السبت 24 مايو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة   /   كل الآراء

صلاة السّنة والشيعة معاً

Time
الأحد 15 مايو 2022
View
5
السياسة
أحمد الدواس

أقيمت صلاة مشتركة بين الشيعة والسنة في محافظة الإحساء في السعودية في السادس من مايو الجاري بإمامة السيد موسى الهاشم، وحظيت هذه الروح الدينية الطيبة بإشادات شعبية واسعة، وهذا يذكرنا بالقصة التالية "في كولومبيا في أميركا الجنوبية هناك روابط أخوية سائدة بين أفراد الطائفتين السّنية والشيعية في ميناء مدينة كولومبية تُسمى بوينا فنتورا (أي الحظ السعيد باللغة الإسبانية)، ويُعزى الفضل في دخول الإسلام لهذه المنطقة لشخص اسمه استيفان مصطفى ميليندس، كان بحاراً أميركياً أفريقي الأصل جاء من بنما قبل نصف قرن، فنشر تعاليم الإسلام بين العمال السود في ميناء المدينة، وهؤلاء وجدوا في الإسلام ملاذاً من الفقر والعنف الذي يعصف بالمدينة.
كان لتعاليم البحار استيفان أثراً بالغاً في قلوبهم فسافر بعضهم الى السعودية لدراسة الإسلام وتعلم اللغة العربية، وبعض أفراد هذه الجالية تأثر بالثورة الإيرانية عام 1979 وحصل على المال من ايران فذهب بمنحة دراسية الى مسجد "التوحيد" في العاصمة الأرجنتينية بوينس ارس، ثم أكمل دراسته في جامعة قم الايرانية.
يجتمع هؤلاء المسلمون معاً عند الشيخ منير فالنسيا للصلاة في منزله الذي حوله الى مسجد صغير، ويؤدي هذا الرجل دور الزعيم الروحي للجالية المسلمة هناك، وفي صلاة الجمعة يضم المسجد أفراد الطائفتين السّنة والشيعة معاً.
يقول الشيخ منير إن الاستخبارات الأميركية والكولومبية حققت معه فقال: "ليس لديّ ما أخفيه، فإيران تساعدنا، لكننا لسنا جهاديين"، ويستطرد قائلا: "هناك في المدينة مدرسة اسمها "مدرسة سلفيا زينب"، ويقوم الطلاب المسلمون بتحية الزائرين بالابتهالات الدينية باللغة العربية، ويكتبون كلمات عربية، ولا نحاول جذب الناس وتغيير دينهم، بل نعلم الأطفال احترام أديان الناس الآخرين وتقاليدهم".
يعيش هؤلاء المسلمون (سّنة وشيعة) بتآلف إسلامي أخوي في مجتمع مليء بالعنف، وقوة العصابات الهائلة ضد الحكومة والقضاة.
لقد عشنا في ماضي الكويت وإخوة معا، سنّة وشيعة، في فريج واحد يحب بعضنا بعضاً، ويبدو أن إيران لم تقرأ أن أوروبا عاشت أكثر من ألف سنة تمزقها حروب دينية وعرقية، فتدخلت طهران في الأوضاع الداخلية لأربع بلدان عربية، وهو سلوك مرفوض عالمياً وضد القوانين الدولية، ولها تأثير في العراق وسورية ولبنان واليمن، والنتيجة انها أدت الى تدمير ثلاث بلدان عربية، ومات الكثيرون أو فقدوا ممتلكاتهم.
كذلك لم تتعلم إيران من درس الدنمارك والسويد، إذ كان البلدان يتقاتلان في حروب كثيرة، وبمرور الوقت تبين للدنمارك فداحة الخسائر المادية والبشرية وأن أسلوبها العسكري والسياسي كان خطأ، والأفضل لها أن تتصالح مع السويد، وبالفعل فقد تغير البلدان الى الأفضل، وانضما إلى الاتحاد الأوروبي.
لقد اقتنعت هذه الشعوب أن العلاقات بين الدول لا تُبنى على فكرة أو مبدأ "أنا أربح وأنت تخسر"، إنما أن يؤخذ بالاعتبار مبدأ "أنا أربح وأنت تربح أيضاً"، فيما منطقتنا العربية وإيران لا تأخذ بهذا المبدأ فهي تهدر الموارد البشرية والمالية الهائلة، وما نفعله أخطاء جسيمة.
في ايران أوضاع معيشية صعبة، وهي تضيع فرصا كثيرة، فالأفضل لها ان تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع العرب، وتشجع الاستثمارات الخليجية والأوروبية والأميركية لتطوير قطاعات السياحة والزراعة والصناعة، مما سيفتح أبواب العمل لملايين الإيرانيين، فيرتفع مستوى معيشتهم، وتتطور إيران بشكل كبير، وقد تنافس دولا أوروبية في مجال السياحة وجذب الأموال، فالقوة اليوم قوة الاقتصاد، والدليل على ذلك تقدم كوريا الجنوبية وتخلف كوريا الشمالية، لكن ايران اختارت التدخل في شؤون البلدان المجاورة، فتدهور اقتصادها وأضرت بشعبها، وشعوب المنطقة.
قلنا إن صلاة مشتركة بين الشيعة والسنة أقيمت في السعودية، وليت فكرة الصلاة بينهم معا تنتشر في عالمينا، العربي والإسلامي، لتصفو النفوس.
ونتساءل الآن: أيهما أفضل تشجيع الاستثمارات الخليجية في ايران، البلد الإسلامي، ليعم السلام والخير الجميع، أم هدرالأموال الضخمة في صراعاتٍ لكلا الجانبين، العربي والإيراني، وشحن الصدور بلغة الكراهية المذهبية، مع ضياع مستقبل أوطاننا وأولادنا؟

سفير كويتي سابق
[email protected]
آخر الأخبار