منوعات
حسان بن ثابت شاعر الرسول المُؤيَّد بروح القدس
الأربعاء 14 أبريل 2021
5
السياسة
شعراء النبيإعداد - نسرين قاسم"الشعر ديوان العرب، ومصدر معارفهم، ومستودع عاداتهم وتقاليدهم، وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، تقيم الاحتفالات، وتنصب الرايات، وتدعو للولائم ابتهاجاً بهذا الحدث العظيم، وفي هذه الحلقات نتناول أحد الشعراء أو القصائد التي تكرس القيم الإسلامية وتناصر العقيدة".يقول مادحاً النبي: وقال الله: قد أرسلت عبدًايقول الحق ليس به خفاءوقال الله: قد يسرت جندًا هم الأنصار عرضتها اللقاءلنا في كل يوم من معد سباب أو قتال أو هجاء كنيته أبو الوليد، واسمه حسان بن ثابت، ولد في المدينة المنورة لأبوين من قبيلة الخزرج، نشأ منعما في بيت من بيوت الوجاهة والشر، وكان أبوه من سادة قومه وأثريائهم.وتذكر كتب التراث، أن المدينة كانت قبل الاسلام ميدانًا للنـزاع الدائم بين قبيلتي الأوس والخزرج، وكان قيس بن الخطيم شاعر الأوس والمتحدث باسمها، في مواجهة حسان بن ثابت، فصارت له بذلك شهرةٌ واسعة، كذلك فقد اتاحت له تلك المعارك الالمام بتاريخ العرب وأحوالهم، واتصل بالغساسنة يمدحهم بشعره، ويتقاسم مع النابغة الذبياني أُعطيات بني غسان، وطابت له الحياة في ظل تلك الشهرة والأموال، الى ان حانت ساعة لقائه بالإسلام، فكانت فتحا عظيما اعز الله به عباده، وانعم عليهم بلسان عربي مبين، يرد عنهم اذى الكفار، ويذود عن حياضهم ببلاغته التي تطيب لها النفوس.يقول في النبي: نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسلوالأوثان في الأرض تعبد فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا يلوح كما لاح الصقيل المهنـدبعد إسلامه علا صوت المعارك اللسانية مع الكفار، فانبرى حسان ليخوض غمار معركة اعتاد على الفوز فيها منذ الجاهلية، وفي ذلك رواية طويلة في صحيح مسلم عن عائشة جاء فيها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اهْجُ قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ" فدخل عليه حسان، وقال: "وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الأَدِيمِ"، فَقَالَ النبي: "لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا"، فذهب حسان الى ابي بكر، وعلم منه نسب النبي لكيلا يذكرهم بسوء في شعره ثم رجع للنبي وقال: "لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ"، فقال له النبي: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ، فقال حسان قصيدة طويلة جاء فيها:هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُوَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الجَزَاءُهَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًارَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُفَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِيلِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ فلما اتمها اعجب النبي بها وقال لصحبه: "هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى"، فقد كان مدحه للرسول وأصحابه صادقا يبتغي مرضاة الله، وهو بذلك يختلف عن المدح المعروف قبل الاسلام، الذي كان يسعى لنيل العطايا، فقد كان يرى في إعلاء الدين، ورد هجوم المشركين بشعره عملا يتقرب به الي الله، وفي ذلك يقول:مع المصطفى أرجو بذاك جوارهوفي نيل ذلك اليوم أسعى وأجهداما هجاؤه للمشركين فكان حربًا شعرية، استخدم فيها كل خبراته ومعارفه، وكان من فطنته انه لم يكن يهجو قريشًا بعبادة الأوثان فقط، بل بهزائمهم في الجاهلية، وكان يُعيرهم بمثالبهم وأنسابهم، وهو ما كان يغيظهم، ولو كان يهجوهم بالكفر وحده ما بلغ منهم كثيرا: فإن أعرضتمو عنا اعتمرناوكان الفتح وانكشف الغطاءوإلا فاصبروا لضراب يوميعز الله فيه من يشاء