الأحد 14 ديسمبر 2025
19°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

سمرقند "ياقوتة"المدن خرَّبها المغول

Time
الاثنين 12 أبريل 2021
السياسة
إعداد - علا نجيب:

لا تُذكر سمرقند إلا ويُذكر معها رواية أوردها البلاذري في فتوح البلدان، والطبري في تاريخه تظهر سماحة الإسلام وعدالته من ناحية، وزهد وتواضع الخليفة العابد عمر بن عبد العزيز من ناحية أخرى، وملخصها ان اهل المدينة ارسلوا شكوى للخليفة تتهم قائد الجيش الإسلامي الفاتح قتيبة بن مسلم الباهلي بتجاهل تعاليم الإسلام عندما غزا بلادهم، اذ لم يخيّرهم بين الجزية او الحرب، وباغتهم دون سابق انذار، فكتب يأمر واليه سليمان ابن أبي السري بعرض المظلمة على القاضي، وكان اسمه "جميع بن حاضر"، فنظر فيها واستجوب نائب القائد؛ لأن قتيبة كان قد مات، فأقر بأنهم فتحوها بغتة لخشيتهم من تحصن أهلها اذا عرفوا بمقدمهم، ولكن القاضي المسلم رفض تبريره، وأصدر أمراً لا نظير له في التاريخ، إذ حكم بإخراج جيش العرب من سمرقند في الحال، لأنَّ دخوله البلاد خالف تعاليم الإسلام.
ولم تكد تمر ساعات على المحاكمة، إلا وفوجئ اهل المدينة بما لا يتخيَّلون، فقد بدأ العرب في جمع متعلقاتهم، وامتطوا جيادهم مسرعين التزاما بأمر القاضي، وفي غضون أيام معدودة لم يبق على ارض سمرقند مقاتل عربي من بين ثلاثين الفا دخلوا المدينة فاتحين واستوطنوها لعدة سنوات، فما كان من الأهالي الذين اهتزوا من عظمة الموقف، إلا أن أعلنوا إسلامهم، بعدما شاهدوه من عدالة المسلمين، ودخلوا فى دين الله أفواجا.
تقع سمرقند ضمن حدود أوزبكستان حاليا، ومعناها بالفارسية وجه الأرض، وصفها ابن بطوطة بأنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا، تضم قصورًا عظيمة، وعمارة تُنْبِئ عن هِمَّة أهلها، وشبهها ابن فضلان بالياقوتة الراقدة على الضفة الجنوبية لنهر زرافشان.
تعرضت سمرقند للتخريب على يد المغول، واستمرت تعاني حتى جاء تيمورلنك في القرن الثامن فأعاد بناءَها، وتحولت فى عصره لمدينة رائعة العمارة، وجعلها عاصمة لمملكته الواسعة، ولولعه باللون الأزرق طلى شوارعها وقصورها، ومساجدها باللون الازرق مع تداخلات باللون الأبيض وقليل من الأخضر، مستعينا بأمهر البناة من بخارى، والحرفيين من دلهى، وعمال البلاط والموزاييك من شيراز وأصفهان، وعمال الفضة والنحاس من الاندلس.
شيد تيمورلنك أيضا قلعة غربى المدينة، حفر حولها قنوات مياه عميقة وأحاطها بالحدائق الرائعة، واندهش "دوكاليفو"، مبعوث هنرى الثالث، ملك قشتالة الأسبانى، من شدة الثراء الذى يعيش فيه أهل المدينة، عند زيارته لها، ما جعل الشاعر الإنجليزى، "فليكر" يطلق عليها اسم "سمرقند السعيدة".
كثرت المساجد فى سمرقند، وتحول بعضها لمتاحف ومزارات، مثل، المسجد الجامع، الذى شُيد فى القرن الرابع عشر، وعُرف باسم"بيي خانوم"، زوجة تيمورلنك الأولى، ويشتهر باسم "جوهرة سمرقند"، واتسم بالقباب المزخرفة التي يجاور بعضها البعض.
ويعد قبر"تيمورلنك"، بقبته الفيروزية المضلعة التي تعلو الضريح رائعة من روائع الزمان، إذ نقشت عليه زخارف فسيفساء، ويعرف باسم"ضريح الأمير كور"، أو مدفن خلفاء الأمير تيمور، أما الأضرحة الأخرى فاشتهر منها، ضريح الإمام البخارى الواقع في إحدى ضواحى المدينة، وضريح الصحابى،"قثم بن العباس بن عبد المطلب"، ويجاوره مسجد"خاقاه"، وضريح"الأميرة ترمان آفا"، زوجة تيمورلنك الثانية ببوابته المكسوة بالفسيفساء.
آخر الأخبار