إعداد – إسلام مصطفى: يحفل التاريخ العربي بالنوادر، التي قلما يوجد مثلها في أمم أخرى، نظرا لما يتمتع به العرب من خفة ظل، حتى أنهم سخروا الشعر في كثير من هذه المواقف فتحولت بها إلى نادرة، "السياسة" طافت عبر تاريخ العرب قديمه وحديثه وقطفت بعض هذه النوادر لتقدمها للقارئ حتى ترسم على ملامحه البسمات.السرقة من الأفعال المشينة والتي حرمتها كل الأديان السماوية، ويصف العرب الشخص الذي يسرق باللص أو السارق، ورغم كل ذلك كان للأعراب طرائف وحكايات فكاهية كثيرة مع السرقة، بعضها حدث مع اللصوص أنفسهم وبعضها حدث لبعض الذين تعرضوا للسرقة.من هذا الطرائف أن أحد الأعراب سرق صرة من الدراهم، ثم دخل المسجد ليصلي حاملًا الصرة معه، وكان هذا الأعرابي اسمه موسى وكان لا يعرف من القرآن شيئا وإذ بالإمام يقرأ: "وما تلك بيمينك يا موسى"، فزع الأعرابي، وأثناء الصلاة قال للإمام: والله إنك لساحر، ورمى صرة الدراهم وفر هاربًا من المسجد.وذات يوم سرق أعرابي غاشية، أي غطاء، من على سرج حصان ودخل بها المسجد ليصلي، وكان لا يعلم من القرآن شيئا، وفوجئ بالإمام يقرأ "هل أتاك حديث الغاشية"، انتفض الأعرابي، ونادى على الإمام بصوت جهوري أثناء الصلاة، وقال: يا فقيه لا تدخل في الفضول، لم يأبه الإمام لحديث الأعرابي واستمر في الصلاة، وقرأ: "وجوه يومئذٍ خاشعة"، فصرخ الأعرابي قائلًا: خذوا خاشيتكم ولا يخشع وجهي، لا بارك الله لكم فيها، ورماها من يده داخل المسجد، وخرج من دون أن يكمل الصلاة.وسرق من أحد الأعراب حماره، وهام على وجهه يبحث عنه معتقدًا أنه ضاع، لقاه أحد أهل القرية وقال له: لقد سرق حمارك، فقال الأعرابي: الحمد لله، فاستعجب الرجل وسأله، وعلى ماذا تحمد الله ؟ فقال له: لأنني لم أكن على ظهره حين سرق، وألا كنت سُرقت معه.أراد أحد الأعراب أن يسأل عن أمر متعلق بالشريعة فقصد باب الإمام أبي حنيفة، ولما استقبله قال له: يا أبا حنيفة، إذا نزعت ثيابي ودخلت النهر اغتسل، فإلى القبلة أتوجه أم إلى غيرها؟ فنظر إليه أبو حنيفة مستعجبًا سؤاله، وقال له: الأفضل أن يكون وجهك إلى جهة ثيابك لئلا تسرق منك، فتعود إلى منزلك كما ولدتك أمك.وذات يوم خرج أبو سعيد الحربي من داره وهو سكران ليبول في الخلاء، وكان يرتدي كساءه الأخضر ومعروف أنه كساء لكبار القوم، ومر به أحد اللصوص وسرق كساءه أمام عينيه، فصرخ أبو سعيد ووبخه، وقال له: يا فتى ماذا تريد؟ فنظر إليه اللص وضحك وقال له: أصرف عنك الأذى بأن تفيق من سكرك. ويبدو أن النوادر والطرائف مع السرقة واللصوص كانت ملازمة لأبي سعيد الحربي، فذات يوم دخل عليه في منزله مجموعة من اللصوص، وسرقوا كل مقتنيات منزله، ولما ذهبوا وفروا بكل ما سرقوه، حمل حصيرة مصنوعة من القصب كانوا نسوها أو ربما تركوها قصدًا واتبعهم، ورآه أحد اللصوص، فنظر إليه ووجهه ممزوج بملامح الغضب، وقال له: أي شيء تصنع معنا؟ فأجابه أبو سعيد قائلًا: أبحث عن داري، حيث أنها اختفت ولم أجدها، فضحك اللصوص وردوا عليه كل ما سرقوه.وفي أحد الأيام ضاع أو سرق حمار الوالي، وأمر جحا بالبحث عنه، هام جحا على وجهه بالمدينة باحثًا عن الحمار، والغريب أنه كان يغني أثناء البحث عنه، الأمر الذي جعل أهل المدينة يتساءلون: لماذا يفعل ذلك؟ واستوقفه حينها أحد أهل المدينة، وسأله مندهشًا: لماذا تغني والوالي أجبرك بالبحث عن الحمار ؟ هنا رد جحا بطريقة الحكيم: إن من يبحث عن أشياء الآخرين يجب أن يغني خلال بحثه عنها فقد يستمع له الشيء الضائع فيهرول إليه.