منوعات
دمشق... فسطاط المسلمين تصدت لحملات الصليبيين
الاثنين 26 أبريل 2021
5
السياسة
إعداد ـ علا نجيب:"هذه هي الحواضر والمدن التي أسسها المسلمون اواستوطنوها على مدار التاريخ بعد فتوحات عظيمة تخللتها ملاحم من البطولة والفداء، فخرجت من الظلمات الى النور، وتحولت الى منارات للعلم وكعبة للباحثين عن الحق والنور".دمشق: وصفها المؤرخون بالمدينة الفيحاء وفسطاط المسلمين، وقال عنها البحتري: "أما دمشق فقد أبدت محاسنها وقد وفى لك مطربها بما وعداكأنما القيظ ولى بعد جيئته أو الربيع دنا من بعد ما بعدا ".وذكرها ابن بطوطة قبل سبعة قرون فقال "أنها جنة لا تنقضي و فيها سوق لا نظير لحسنه وفيها الكثير من المساجد والبيمارستان".لم تكسرها الحملات الصليبية، ولم تنل من صمود أهلها، حتى ان المستشرق الفرنسي لابوركيه تعجب من ولعهم بالحياة وتشبثهم بها، ولا غرابة في ذلك فهي تعد احدى أقدم المدن الحية في العالم، والشاهدة على ولادة حضارات عدة ، أصبحت عاصمة الدولة الإسلامية في العهد الأموي، وحافظت علي مكانتها كواحدة من المدن المهمة طيلة التاريخ، ترعرع بها اعلام تركوا بصماتهم على الحضارة الإنسانية بأسرها، كابن عساكر في التاريخ،و ابن النفيس في الطب، وابن تيمية وتلميذه ابن القيم في الفقه.تقع دمشق على بعد ثمانين كيلو مترا من الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط على هضبة يصل ارتفاعها نحو 700 متر، وفي الماضي السحيق كانت عاصمة للحكم الآشوري ثم الكلداني، وبعدها أصبحت مركزا رئيسيا للغزاة للرومان، فأحكموا سيطرتهم عليها من خلال الخنادق والحصون التى أقاموها حول احيائها ليصعب احتلالها، ولعل هذا ما دفع القائدين خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح لتوزيع قادة الجيش الإسلامي الفاتح على أبواب المدينة الخمسة أثناء محاولات اقتحامها، والتي كللت بالنجاح بعد مقاومة عنيفة من الجيوش الرومانية.طاب لمعاوية العيش فيها بعد تعيينه واليا على الشام، ثم اتخذها عاصمة لدولته، وأنشأ خلفاؤه بها معالم متميزة، مثل الجامع الأموي والذي أمر ببنائه عبد الملك بن مروان، وخلال الحروب الصليبية تصدرت الخطوط الامامية لمواجهة العدوان الأوربي، وحافظت على أهميتها طيلة العصر المملوكي الى ان أصابها الإهمال ابان الحكم العثماني، وفقدت الكثير من رونقها وانخفض عدد سكانها بشكل حاد.من اشهر معالمها القلعة السلجوقية التي استعصت على صلاح الدين، ولم تستسلم حاميتها إلا بعد قتال عنيف، كما تشتهر بأبوابها الحصينة التى أحاطت بها لحمايتها من غارات البدو منذ العهد الروماني، وتتميز أيضا بوجود الكثير من الأسواق الحيوية والتي تتخصص في سلع متنوعة كسوق النحاسين والحرير والصاغة والعطارين، إلا ان سوق الحميدية يعد أهمها واشهرها على الاطلاق، اذ ُبني فى العصر الآرامي، وتم تجديده في العصر العثماني، ولا يزال محتفظا برونقه وجاذبيته للمواطنين والسائحين حتى يومنا الراهن.والى جانب معالمها واسواقها فقد عرفت بكثرة مدارسها التي وصل عددها في العصر المملوكي إلى 100 مدرسة، كانت تضم قاعات للطلبة وحجرات للمعلمين، كما اشتهرت بالمشافي التي لم تقتصر على علاج المرضى، بل كانت اقرب الى المعاهد المعاصرة، وكانت تقوم بنشر المعارف الطبية، وتدريب الأطباء على التشخيص، وإجراء العمليات الجراحية. وكانت تكاليف إنشائها تصرف من بيت المال أو الاوقاف المخصصة لها وهي كثيرة ومتنوعة، ومن اشهرها البيمارستان النوري الذي بلغت مساحته نحو 10 آلاف متر مربع، وكان معروفا بتقديم أفضل أنواع الطعام للمرضى، وكان العلاج فيه يتوافر بلا مقابل لكل المرضى على حد سواء اغنياء او فقراء، ومسلمين وغير مسلمين،وتعددت أقسام العلاج فيه تجنبا لانتشار العدوي، فكانت هناك أماكن مخصصة للمحمومين، وأماكن لمرضى العيون، وأخرى للأمراض الصدرية، إضافة الى قاعات لتجبير الكسور، والغريب انها كانت تتوزع بكثرة في كل احياء المدينة لتكون قريبة من المرضى وتوفر عليهم وعلى ذويهم عناء الانتقال لمسافات بعيدة.