الأحد 11 مايو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

سنوات سياسية عجاف

Time
الثلاثاء 22 ديسمبر 2020
View
5
السياسة
د.حمود الحطاب

التفاؤل خلق الأنبياء، ولو قصصت القصص في تفاؤلهم لما وسعت أمثلتهم الصحف؛ ولكن الحياة البشرية يعتريها أحيانا فأل الغراب وهو الشؤم والخراب بسبب ذنوب بني آدم؛ ذلك المخلوق من الطين والتراب.
ديمقراطية رعاة الغنم في الصحارى والقفار والسهول والوديان لها مفاهيم معقدة لا كحياة الرعي السهلة كما يتصور البعض؛ ديمقراطية تعجز حكمة أفلاطون، وسحر أفلاطيس عن ربط أجزائها ببعضها بفلسفة أو حكمة او بسحر... أفلا يبصرون؟
في ديمقراطية الرعاة يربون كبشا قياديا لقيادة قطيع الغنم يسمونه المرياع؛ يُخصُونه ويقلمون قرونه كي لا يشطح ولا ينطح؛ ولكي يتفرغ لعمله التخصصي وهو قيادة القطيع، حيث يشاء الراعي وتكون قيادتها أحيانا للمذبح والمسلخ.
العجيب أن الغنم تستسلم له لشخصيته المطأطئة رأسها دوما، ولجمال صوته؛ ومما قيل في قصص المرياع أن مرياعا زلّت به قدم في جبل فسقط ومات فتبعته الخراف دون تردد ورمت نفسها وراءه في مكان سحيق.
ومن عجب أن تراها تقاد للمسلخ فلا تفر ولا تقاوم رغم رؤيتها للقطيع تقطع رؤوسه ويسبح في برك من الدماء؛ فقد آمنوا أن المرياع لا يقودهم الا إلى شيء في مصلحتهم. فماذا يمكن لأفلاطون أن يسمي هذه الحالة؟
المرياع؛ أو الخروف القيادي في حياة الرعاة نوعان: نوع يتبع الحمار؛ حمار الراعي؛ ويدرب الحمار على ما يريده راعي الغنم؛ ونوع ثان يتبع الراعي مباشرة؛ وهنا عمق آخر في الحياة الفكرية والسياسية في مجتمع الرعاة يتعب أفلاطون في تفكيك أسبابه وأبعاده؟
هنا تساؤل: لماذا يتبع المرياع الحمار، ولا يتبع الراعي مباشرة، وهل أعطي الحمار دور الريادة واعطي الثقة في هذا النظام الفلسفي الرعوي؟
شخصيا، احترت في التفكير فلا أعرف إجابة.
ليس من ابداع ان تردد ما كتبه الآخرون، حتى ولو كان الكاتب الساحر افلاطيس او الحكيم افلاطون، لكن الابداع هو أن تلتقط صورة بكرا من الحياة وتتصور ابعادها الحياتية والفلسفية والسياسية وبشكل لم يكتب فيه من قبل.
الكلب في حياة الرعي والرعاة هو القوة الغضبية، او الحرسية، وهو الاستخبارات ايضا لما له من قدرة وفطنة وشراسه وقوة شم؛ والاقتصاد في دولة الرعاة والرعي هو العشب والمرعى والثروة الاقتصادية هي الغنم ومنتجاتها؛ وزارة الاعلام في حياة الرعاة هي بيت الشعر او الخيمة؛ وأخبار الرعاة وعلومهم والثقافة هي الشعر والقصص؛ والفن هو الربابة والمزمار أحيانا، ولا أقصد هنا مراعينا، بل كل مراعي العالم.
وديمقراطية حياة الرعاة السياسية ونظام الحكم عموما في حياة المراعي هو نظام الشورى، وهناك قوانين في حياة الرعاة أهمها قانون العيب والرجولة، والكرم والاخلاص وعدم الغدر وعدم الخيانة والصدق والاحترام. لم انتهِ...
في أمان الله.

كاتب كويتي
[email protected]
آخر الأخبار