الأربعاء 07 مايو 2025
27°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

حسابات الحقل والبيدر

Time
السبت 09 فبراير 2019
View
610
السياسة
حسن علي كرم

لدى اخواننا اهل الشام مقولة، او مثل متداول هو" حسابات الحقل البيدر"، ولمن لا يعرف المعنى، هو انه ينقل محصول القمح من الحقل الى مكان اخر لفصل الحبوب من السنبلة، فطبعاً الحساب هنا يختلف بين كمية المحصول قبل الفرز وبعده.
وبالمناسبة كان هنا في الكويت يزرع القمح، والذي نسميه بالعامية"الحنطة"، والشعير في بعض مناطق البلاد، منها العديلية ومزارع الفنطاس والفنيطيس والجهراء وابوحليفة وغيرها.
كان ذلك ايام الخير، عندما كانت الاجواء تتحسن بين أكتوبر ومايو، حيث انهمار الأمطار والارض المخضرة، بل لعلك تجد صحارى وبراري الكويت تتحول ما يشبه سجادة ملونة بألوان جميلة من الأزهار الصحراوية والعشب والنباتات، ولا تسعفني الذاكرة جراء الكبر لتذكرها، لكن من يتصفح تاريخ البلاد وطبيعة أجوائها، ما قبل النفط وتبدل أنشطة الناس، لا شك سيعثرعلى الكثير من الاخبار التي حرم منها الجيل الحاضر، جيل النفط
والـ"سوشيال ميديا"، ولعلي ارى قصوراً في المناهج المدرسية التي لا تعنى برصد تاريخ الكويت، بكل دقة وأمانة
من حيث الجانب السياسي والاجتماعي والمهني وكيفية المعيشة.
الكويت رغم صغرها وبساطة أهلها، لكنها لم تعرف الضنك والمجاعة، فالله سبحانه وتعالى اوجد هذا الشعب على هذه الارض وانزل اليهم الخير، يقول رب العزة والجلال"بلدة طيبة ورب غفور".
حسابات الحقل والبيدر الكويتية في هذا الزمان لا تنطبق على محصول الحنطة قبل وبعد درسها، انما حسابات الحقل تنسحب على محصول النفط والمنتج منه، والمصدر والمباع، والأموال التي تحصلت جراء البيع، فميزانية الكويت، للأسف، منذ أفاء الله على هذا البلد بالنفط بقيت كما هي لم تتغير، فأكثر من 98 في المئة من الموازنة السنوية تتحصل من ايرادات النفط، فتتضخم المصروفات وتزداد المطالبات الشعبية، ويزداد السكان، وتبقى أسعار النفط متأرجحة بين الارتفاع والانخفاض، ويقف وزراء المالية على منصات مجلس الامة لقراءة وعرض الموازنة امام الاعضاء، ويعلنوا الفجوة بين المصروفات والإيرادات، الامر الذي يجعل وزير ماليتنا يضرب كفا بكف، ويغني مع المرحوم الفنان عبدالله فضالة" بايدي جرحت ايدي"، فلو كانت الحسابات دقيقة، ولو كانت المصروفات رشيدة، لما وقعت البلاد وموازنتها في العجز والعسرة، فالكويت تبقى بخير، لا ينام فيها المرء جائعاً، الا ان سوء الادارة، ومقولة "اليوم خمر وغداً امر"هي، لعمري، السبب بضياع الحسبة.
هناك الكثير من الاخطاء القاتلة التي ترتكب باسم التنمية والرفاهية، وهي اكذوبة وتوهمات يغطون بها أخطاءهم ويهربون من قول الحقيقة.
من الجدير الا نغمض عيوننا عن الحقيقة، وهي ان الادارة الحكومة فاشلة، وغير جديرة بالمسؤولية، وتالياً بالثقة، فمن يصرف بلا تمحيص هو من الحمقى والجهلة، واستغفر الله من قول الجهل والحمق لأناس جديرين بالاحترام، لكن هناك شيء ما يفصل بين الحقيقة والواقع، فالعجز في الموازنة في كل عام مالي يحتاج الى توضيح، ووضع النقاط على الحروف.
نحن اسخياء مع الخارج، بلدان لا وجود لها على الخريطة الكونية ندفع لها الملايين، حيناً على شكل قروض بفوائد لا تتعدى الواحد في المئة وعلى مدى عقود، وحيناً منح مليارية او مليونية غير مسترجعة، بينما تعاني شوارعنا والبنية التحتية من الانهيارات والمصائب، ورغم تذمر الناس، لكن حكومتنا لا ترى ولا تسمع، لأن وزراءها مشغولون بكيف يحافظون على مقاعدهم، وكيف يعمون عيون النواب هروباً من الاستجوابات.
خلاصة القول، في الكويت لا حقول ولا بيادر، فأنت امام خلطة من نوع خاص لا تجدها الا في الكويت، ومن حكومة دولة الكويت.
... وللحديت بقية.
كاتب كويتي
آخر الأخبار