محمد الفوزانتداعى المسلمون للجهاد ولقتال الفرس في معركة القادسية فخرج معهم أبو محجن وحمل زاده ومتاعه، ولم ينس أن يحمل خمرا دسها بين متاعه، فلما وصلوا القادسية طلب رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين.وبدأت المراسلات بين الجيشين، عندها وسوس الشيطان لأبي محجن فاختبأ في مكان بعيد وشرب الخمر، فلما علم به سعد غضب عليه وحرمه من دخول القتال وأمر أن يقيد بالسلاسل ويغلق عليه في خيمة، فلما ابتدأ القتال وسمع أبو محجن صهيل الخيول وصيحات الابطال لم يطق أن يصبر على القيد واشتاق للشهادة بل اشتاق إلى خدمة هذا الدين وبذل روحه لله وإن كان عاصيا وإن كان مدمن خمر إلا أنه مسلم يحب الله ورسوله.وأخذ يترنم قائلا : كفى حزنا أن تدخل الخيل بالقنىوأترك مشدودا علي وثاقيايُقَطِّع قلبي حسرةً أن أرى الوغى ولا سامعٌ صوتي ولا من يَرَانياوأن أشهدَ الإسلام يدعو مُغَوِّثاً فلا أُنجدَ الإسلام حينَ دعانياثم أخذ ينادي بأعلى صوته إلى أن يلتفت إلى زوجة القائد سعد ويناشدها أن تطلق سراحه ليشهد المعركة معلناً توبته قائلا هذه الأبيات:سُلَيْمى دعيني أروِ سيفي من العدا فسيفيَ أضحى وَيْحَهُ اليومَ صاديادعيني أَجُلْ في ساحةِ الحربِ جَوْلَةً تُفَرِّجُ من همّي وتشفي فؤادياوللهِ عهدٌ لا أَحيفُ بعهده لئنفُرِّجت أَنْ لا أزورَ الحوانيافسألته امرأة سعد ماذا تريد؟ فقال فكي القيد من رجلي وأعطيني البلقاء فرس سعد، فأقاتل، فإن رزقني الله الشهادة فهو ما أريد، وإن بقيت فلك علي عهد الله وميثاقه أن أرجع حتى تضعي القيد في رجلي، وأخذ يرجوها ويناشدها حتى فكت القيد وأعطته البلقاء، فلبس درعه وغطى وجهه بالمغفر ثم قفز كالأسد على ظهر الفرس وألقى بنفسه بين يدي الكفار، علق نفسه بالآخرة ولم يفلح ابليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين، وحمل على القوم برقابهم بين الصفين برمحه وسلاحه، وتعجب الناس منه وهم لايعرفونه ولم يروه بالنهار، ومضى أبو محجن يقاتل ويبذل روحه رخيصة في ذات الله عز وجل، نعم مضى أبو محجن.أما سعد بن أبي وقاص فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال، لكنه كان يرقب القتال من بعيد ، فلما رأى أبا محجن عجب من قوة قتاله؛ وقال : الضرب ضرب أبي محجن والكر كر البلقاء وأبو محجن في القيد، والبلقاء في الحبس !! فلما انتهى القتال عاد أبو محجن إلى سجنه ووضع رجله في القيد ، ونزل سعد فوجد فرسه يعرق فقال: ما هذا ؟ فذكروا له قصة أبي محجن، فرضي عنه وأطلقه وقال : والله لا جلدتك في الخمر أبدا . فقال أبو محجن : وأنا والله لا شربت الخمر أبدا.رضي الله عنهم أجمعينإمام وخطيب
[email protected]