محمد الفوزانمحمد محيي الدين محمد بن مصطفى العماد الملقب بأبي السعود أفندي، من أشهر شيوخ الإسلام في الخلافة العثمانية. شغل أعلى منصب ديني وعلمي خلال حكم ثلاثة سلاطين عثمانيين، ولم يكن السلاطين يستغنون عن آراء شيوخ الإسلام وفتاواهم.وقد ساهمت فتاوى أبي السعود أفندي في اتخاذ قرارات خطيرة ومصيرية في الدولة العثمانية.ولد أبو السعود أفندي ببلدة "اسكيليب" في مدينة جوروم وسط تركيا عام 1490، وهو حفيد علي كوشجو، ويعد من أشهر علماء الفلك، والرياضيات، كما أنه عالم لغوي في العهد العثماني، ومن أشهر ابتكاراته رسم القمر للمرة الاولى في التاريخ.نشأ أبو السعود في بيت علم و صلاح، فقد كان أبوه محيي الدين محمد من علماء عصره، وتلقى تعليمه على يد والده، وكان يجيد اللغات التركية والعربية و الفارسية، وكتب فيها الشعر والرسائل واشتهرت كتبه في العالم الإسلامي.في عام 1516 عين في مدرسة "إسحاق باشا" ببلدة اينة غول التابعة لمدينة بورصة، ثم انتقل للتدريس في مدرسة "داود باشا" في إسطنبول، ثم عين في مدرسة "علي باشا" في إسطنبول عام 1521.وفي عام 1528 عين في مدرسة "صحن ثمن" التي بنيت بأمر من السلطان محمد الفاتح بعد فتح القنسطنطينية في كلية الفاتح، وقد سميت بهذا الاسم بسبب وجود ثماني مدارس فيها، وظل فيها خمس سنوات حتى تولى القضاء في بورصة بلاد من الشيخ زادة حسن جلبي.ثم نقل أبو السعود أفندي من قضاء بورصة إلى قضاء القنسطنطينية، وبعدها نقل إلى القضاء العسكري مكان فناني زادة محيي الدين جلبي، وأصبح شيخ الإسلام في عام 1545، واستمر في منصبه هذا ثلاثين عاما، وكان السلطان سليمان القانوني يهتم بآرائه، ولذا عينه مفتيا في العاصمة، وأمضى ثلاثين عاماً في منصبه وهي مدة لم يبلغها أحد لا من قبله ولا من بعده.كان أول من شكل هيئة للمُفتين تشرف على نواحي الوعظ والخطابة والإفتاء، وما شابه في العاصمة والولايات والمدن الرئيسة، وتربع هو على رأسها. ساهم أبو السعود في جملة التشريعات القانونية التي سنّها السُلطان سليمان القانوني بشكل مباشر وغير مباشر، وأهمها "قانونامة" الذي صادق عليه، وله تفسير للقرآن الكريم يسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، ودُعي بعده بلقب "خطيب المفسرين"، وهو أيضاً شاعر باللغات العربية والتركية والفارسية.وكان أبو السعود أفندي يفتي في مسائل عوام الناس وخواصهم، كما يفتي للسلاطين في ما يخص حكمهم وتشريعهم ويفتي في العلوم الفنية.ومن الفتاوى المشهورة له:أفتى بجواز الحملة على البندقية عام 1570، كما أفتى بجواز الحملة العسكرية على قبرص، وتخليصها من البنادقة وإخضاعهم، وغيرها من الفتاوى المؤثرة.توفي أبو السعود أفندي في إسطنبول عام 1574.رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.إمام وخطيب
[email protected]