الخميس 15 مايو 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

"شيطان لابلاس" صائد الكتائب الإرهابية الإلكترونية

Time
الأحد 25 يوليو 2021
View
80
السياسة
د.نجلاء يس

"شيطان لابلاس" أو "سوبرمان لابلاس"، نظرية عقلية شهيرة تنسب إلى عالم الفلك والرياضيات، الفيزيائي الفرنسي البارز بيير سيمون دي لابلاس (1749-1826)، تم استخدمها للمرة الاولى كتعبير عن الحتمية السببية أو العلمية عام 1814، مفادها أن باستطاعة أي كائن عاقل التوصل (وبإحكام) للتنبؤ بالمستقبل، واستحضاره نصب عينيه شأنه شأن الماضي، إذا استطاع (وبدقة)، تحديد الخصائص الأولية لكل الجزيئات الموجودة في الكون، والطاقة الحركية لكل جزيئ منها، في مدة زمنية معينة، وتحليل هذه المعطيات، نظراً لأن الحالة الحالية للكون ليست سوى محصلة لماضيه، ودافعاً لمستقبله، وذلك استناداً إلى علاقة السبب بالنتيجة.
وقد تم اخيرا اعتماد هذه النظرية المرتكزة على مبدأ "الحتمية"، بما تعتنقه من أن الوجود، بكل ظواهره وسلوكياته، خاضع لتسلسل منطقي سببي، ضمن سلسلة غير منقطعة من الحوادث، يؤدي بعضها إلى بعض، وفق قوانين مقررة سلفاً، وأن لا شيء يمكن وقوعه خارج منطق أحكام الطبيعة، وبالتالي لا مجال للحوادث العشوائية، وفي حال نجاح البشر في استجلاء هذه الظواهر يمكنهم وبسهولة تعديلها والتحكم فيها، وهو ما عمل على استغلاله مركز البحوث في الشرعية والاحتجاج السياسي الروسي الموالي للكرملين، بعد الاستعانة بعدد من المسؤولين الحكوميين، ورجال الاستخبارات، والخبراء النفسيين والاجتماعيين، والسياسيين، ووكالات انفاذ القانون، والعلماء المتخصصين في البحث العلمي، وتقنيات المعلومات، والتعريب، ودراسة الأديان، وغيرها، لتطوير نظام حاسوبي ذي عقل معلوماتي فائق الذكاء، أطلق عليه "شيطان لابلاس"، يعتمد تقنيات التنبؤ، وخوارزميات تحليل النص والصورة، وتعلم الالة، والتعرف المبكر على الحدث المستند إلى النموذج باستخدام البدائل، وذلك لمراقبة نشاط مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، للوصول لعمليات تجنيد النشطاء المسلحين الجدد، التي تتولاها الجماعات الإرهابية الساعية لخلق الاضطرابات بالعالم، تمهيدا لرصدها ومراقبتها، وإدراجها ضمن قوائم الحسابات المشبوهة، والتحكم بها وبالأجهزة المستخدمة فيها عن بعد، ليتحول بذلك إلى وسيلة تنبيه استباقية أكثر موثوقية، لتنذر المجتمع بالتهديدات وشيكة الحدوث قبل حصولها.
وتقوم تقنية عمل هذا "الشيطان" والذي شبهه القيمون عليه بكلب صيد ذي تقنية عالية في يد الباحثين، على التحليل السيكولوجي لمزايا الصور، والمراسلات، والمحادثات الخاصة على الشبكات الاجتماعية، يساعده على ذلك نموذج الصورة السيكولوجية النمطية للمجند الإرهابي، الذي تم تزويده به ليعمل كمرجعية له، جنباً إلى جنب مع انتشار الهواتف المحمولة، والحواسيب الشخصية، والأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت على مدار الساعة، والتي ترافق أصحابها أينما ذهبوا، وما يسفر عن استخدامها من تدفق مستمر للبيانات الخاصة بكل مواطن، مما يساعد الغرابيل الآلية بالبرنامج على فلترة البيانات القيمة، وتحديد الأولويات، واستخلاص السمات والاهتمامات الشخصية، بشكل مطرد، بصمت ومن دون لفت النظر، أو تنبيه الآخرين الى انهم مراقبون، وما ينتج عنه من ردود فعل عنيفة، أو استخدام جمل مشفرة تساعد على الفرار من الكشف الآلي للنشاطات الإرهابية.
وقد ساهم استخدام هذا البرنامج بالفعل في تحديد هوية العديد من المواطنين الروس المتحدرين من شمال القوقاز (جنوب روسيا)، المنضمين للقتال بصفوف التنظيمات الإرهابية الدولية، مما أدى لاعتقال الكثير منهم.
ويعتقد أنه سيكون له دور فعال ونتائج إيجابية في مراقبة المجندين الجدد والعثور عليهم بفعالية كبيرة، لمحاولة إقصاء هذه الآفة التخريبية المتطرفة، وذلك لأسباب عدة، منها امتلاك روسيا تقنيات متطورة في مجال تحليل الكلام والبحث الدلالي، وحيازتها لمدرسة جيدة موروثة من الحقبة السوفياتية للتقنيات المعلوماتية، بالإضافة الى اخذ جهاز الاستخبارات الروسي الأمر على محمل الجدية.

كاتبة مصرية
[email protected]
آخر الأخبار