الثلاثاء 17 يونيو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

صالح الفضالة ظالم أم مظلوم؟

Time
السبت 24 نوفمبر 2018
View
5
السياسة
حسن علي كرم

تلقيت بيد الشكر والامتنان كتيباً فخماً، من ادارة الجهاز المركزي" لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية" يتناول الكتيب، و بالارقام، عرضاً تفصيلياً عن جهود الجهاز منذ اصدار قرار إنشائه في نوفمبر 2010 الى نهاية السنة الماضية، حيث كان عدد "البدون" 220 الفاً وخلال السنوات التالية تناقص العدد الى 88 الفاً، بعضهم عدّل أوضاعه، فيما تم تجنيس احد عشر الفاً بالجنسية الكويتية، لكن الـ 88 الفاً بالارقام يشكلون نحو 7 في المئة من عدد الكويتيين، الذين يقترب عددهم من المليون و 400 الف مواطن.
ليس المهم هنا الأرقام والأعداد، فهي لا تشكل شيئاً اذا خلت من الوقائع، فالجهاز، وفق الكتيب، حقق لـ"البدون" كل مطاليب الحياة الانسانية الكريمة، مع الحفاظ على كرامتهم في ظل دولة جبلت على الخير والعطاء والحقوق الانسانية، فهم يمنحون بدءًا من شهادات الميلاد للمواليد وشهادات الوفيات وعقود الزواج، ورخصة القيادة والهوية الشخصية، وحق العمل والتعليم والعلاج المجانيين، والتموين بما يتساوون في كل ذلك مع اخوانهم المواطنين، أذاً أين المشكلة؟
المشكلة أو علة العلل الجنسية، فـ"البدون" يشعر بالنقيصة، كونه يحمل مسمى "البدون"، هل هناك من حل لإزالة عقدة "البدون"، من دون الدخول في حسبة الجنسية، بحيث يشعر انه مواطن دون ان يراوده القلق على مستقبله أو مستقبل ابنائه، و تالياً الا تثقل الضمانات كاهل الدولة بمسؤوليات إضافية، و في الوقت نفسه يستشعر "البدون" انهم جزء لا ينفصل عن كيان هذا الوطن الصغير و الأثير؟
انا، واعوذ بالله من كلمة انا، ولا فخر اول من دعا الى وقف التجنيس لعشرة أعوام، فالتجنيس العشوائي بات يشكل مسؤولية ثقيلة على كاهل الدولة، ماديا واجتماعياً وثقافياً، والكثير من الذين يتم تجنيسهم غير منتجين أو أميين، خصوصاً الذين يتم تسريحهم من السلك العسكري، لكن الجنسية حق من الحقوق التي دعت اليها الهيئات الحقوقية الدولية، فهناك ملايين من عديمي الجنسية في العالم الذين يعانون المذلة والحياة القاسية، وباتوا منبوذين، أو اشبه بالمنبوذين في البلدان التي يقيمون فيها، ولو يقارن بالوضع الانساني الذي يعيشه "بدون" الكويت بعديمي الجنسية في العالم، عليهم ان يسجدوا لله شكراً على ما يحظون به من الرعاية الانسانية التي هي الخدمات ذاتها المقدمة للمواطن، فالكويت دولة الخير والانسانية، ولن ترضى ان يقيم على أرضها أنسان يعاني المذلة والمنبوذية، ولذلك قضية "البدون" لن يحلها الزمن، ولا ينبغي التشبث بالمقادير ومراهنات الزمن، فـ"البدون" ليسوا فقعا ولا طراثيث كما يصفهم بعض المتغطرسين ومحدثي نعمة، انما جاؤوا الى هذه الارض بحثا عن لقمة العيش والحياة الكريمة، اما كيف دخلوا، فذلك فات أوانه، بعد عقود من الإقامة، وبعد تعاقب ثلاثة او أربعة اجيال، لكن علينا الا تجرفنا العاطفة ونخلط بين الحقيقة والمزورين، فالكويتيون اصولهم معروفة، وبعض "البدون" يشكلون امتداداً لأصول الكويتيين الاولين، الا ان هناك من يدعي زوراً انه من "البدون"، وهم كذابون، هناك من استغل فرصة الخدمات الجليلة التي تقدمها الدولة لـ"البدون"، وادعى انه من "البدون"، ولا ينبغي الرأفة بهؤلاء، بل الاولى تسفيرهم الى أوطانهم الأصلية، هل نصدق أن مصري أو بنغالي من "البدون".
ان الكويت ليست ولا ينبغي ان تكون ملجأً للحيالين والنصابين، ولا يجوز بأي حال من الاحوال التساهل ازاء تلك الفئة المضللة، وعلى "البدون" الحقيقيين مساعدة الاجهزة المعنية، وكشف "البدون" المزورين.
مهما حاول البعض طمس الحقيقة بعدم الاعتراف بـ"البدون"، لن يستطيع الهروب من الواقع وهو ان ابناء واحفاد "البدون" كويتيون ولدوا على هذه الارض، و ينبغي ان تكون لهؤلاء اولوية التجنيس، أو أقلها منحهم ما يسمى"green card"، او "blue card"، بحيث يكونوا على قائمة الموعودين بالجنسية في الفترة المناسبة، ولعل أولوية التجنيس ينبغي ان تكون، وبلا جدولة أو قوانين للمتميزين، حملة الشهادات التخصصية العالية، من أطباء ومهندسين ومدرسين واساتذة الجامعة.
الكويت التي احتضنتهم وصرفت على تعليمهم ومعيشتهم، أولى بهم من ان يلجأوا لبلدان اخرى، فهؤلاء في الاخير ابناء الكويت، ومنها واليها.
دعونا نتذكر ان خلال اقل من شهرين مات طبيب جراح متميز من "البدون" في غرفة الطوارئ اثناء أدائه واجبه الطبي، ومات "بدون" آخر وهو يحاول إنقاذ ارواح غرقى تحت وابل الأمطار الغزيرة التي هطلت على البلاد.
هذان نموذجان مشرفان من "البدون" كان أجدر لو تم تجنيسهما وهما احياء، لا بعد ان ماتا ثمة من ينادي بتجنيسهما. ينبغي تجنيس "البدون" قبل انخراطهم في السلك العسكري، لان خدمة الوطن يجب ان يتولاها ابناؤه.
يبقى في الاخير السؤال الاهم: هل صالح الفضالة ظالم ام مظلوم، قطعاً لا ظالم ولا مظلوم، هناك من يَصْب جام غضبه عليه، وتحميله وقف استحقاقات الجنسية، وهذا إما عن جهل أو حنق، متناسيا ان هذا قرار لا يملكه ولا من مسؤولياته، فمهمة الفضالة تنحصر بتجميع المعلومات الحقيقية وفرز المزورين من الحقيقيين، وهي مهمة لا شك ليست سهلة في ظل محاولات طمس الحقائق والتدليس، و الثمانون الفاً الذين نجح الجهاز المركزي بتثبيت اصولهم، قابلون للزيادة في ظل الإنجاب والمصاهرة، من هنا يلزم القول إن "البدون" اشبه بالرمال المتحركة، الامر الذي يتطلب معالجات سريعة وناجعة لوقف الزيادات وتقليص العدد.
صحافي كويتي
آخر الأخبار