صحابيات في الإسلامإعداد - ريندا حامد:الصحابيات هنَّ القدوة الحسنة للنَّساء المُسلمات، ضربْن أروع الأمثلة في الجهاد والتَّضحية في سبيل الله، سواءً كأمهات وزوجات صبرن على التعذيب والاضطهاد وفَقْد الأزواج والأبناء والأخوة، أو كمجاهدات شاركن في الغزوات بتمريض الجرحى، وسقي العطشى، وإعداد الطعام أو كراويات للأحاديث ومحفظات للقران.كانت ولاتزال، مثلاً أعلى يحتذى في قوة الإيمان والصبر على أقوى درجات العذاب، لتكون أول شهيدة في الإسلام، بعد أن ضحَّت بحياتها من أجل دينها، إنها الصحابية الجليلة سمية بنت الخياط التي يذكرها التاريخ بأنها من أوائل الذين دخلوا الدين الإسلامي.تزوجت "سمية" من ياسر بن عامر، وأثمر هذا الزواج ولدًا أطلقا عليه اسم عمار بن ياسر، فأعتقها أبو حذيفة، لتصبح امرأة حرة.
عاشت سمية بنت الخياط حياتها تربي طفلها عمار، ثم جاء النبيُّ محمد -عليه الصلاة والسلام- يدعو إلى دين جديد، ينادي بالمساواة بين الناس وأنه لا معبود سوى الله وحده لا شريك له.عندما بدأ رسول الله في دعوة أهل مكة للدخول في الدين الإسلامي، سمعت سمية بنت الخياط بذلك، فانجذبت له، وشرح الله صدرها فلم تبال بما تراه أمامها من تعذيب أهل مكة لكل من يؤمن بمحمد ودينه، و لم تخف من هذا العذاب، وأعلنت إسلامها وإيمانها بسيد الخلق هي وزوجها وولدها، لتكون من الأوائل الذين دخلوا الدين الاسلامي، مثلما ذكر في حديث عن مجاهد -رحمه الله- أن من أول من دخل الاسلام كان "أبو بكر الصديق وبلال ابن رباح وعمار بن ياسر وصهيب وسمية أم عمار رضي الله عنها وعنهم".فتحت "سمية" بإعلانها الإسلام أبواب الجحيم عليها، إذا تعرَّضت للتعذيب المبرح على أيدي كفار قريش الذين توعدوا بتعذيب كل من يؤمن بمحمد حتى يرجع عن هذا الدين أوالموت، وإمعانا في التعذيب كان بنو مخزوم يختارون أصعب وقت خلال اليوم من حيث قوة الشمس وسطوعها، لتعذيب المسلمين اشد أنواع العذاب ومن بينهم سمية وولدها وزوجها، فلاقت ما لاقت من العذاب البدني والمعنوي، وبالرغم من كبر سنها إلا أنها صبرت وتحملت ما لا يتحمله بشر، بل كان هذا التعذيب يزيدها إيمانًا وقوة وتمسكًا بالدين الإسلامي، الذي عاشت على تعاليمه، وعلمته بدورها طفلها عمار، فنشأ محبا للإسلام، متمتعا بأخلاقه الحميدة.إن صبر سمية جعل سيد الخلق محمداً -عليه الصلاة والسلام- يعدها بالجنة هي وولدها عمار، حيث قال لها ذات مرة أثناء رؤيتها وهي تتعذب: "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ"، فواصلت سمية بنت خياط إصرارها على التمسك بدينها ووقفت صلدة أمام كل ألوان التعذيب التي كان يتفنن فيها كفار قريش، وعلى رأسهم "أبو جهل" الذي كلما وجدها صامدة ضاعف من عذابه لها لكي ترضخ للامر وتتراجع عن دين محمد، فلم يجد منها سوى التمسك بدينها، وفي ذلك قال جابر رضي الله عنها:"يقتلوها فتأبى إلا الإسلام". استفز أبو جهل موقفها وثباتها، رغم تعذيبه الشديد لها، فضربها في قلبها بخنجر فسالت دماء أول شهيدة تؤمن بالله وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في السنة السابعة قبل الهجرة، لتصعد روحها إلى السماء تاركة خلفها سيرتها العطرة.بعد موتها وتحديداً عندما قُتل قاتلها، وهو أكبر عدو للاسلام والمسلمين، أبو جهل، قال رسول الله لولدها عمار رضي الله عنه: "قَتَلَ اللهُ قَاتِلَ أُمِّكَ"، حيث قتل على يد عبد الله بن مسعود، بعد طعنات عدة على أيدي معاذ بن الحارث وشقيقه معوز بن الحارث ولكن لقوة بدنه لم تؤثر فيه إلا طعنة عبدالله ومات على إثرها.