خبراء: الفوائض المالية… الفرصة الأخيرة للإصلاح الاقتصادي

طالبوا عبر”السياسة” بالبحث عن مصادر جديدة للدخل… وسرعة تفعيل المشاريع الستراتيجية المعطَّلة
- د.مشعل السمحان: تسريع آلية عمل الصندوق الكويتي للاستثمارات المحلية يعجل باستغلال الفوائض
- د.عبدالسميع بهبهاني: ضرورة ضخ مزيد من الاستثمارات لزيادة قدرة الكويت القابلة للإنتاج إلى 55 مليار برميل بحلول 2040
- د.أحمد الكوح: الأولوية لتنفيذ المشاريع الكبرى المعطلة في القطاعات النفطية والسياحية والتجارية والاستثمارية



بهاء الدين فتحي
حققت دولة الكويت خلال الاشهر الماضية فوائض مالية حقيقية لا بأس بها بالنسبة لايراداتها النفطية تقدر بنحو 6.4 مليار دينار نتيجة ارتفاع اسعار الخام الكويتي عن السعر المحدد لبرميل النفط في الموازنة الحالية 2023 / 2024 ، وعلى الحكومة الكويتية الحالية استغلال هذه الفرصة التي قد لا تتكرر خلال السنوات المقبلة بعد عدد من السنوات الماضية العجاف والتي لم تحقق فيها سوى مزيد من العجز المالي .
وينصح بعض الخبراء المتخصصين في القطاع النفطي بالتفكير في بدائل جديدة او بدائل موجودة بالفعل وغير مفعلة لاستغلال هذه الفوائض المالية النفطية لدعم مشاريع التنمية في الكويت من خلال خطط جيدة محكمة ضمن ستراتيجية 2040 .
وطالبوا بوضع أهداف وأولويات محددة يمكن تنفيذها خلال خطة 2040 بتحويل جزء من هذه الفوائض النفطية إلى استثمارات في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والسياحة والبنى التحتية ، بما يؤدي الى تحقيق حلم تنويع مصادر الاقتصاد الذي طال انتظاره.
واكد الخبراء على ضرورة تحويل جزء من هذه الفوائض في صقل وتدريب القوى العاملة الوطنية وتقديم برامج تعزز مهاراتهم وتزيد من فرص توظيفهم، وكذلك تعزيز قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال بما يساهم في توليد فرص عمل جديدة وتنويع مصادر الدخل الاحادي.
توظيف الفوائض
وقد تواصلت “السياسة” مع هؤلاء الخبراء لاستكشاف رأيهم في كيفية توظيف هذه الفوائض بما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي على المدى القريب والمتوسط، بداية قال خبيراقتصادات الطاقة د مشعل السمحان ان اسعار النفط المرتفعة خلال العامين الماضيين الناجمة عن بعض الظروف الجيوسياسية العالمية كالحرب الاوكرانية اعطت ميزانية الكويت فرصة للتنفس والعودة الى مرحلة الفوائض بعد سنوات عجاف من العجز المالي ، لافتا الى ان هذه الفوائض لم تعد مستدامة كما كانت في السابق ولكنها تتأرجح حسب ظروف السوق العالمي.
واضاف اننا بحاجة الى ان تظل الاسعار مرتفعة حتى يمكننا تحقيق المزيد من الفوائض لمواجهة زيادة حجم الموازنة الكويتية والتى باتت تصل الى 26 مليار دينار ، مقارنة بنحو 6 مليارات دينار في السابق، لذا على ادارة الدولة استغلال هذه الفوائض او جزء منها في تنفيذ مشاريع تنموية من شأنها ان ترفع ايرادات الدولة غير النفطية من خلال خطوات حقيقية وجادة بدلا من ترك الامور بلا قوالب مما يؤدي الى ضعف في النتائج والمخرجات. او مشاريع مصرف بلا مردود كمشروع بيع الاجازات والذي كلف الميزانية 2.5 مليار دولار.
الصندوق الكويتي للاستثمارات المحلية
وطالب السمحان بسرعة تفعيل الصندوق الكويتي للاستثمارات المحلية “سيادة” الموجود بالفعل ضمن برنامج الحكومة الحالي لاستغلال فوائض الايرادات النفطية الحالية لانها فوائض غير مستدامة وغير مضمون تحقيقها كل عام ، ولعل هذا الصندوق احد السبل المهمة والذي يجب تفعيله خلال دور الانعقاد الحالي او من خلال مرسوم باقراره بما يعظم ايرادات الدولة .
واكد ان هناك مشاريع محلية كبرى يمكن ان يغطيها هذا الصندوق مثل مشروع مترو الانفاق وميناء مبارك الكبير ومشروع البتروكيماويات الملحق بمحطة الزور وطريق الحرير ومشروع الجزر ، وكلها مشاريع واعدة يمكنها ان ترفد ميزانية الدولة بمصادر دخل جديدة ترفع الايرادات غير النفطية للموازنة.
نقلة نوعية
وقال السمحان حتى نضع الامور في نصابها ونسمي الامور بمسمياتها الصحيحة ، فإن هذه الفوائض هي جزء من ميزانية دولة الكويت ولتحقيق خطة 2040 نحن بحاجة ماسة لتعديل مفهوم ميزانية دولة الكويت واخراجها من الوضع المحاسبي الحالي ( ايرادات ومصروفات ثم عجز او فاض) لان هذا النظام لن يساهم في انجاح الخطة.
واوضح اننا نمر الان بمرحلة مهمة في ظل هذا التنافس بين ستراتيجيات دول المنطقة، والحاجة الماسة لتحقيق نقلة نوعية وهي محاولة انجاز خطة التنمية الموضوعة والتي تعثرت وتأخر تنفيذها لمدة 10 سنوات منذ العام 2015، لذا علينا الا ندخل في مشاريع جديدة يصعب تنفيذها ضمن الستراتيجية الحالية، مؤكدا ان التعاون الحكومي والنيابي لإنجاز واقرار التشريعات اللازمة بات اهم الاولويات خلال الفترة الحالية بل والمستقبلية.
تعظيم الايرادات
من جانبه قال الخبير النفطي د عبدالسميع بهبهاني ان الكويت بحاجة الى استغلال الفوائض النفطية الحالية في مشاريع نفطية وغير نفطية تصب في النهاية في تعظيم الايرادات وزيادة مصادرالموازنة الكويتية، لافتا الى ان عليها زيادة الاستثمارات في المشاريع النفطية سواء في انتاج الخام او زيادة القدرة التكريرية لمواجهة الطلب العالمي الحالي وخصوصا الاوروبي، حيث تشتري الدول الاوروبية في الفترة الحالية المنتجات الكويتية بسخاء.
واضاف ان الكويت مازالت تمتلك فائضا كبيرا في احتياطيها النفطي القابل للانتاج والمقدر حاليا بنحو 35 مليار برميل برميل، وهناك 100 مليار اخرى تحتاج الى مزيد من الاستثمارات لزيادة قدرتها القابلة للانتاج الى
نحو 55 مليار برميل بحلول العام 2040 ، حيث تسعى المنشآت النفطية لرفع اوزيادة انتاجها النفطي بنحو 30% حتى يمكنها الوصول لطاقتها المستهدفة بحلول العام 2040، مشيرا الى ان الفترة الحالية لايمكن خلالها مهما خصصت الدولة من استثمارات جديدة في البنى التحتية النفطية من تحويل
الـ 100 مليار برميل من احتياطاتها النفطية الى طاقة قابلة للانتاج.
وطالب بهبهاني بسرعة توجيه الفوائض او جزء منها الى مشاريع سياحية ، متسائلا هل يعقل ان الكويت تمتلك 5 جزر بكر و 120 كم شريطا ساحليا ولا تمتلك رؤية سياحية داخلية او مشاريع ترفيهية قوية ، كما ان هناك بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج لمزيد من الدعم لانها تكمل مشاريع القطاع النفطي الكبيرة ، مشيرا الى بعض المشاريع التنموية الكبرى المعطلة والتي تحتاج الى مفاوضات جادة مع الجار العراقي قبل تنفيذها مثل طريق الحرير وميناء مبارك المعطل.
عوائد مادية
بدوره اكد د احمد الكوح الأستاذ المساعد في كلية الدراسات التكنولوجية والمتخصص في النفط ان الدولة امامها فرصة جيدة للتوسع من خلال هذه الفوائض في خطتها الستراتيجية 2040 لانها بحاجة الى زيادة ايراداتها سواء النفطية ام غير النفطية ، ولكن الاهم في الفترة الحالية النظر لعوائد هذه المشاريع على المواطنين، فأغلب المواطنين بحاجة الى ان يلمسوا او يشاهدوا العوائد المادية لهذه المشاريع عليهم.
واضاف يمكننا الاستفادة من التجربة السعودية وتوسعاتها الاقتصادية المتسارعة ليس في قطاع النفط والبتروكيماويات فحسب ، بل في المشاريع السياحية الضخمة ونظيرتها التجارية والخدمية والاستثمارية ، لافتا الى مشروع جسر جابر فهناك من يرى انه سلبي بلا عوائد ، وهناك من يرى انه ايجابي، ولاشك ان جسر جابر سيخدم مشاريع مستقبلية كثيرة كمشروع ميناء مبارك المستقبلي او حتى مشروع تطوير الجزر الكويتية، مما يؤكد عوائده المستقبلية.
وقال الكوح ان المشاريع الستراتيجية الكبرى ستكون لها الاولوية لدى الحكومة كالمشاريع النفطية ومشاريع التكرير والبتروكيمايات وصناعات اللدائن والبلاستيك وغيرها من الصناعات والتي من الممكن ان تعود بالنفع على المواطن في المدى القريب.