أحمد الجاراللهإنها فسحة الأمل التي أخذت تتَّسع لتعود للكويت قوتها، وتستعيد ما فقدته في سنوات التيه، في ظلِّ مجالس وزراء تخبَّطت بما فيه الكفاية، حتى كادت تفقد الدولةُ مناعتَها، وكذلك مجالس أمة استشرس فيها النواب إلى حدِّ الهيمنة حتى على الابتسامة لدى الكويتيين.نعم سمو ولي العهد نائب الأمير، هذا كان واقعنا قبل الإجراءات الحازمة التي أمرت بها والتي تُطبَّق رُويْداً، بصفتك المؤتمن على الوطن، ورؤيتك إلى كويت جديدة، تُضاهي في التطور مثيلاتها في الخليج، بل العالم، وتوجيهات سموك الواضحة والصريحة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بالعمل ليل نهار على تخليص البلاد من براثن الفساد، الذي جعل المواطن يفقد الأمل، إلا أن ضوءاً ساطعاً انبعث فيه عَبْرَ القرارات الجريئة التي بدأت تُتَّخذ، وتُنفَّذ فوراً.اليوم لا بدَّ من التوقف عند أمر مهم جداً، يتعلَّق بشريحةٍ لا بأس بها من شباب الكويت، الذين آمنوا بوطنهم، والعمل من أجل المُساهمة بحركته الاقتصادية، أقصد أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين لا بد أن يكونوا محل عناية سمو رئيس مجلس الوزراء المُبادر والنشيط، الشيخ أحمد النواف، الذي ترك في نفوس المواطنين، بل الخليجيين كافة، الكثير من الاطمئنان بجولاته المستمرة على مؤسسات الدولة، والتي نتمنى أن تستمر وتنشط أكثر.سمو الرئيس...لقد تأسس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليكون عوناً للشباب في المبادرة إلى إطلاق مشاريعهم، لكن للأسف -ورغم رأس المال الضخم المخصص له- وَقَعَ في محظور التلاعب، ليس من طالبي القروض، بل من القيِّمين عليه، الذين أنفقوا الكثير من أمواله، على الرفاهية الذاتية، والسيارات، والبدلات، والهواتف، والسفر إلى الخارج.في المقابل، وبدلاً من إعانة الشباب، خلق مسؤولوه دورة مستندية مُعقَّدة، وإجراءات تصل إلى حد التعجيز، رغم ذلك أقبل الشباب على الاقتراض منه، بعد جهد جهيد، ولم يبخلوا بوقتهم وجهدهم في ذلك، وأسسوا مشاريعم.فجأة حلَّت في العالم، والكويت، جائحة "كورونا"، التي تسبَّبت بالكثير من الخسائر للاقتصاد المحلي، وبالطبع كان هؤلاء الشباب أولى الضحايا، فوجدوا أنفسهم في مواجهة المحاكم التي أحال إليها الصندوق الدعاوى بالجُملة، فلم يكن أمامهم إلا دخول السجن، أو المنع من السفر، أو السداد ولو بالاقتراض، فيما البعض الآخر، اضطر إلى الهجرة للدول المجاورة، أكان في السعودية أو الإمارات، أو قطر، وغيرها من الدول، حيث وجد الرعاية والتسهيلات الكبيرة لبدء مشروعه المنقول من الكويت.لقد عومل هؤلاء كأنهم لصوص، وليسوا أصحاب رؤية وطنية، حتى لو كانت هناك بعض الأخطاء في مشاريعهم، أو التلاعب، إلا أن الكثير منهم سعوا إلى العمل بكد ونشاط، لكن الظروف الوبائية وملاحقات الصندوق جعلتهم يكفرون بوطنهم، وربما بأي مبادرة في المستقبل.سمو الرئيس...من مُقوِّمات العدل جَعْلُهُ واقعاً محسوساً ومشاهداً، بإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقه، وإغاثة المنكوب، ومساعدة المُتعثر، إذ لا يُمكن لدولةٍ إصلاح نفسها إذا لم تُكل عثرات شبابها، وتدعمهم لمواجهة الحياة، وتُيسِّر لهم سُبل النجاح، لذا إذا جلت سموك في بعض أسواق الكويت ومنها المباركية، لرأيت بأم العين عدد المحال المقفلة، وكلها لأصحاب المشاريع الصغيرة، وهذا ظلم كبير لهذه الشريحة التي هي الأمل.من هنا وجب أن تنظر إلى هؤلاء، وتشجعهم على العودة إلى مشاريعهم، حتى المسجونين منهم، تُطلقون سراحهم، وترفع منع السفر عنهم؛ ليسعوا في الأرض وبالكون من رزق الله، وتُعيدوا إليهم ثقتهم للمُبادرة من جديد؛ لأنهم عماد إنعاش الاقتصاد الوطني، إذا منحوا الفرصة من دون ملاحقات بوليسية، وكل هذا لا بد أن يُواكب إصلاح الصندوق؛ كي لا يتكرَّرَ الظلمُ.
[email protected]