يتبادر إلى الذهن حين نسمع عبارة "حظر تجول" أن الفيلم الذي يحمـل هـذا العنـوان يتنـاول مـوضـوعاً سياسياً بامتيـاز، لكن المخرج المصري الشـاب أمير رمسيس، سعـى من خلال عمله الأخير، الذي عـرض في المسابقـة الدوليـة لمهـرجـان القاهرة السينمائي الـ42، إلى إسقاط حظر اجتماعي آخر يتناول جـريمـة ارتكبتها زوجـة مظلومـة ودفعـت ثمنها غالياً، والفيلم نال جائزة أفضل ممثلة لبطلة ومنتجة الفيلم الفنانة إلهام شاهين.تدور أحداث الفيلم خلال فترة "حظر التجول" التي عاشها المصريون بعد خلع حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في العام 2013، ولكن القصة بعيدة كل البعد عن مجريات الثورة المصرية.يقول رمسيس "خلال أيام تطبيق حظر التجول، شعرت بالاختناق، وقتها فكرت كيف يمكن لي أن أكون موجوداً 12 ساعة في مكان مغلق مع شخص لا أريد مواجهته؟".من هذه الفكرة، تطورت لديه فكرة اختيار هذا الزمن بالتحديد لسرد أحداث فيلمه. ويروي الفيلم قصة امرأة سجنت 20 عاماً بعد أن قتلت زوجها، لكنها لم تفصح لابنتها عن أسباب الجريمة لحمايتها من حقيقة مرة، وهي أن والدها كان متحرشاً بها ويسيء معاملتها أي أنه ارتكب جريمة "زنا المحارم".ويقول رمسيس إنه بدأ كتابة السيناريو العام 2017 بعدما تابع في الصحف "مجموعة كبيرة من قضايا متتالية من العنف ضد المرأة في فترة زمنية قصيرة، وكلها يجمعها شيء واحد هو الصمت وعدم الإعلان خشية المجتمع".ويضيف: قضايا التحرش أو الاغتصاب أو الزنا التي تقع في المجتمع المصري أو العربي "المحافظ" تنفجر عندما تتحول إلى جرائم قتل. ويرى "أن الفعل نفسه لا يتم تجريمه مجتمعياً بما يتناسب مع حجم الجريمة".ويشير رمسيس، إلى أن بين "تلك القضايا التي قرأ عنها كانت سعي أم إلى تبرير محاولة ابنها اغتصاب أخته، وهذا الموقف استفزني أكثر من الفعل نفسه. هذا التبرير المجتمعي لجريمة زنا المحارم أصبح سؤالاً يؤرقني".وتجسّد الفنانة إلهام شاهين شخصية "فاتن" في فيلم "حظر تجوّل"، وهي الأم المضحية حتى النهاية. وقد نالت جائزة أفضل ممثلة في الدورة الـ42 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن هذا الدور.ويتابع رمسيس "تصل القضية إلى الشرطة، لأن جريمة قتل حدثت، ويظهر أن بعض الأشخاص كانوا يعرفون (أشياء عن القتيل) وصمتوا لسنوات.. الصمت مثلاً كان خيار الجارة التي عرفت أن زوج فاتن دائم التحرش بابنته واكتفت بمنعه من زيارتهم".وتقول الفنانة إلهام شاهين: إن أصعب شيء يواجهها في الفترة الحالية هو اختيار الأدوار، موضحة: "أنا شخصية متمردة جدا ولا أحب الأدوار المثالية، بل أحب الأدوار المتهورة والمتطرفة"، مؤكدة أن "كل مشاهد فيلم حظر تجول صعبة جدا".من جانبـها، أبدت الفنـانــة أمينــة خليــل، سعادتها بدورها في "حظر تجول"، مشيـرة إلى أن شخصيتـها فى الفيـلم جريئـة وجذابة لأي ممثـلة، وقـد تعـاملت مـع النجـمة إلهام شاهين بشكل مباشر للمرة الأولى أمام الكاميرا، وكانت رغبة من المخرج، حتى يحدث ارتباكا بينهما وهو المطلوب فى اللقاء الأول دراميا.وأشار المخرج أمير رمسيس، إلى أن ثمة قوانين يجب إعادة النظر فيها خصوصاً تلك التي تخص العنف ضد المرأة. ويضيف "لكن في البداية يجب تصحيح نظرة المجتمع لمن هم في الأصل ضحايا وليسوا مذنبين".ويضيف "حكم المجتمع على وقائع الاغتصاب يدفع المجني عليه إلى الشعور بالعار، وإلى الخوف والصمت. هذا التواطؤ والتقليل من حجم الجريمة جزء من المشكلة.. المجتمع يدين المجني عليها ويعذر الجاني".وتأخر عرض الفيلم نحو 3 سنوات، بسبب انشغال رمسيس بمهامه كمدير فني في مهرجان الجونة السينمائي.ويشارك في بطولة الفيلم الفنان الفلسطيني كامل الباشا.وبعد مشاركة الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي، سيعرض بالصالات المصرية في 23 ديسمبر. وسيشارك في 2 من المهرجانات السينمائية المقبلة.وأخيرا يأمل المخرج رمسيس في أن يغير الفيلم "نظرة المجتمع أولاً" تجاه قضايا الانتهاكات الجنسية، "حتى يصير في الإمكان مواجهتها قانونياً".

إلهام شاهين