرين، ويحرمه من التعبير عن مشاعره بالإيجاب، لأنه يرى في ذلك تناقضا مع صورته أمام الاخرين، وأن مجرد التعبير عن هذه المشاعر يعد اذلالا له، لذلك لا يهتم برأى المحيطين به،و يفضل الابتعاد عن التعبير عن مشاعره، حيث يرى في ذلك رفعة له.واعتبر الاستشاري النفسي، الدكتور أحمد هارون أن الهروب من الأهل يعد محاولة من محاولات المصابين بجنون العظمة ورفضا للاعتراف بالمرض، لذا يسعون دائما للبعد عن المحيطين بهم، مما يشير لخطورة المرض، وإذا اضطر المريض لمواجهتهم يؤكد لهم بأنه معافى وسليم، مما يتطلب الصبر اثناء التعامل معهم، وتجاهل المرض تماما لحين النجاح في اقناعهم أنه مريض يمكن علاجه، بالجلسات النفسية والأدوية، والتركيز على فكرة عدم قدرة المرض التأثير على سلوكياتهم حتى وان كان ذلك خطأ، لكنها وسيلة فعالة لمساعدته على الاستجابة للعلاج، لأن الإنسان عادة ما يركز على أفعاله اثناء العلاج لمراقبة مرحلة المرض التي مر بها، ثم يرى فعالية العلاج.الأكثر عرضةإلى ذلك، اعتبر أستاذ علم النفس في كلية الآداب، جامعة حلوان، الدكتور محمد حسن غانم أن جنون العظمة يسمى بـ "الوهم" لأنه يعتمد في الأساس على أوهام، وأفكار غير واقعية وغير صحيحة، مشاعر كاذبة نحو الأشياء والأشخاص بسبب القلق والتوتر، الذي قد يصل بالإنسان إلى حد القتل، اذ يراوده الشك بمن حوله فيدفعه للتخلص منهم، ومن تآمرهم عليه، لذا فإن العلاج السلوكي مهم جدا لهذا المريض، ويفضل أن يقوم الأهل بمساعدته بترك مساحة كافية له للتعرف على أشخاص جدد، وتوضيح أن الحياة لا يمكن استمرارها من دون الآخرين وأنهم يحبونه، وأن يدركوا أن العلاج يستغرق وقتا طويلا، وينبغي التركيز على إصلاح أفكار المريض الخطأ ومساعدته على تغييرها، وتشجيعه على التعاون مع الآخرين، وتعلم مهارات وممارسة نشاطات جديدة، ويجب أيضا الاعتماد على الأدوية للسيطرة على الشعور بالقلق، منع الإصابة بالاكتئاب، لأن المريض رغم أنه يتظاهر دائما بالثبات والثقة بالنفس، إلا أنه يشعر من داخله بالقلق والتوتر، يكون عرضة أكثر من غيره للإصابة بالاكتئاب، كذلك ينبغي اعتماد المريض على عمل ثابت، وتشجيعه على الاستمرار فيه، مما يساهم كثيرا في علاجه، وتخطي أزمته، وتغيير أفكاره حول الآخرين، سيجد صعوبة في البداية لكن بدعم الأهل سيكون الأمر أيسر.علاج بالتغذيةوأشار أستاذ علم النفس في كلية الآداب، جامعة حلوان، الدكتور حازم المصري أن مريض جنون العظمة يمكنه الاعتماد على بعض الأطعمة والمشروبات، للمساهمة فى علاجه، مثل اليانسون أو البابونج للقضاء على مشاعر القلق والتوتر، والاكتئاب، ويفضل كذلك تناول الماء لتنقية الجسم من السموم، بالتالي تقل فرص الإصابة بالأمراض الجسدية أثناء الإصابة بالمرض، يجب ايضا تناول اللحوم ومنتجات الألبان، اذ تعمل الفيتامينات،والبروتينات،والمعادن الموجودة بها على حماية وتقوية الجسم، ويفضل كذلك تنتاول الخبز،والنشويات، والخضروات الورقية، نظرا لاحتوائها على نسبة جيدة من السعرات الحرارية التي تنشط الجسم و الذاكرة، وتقوي بنية الجسم، مما يقلل من فرص الإصابة بالأمراض.هياج عصبيفي السياق نفسه، ذكر استاذ مساعد التغذية في معهد تكنولوحيا التغذية الدكتور اسحق مراد،إن تناول الخضروات الورقية يساهم كثيرا في علاج المرض، كونها تحتوي على الكثير من المعادن، والفيتامينات، والألياف، التي تؤثر إيجابا على الصحة العامة للمريض، مما تجعله قادرا على مواصلة العلاج ولأن هذا المرض قد يصاحبه أحيانا حالة من الهياج العصبي، لذا يفضل التركيز علي تناول للألبان،والعنب،والبطيخ لتهدئة أعصابهم والسيطرة على القلق الذى ينتابهم.