قصص الأنبياءإعداد - نسرين قاسم(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)النبي صالح من ذرية نوح عليهم جميعا السلام نبيٌّ عربيٌّ من قبيلة تعرف باسم ثمود، وتعد من القبائل المنقرضة ولم يعد لها وجود، كانت بعثته قبل زمن النَّبي شعيب والنبي موسى في حدود الالف الاولى قبل الميلاد، هو صالح بن عبيد، أرسله الله تعالى لهداية قوم ثمود، وكانوا يعيشون في منطقة تدعى الحِجر، وتعرف باسم مدائن صالح وتتواجد حالياً ضمن محافظة العلا بالمملكة السعودية، وكانوا يتخذون من تلك المنطقة مسكناً لهم، ومنحهم المولى سبحانه الكثير من الخيرات والرزق الوفير، فكانوا من الأغنياء كما تميزت بيوتهم بالقوة والمتانة الشديدة، حيث تفوقت على منازل قوم عاد الذين سبقوهم، فقد شيدوها نحتا في الجبال.
كان اجداد قوم ثمود من أشد الناس إيماناً بالله، إذ أخذوا الكثير من العبر من قوم عاد الذين أنزل الله عذابه الشديد عليهم بعد اعتقادهم أن لهم قوة لا تقهر ولا يقدر عليهم أحد، وبمرور الزمن ولدت أجيال جديدة، تركوا عبادة الله الاحد، وصنعوا التماثيل من الحجارة ليعبدوها، وتناسوا ما حدث لقوم عاد قبلهم. أرسل الله تعالى نبيه صالح لمواجهة مفاسد قومه، ودعاهم إلى ترك عبادة الأحجار التي لا تنفعهم، لأنها من صنع أيديهم، وطالبهم بالإيمان بالله وحده لا شريك له، فما كان من القوم إلا رفض الاستجابة لدعوته، وقالوا له: "أن تلك الأصنام كان يعبدها الآباء، فلماذا تنهانا عن ما وجدناهم عليه". أراد سيدنا صالح أن يثبت صدق حديثه، وقال لهم: "ماذا تريدون مني لكي تتأكدوا أني رسول من عند الله تعالى؟"، فطلبوا منه على سبيل اظهار عجزه أن يخرج لهم ناقة من الجبل الذي أمامهم، على أن تكون حاملا في بطنها جملاً آخر، بالفعل حدثت المعجزة، فبعد لحظات قليلة، انشقت الصخرة وخرجت منها الناقة حية مكتملة الأعضاء تتحرك بطريقة طبيعية، فآمن الكثير منهم بالله، ولم يستطيعوا تكذيب صالح مرة آخرى، بينما رفض كبارهم ترك عبادة الأصنام، خوفاً من بوار تجارتهم من صنع وبيع التماثيل. طلب سيدنا صالح من قومه، ترك الناقة ترعى وتشرب يومًا، ونوقهم وجِمالهم تشرب يوما، لأن الناقة كانت تشرب في اليوم كل الماء ولا تترك منه شيئًا، وتمنحهم لبنًا كثيرًا يساوي مقدار الماء الذي شربته أو أكثر منه، وبعد أن وضعت الناقة جملها الصغير، كان يشرب معها من الماء في اليوم نفسه المخصص لها، ولكنهم نقضوا الاتفاق وقام عدد منهم بقتل الناقة نكاية وعنادا وغيرة، وعندما علم سيدنا صالح بما فعلوا، ذهب ليسألهم عن سبب قتلها، فأعلنوا تحديهم له، مطالبين أن يأتيهم بالعذاب الذي هددهم به إن قتلوا الناقة، فأوحى الله تعالى إلى سيدنا صالح أنه سينزل عقابه عليهم بعد ثلاثة أيّام، فأخبرهم بالموعد، ولكنهم لم يصدقوه.غادر سيدنا صالح وبرفقته الذين آمنوا به إلى مدينة أخرى، وعندما حل فجر اليوم الرابع، انشقت السماء، وحدثت صيحة هائلة، سمعها أهالي المدن المجاورة، فكانت سببا في موت وهلاك كل الكافرين من قوم ثمود، لتنتشر اخبارهم في انحاء جزيرة العرب، ليكونوا عبرة للظالمين والعصاة في كل زمان، وتبقى رمزية الوقائع ودلالاتها العميقة التي لا شك انها سوف تتكشف بشكل أوضح في يوم من الأيام.