سوق جمعة للفكر والثقافة والسياسة والعلاقات

د. حمود الحطاب

في الكثير من دول العالم توجد أسواق لها طابعها الخاص عن الاسواق الكلاسيكية؛تباع فيها المنتجات اليدوية ومنتجات المزارع والغذاء المنزلي ونحو ذلك؛ وليس غريبا على المتعودين على السياحة ملاحقة هذه الاسواق لما فيها من النوادر والتحف والخصوصيات.
وفي الكويت ايضا يوجد أسواق جمعة لها طبيعتها الخاصة؛ ولا اكتب الآن عن هذه الاسواق الخاصة بما تبيع وتشتري؛ ولكني اكتب عن سوق خردوات الثقافة والفكر والسياسة والاجتماع والتربية والرياضة وغيرها؛ ففيها اسواق كلاسيكية ايضا وفيها نوادر ولكن ذات طابع خردواتي روبابيكيا كما يسميها إخواننا المصريون.
ففي هذه السوق الخردواتية يمكن بيع الاصدقاء منتهي الصلاحية للصداقة ويجوز فيها بيع بعض الاقارب من هذا الصنف الذي لاخير فيه، ويتوقع شره وبشكل مجرب؛ فيمكن ايضا بيعه في هذا السوق؛ بيعه مباشرة او بيع طبيعة علاقته؛ وهذا يجوز، وما جعل مثل هذا السوق الا لبيع مثل هذه السلوكيات الخردواتية؛ والصديق الذي لايدعو لصديقة بظهر الغيب ولا يتمنى له الخير ويتعامل معه بالنفاق فهذا حري به ان يباع في تلك السوق.
وكذلك تباع في هذا السوق الافكار السياسية البليدة مثل فكر الحكم الديكتاتوري؛ والحكم الفردي والحكم البوليسي؛ وستجد هذه البضاعة رواجا كبيرا وخاصة في عالمنا العربي وسيشترونها مستعملة ولا يساومون على تنزيل اسعارها. وعندي فكرة حديثة جدا للبيع وليست ملكي ولكنها ملك الحكومة وهي فكرة المشاركة في كأس الخليج في البصرة وقد قالها العراقيون يوما: من قايل لك تلعب طوبة؟ وقد رأيتم ماحدث للوفد الكويتي الذي صدمه الاستقبال الفاشل والذي اتوقع أنه كان مدبرا، وهذا من حسن ظني، ويمكن بيع هذه الفكرة اقصد حسن الظن هذا ايضا في سوق الجمعة هذه.
كما يمكن محليا بيع فكرة تعويض المقترضين الذي اكشخوا بسيارات الكروزر والجيبات المرسيدس واللكزس آخر الموديلات ويبون اسقاط الديون ؛ ومو بس اكشخوا فيها بل من فقرهم الحياتي اصبحوا يدقون هرنات متوحشة للسيارات ذات الموديل الاقدم... وآه ياني.
ومن الافكار البالية التي يمكن بيعها في هذه السوق رائعة الفكر التربوي الترقيعي المسمى مناهج الوحدات الدراسية المنفصلة الذي تبنته الكويت ومنذ النشأة الأولى للتعليم المنظم، وهو فكر بال تماما وفكر مهلهل ومقطع وممزق ويعتمد على التلقين والحفظ ويلقي قدرات العقل الأخرى.
والطريف أن الحكومة طلبت من وزير التربية اصلاح التعليم؛ وكأنها اعطته سيارة قديمة لها، وقالت له وهي تشرب استكانة شاي: خذ يابو فلان، خذ هذه السيارة ودها صلحها بشرق، وحتى طلب الحكومة هذا فهو يصلح للبيع في سوق الجمعة هذه. الى اللقاء

كاتب كويتي

[email protected]