يعتز ببلده لبنان ولا يتوانى عن مساعدة صناع الفن من أصل عربينال جائزة "إيمي" 5 مرات و"غولدن غلوب" و"توني" المسرحيةقتل جده في مذابح الأرمن فهاجر والده إلى الولايات المتحدة الأميركيةنال الماجستير وتألق في السينما والمسرح والمسلسلات التلفزيونية"المحقق مونك" منحه قمة الأداء الكوميدي بشهادة الجمهور والنقادتزوج النجمة العالمية بروك أدامز... ولديه ابنتان بالتبنيالقاهرة - أحمد أمين عرفات: ارتبط اسمه بالنجاح والقدرة على التنوع، لم يكتف بالتألق في السينما العالمية، بل حقق ذلك وبصورة أكبر في الدراما التلفزيونية الأميركية والمسرح، واستطاع بموهبته ودراسته الأكاديمية أن يتفرد بمكانة خاصة جعلته قادرا على الإلمام بتفاصيل أي شخصية يجسدها، ويندمج فيها بشكل كبير ومقنع، فلا يملك المشاهد حيال ذلك إلا التعايش مع الدور الذي يؤديه ببراعة، ما أهله لنيل العديد من الجوائز المهمة، منها جائزة "إيمي" التلفزيونية، خمس مرات، وجائزة "نقابة ممثلي الشاشة" ست مرات، وجائزة "غولدن غلوب"، علاوة على جائزة "توني" والتي تمنح للعروض المسرحية الأميركية المتميزة. أنه الفنان العالمي طوني شلهوب، ذو الأصول اللبنانية، والذي اشتهر بأدواره الكوميدية، وفي الوقت نفسه برع بشدة في أدواره الدرامية. ولد طوني، في 9 أكتوبر 1953، بالولايات المتحدة، من أبوين لبنانيين مهاجرين، والده يوسف شلهوب أو جو كما ينادونه، ولد في جبل لبنان الذي كان وقتها جزءا من الإمبراطورية العثمانية، لكنه لم يعش هناك طويلا، إذ قرر والده (جد طوني) الهجرة إلى أميركا، بعد ان رأى والده عبد النعيمي يقتل بطريقة مأساوية، حيث تم صلبه العام 1895، خلال مذابح الحميدية، التي ارتكبت ضد المسيحيين الأرمن في الإمبراطورية العثمانية. كان يوسف، عندما هاجر مع أبيه وأمه، لا يتجاوز عمره الثماني سنوات، وما هي إلا سنوات قليلة حتى فقد والده خلال الحرب العالمية الأولى، تاركا زوجته مريم وابنه يوسف، يواجهان الحياة في الغربة بمفردهما، لذلك كان لابد أن يعمل في صغره ليساعد أمه، فلم يجد أمامه سوى العمل كبائع لحوم متجول، وظل يزاول هذا العمل لسنوات، حتى أصبح قائدا لشاحنة مبردة، يطوف بها على المتاجر لبيع اللحوم. عندما استقرت حياة يوسف شلهوب، كان قد بلغ سن الزواج، ففضل الزواج من فتاة ذات أصل لبناني مثله، لم يرهق نفسه طويلا في البحث عنها، لأنها كانت تسكن بالقرب منه، وهناك ود بين والدته وأسرتها، انها هيلين الأميركية من أصل لبناني، والتي تزوجها ليكون معها أسرته الصغيرة، ولأنه كان يشعر بغربة، فقد تمنى أن ينجب أطفالا كثيرين يحيطون به ويكونون له عزوة وسند عندما يكبر، لذلك كلما أنجب طفلا اشتاق لغيره، حتى أصبحت أسرته كثيرة العدد، وفيها نشأ طوني بجانب شقيقين وست شقيقات، فعاش طفولته في هذا الجو الذي لا تهدأ فيه الحركة.بداية مشجعة التحق طوني، بالمدرسة وكان ملفتا للنظر فيها، خصوصا فيما يتعلق بعشقه المسرح، ويرجع الفضل في ذلك إلى شقيقته الكبرى سوسن، التي تعشق التمثيل أيضا، وهي من شجعته ودعمته لينضم إلى فريق المسرح بمدرسة "غرين باي إيست الثانوية Green Bay East" التي أصبح تلميذا فيها، ليبدأ رحلته مع "أبو الفنون"، وهو لا يزال صبيا.من الأمور التي كشفها طوني، في حواراته الإعلامية، ولم تغب عن ذاكرته، ما حدث في آخر سنة بالمدرسة الثانوية، عندما سقط من على المسرح خلال البروفة فكسرت ساقه، ما أحزنه كثيرا، خصوصا عندما قيل له بأنه لن يشارك في العرض المسرحي "الملك وأنا"، لكنه لم يستسلم وظل يتابع البروفات ويشارك فيها وهو على كرسي متحرك، حتى استطاع أن يتعافى بسرعة، بعد الالتزام الصارم بتعليمات الأطباء، ما مكنه من أداء دوره وسط إعجاب الكثيرين بإرادته وإصراره. "زيارة فرقة موسيقية"لم يجد طوني، نفسه إلا في التمثيل، لذلك قرر دراسة الدراما أكاديمياً، وحصل على البكالوريوس من جامعة "ساوثرن مين"، ولم يكتف بذلك بل واصل رحلته الأكاديمية حتى نال الماجستير في الدراما من جامعة "بيل" العام 1980، لينتقل بعدها إلى مدينة كمبريدج بولاية ماساتشوستس، وظل على مدار سنوات عدة ملتصقا بعالم المسرح حتى ألم بكل شيء فيه بشكل عملي، بعد سنوات من الدراسة النظرية. بدأت محطة جديدة أكثر أهمية في مسيرة طوني، الفنية بانتقاله إلى مدينة نيويورك ودخوله عالم الاحتراف كممثل، وكان من الطبيعي أن يبدأ رحلته من المسرح الذي يمتلك أدواته جيدا، وما ان اعتلى خشبته حتى استطاع أن يلفت الانتباه إليه بقوة في "مهرجان شكسبير"، والذي شارك من خلاله بمسرحيتي "هنري الرابع"، "ريتشارد الثالث"، لتتوالى أعماله بعدها ومنها "انتظار جودو، محادثة مع والدي، الزوجان الغريبان"، وغيرها من العروض المسرحية التي جعلته من علامات مسارح برودواي. أكد تألق طوني، في أعماله المسرحية للجميع أنهم أمام موهبة فنية استثنائية، بصورة جعلتهم يراهنون على نجمه وأنه سيلمع في سماء التمثيل، ولم يمض وقت طويل حتى بزغ نجمه بالفعل في عالم المسرح وأصبح ضمن أشهر نجوم المسرح الأميركي، ورغم انشغاله فيما بالعمل في السينما والدراما التلفزيونية، لكنه لم يتخل عن المسرح الذي يعتبره الحب الأكبر في حياته، والذي توج مسيرته فيه منذ سنوات قليلة وتحديدا العام 2018، عندما قام ببطولة مسرحية "زيارة فرقة موسيقية"، التي تناولت قصة فرقة موسيقية مصرية ضلت الطريق في إسرائيل، حيث حصلت هذه المسرحية وحدها على عشر جوائز "توني"، متفوقة على المسرحية البريطانية "هاري بوتر والطفل الملعون" التي عرضت العام 2016 وحصلت على تسع جوائز. لم تكن "زيارة فرقة مسرحية" التي حصل طوني، من خلالها على جائزة أفضل ممثل عن شخصية "توفيق زكريا" التي جسدها، أول عهده بالجوائز في عالم المسرح، فقبل ذلك بسنوات رشح للعديد من الجوائز بسبب براعته في الاندماج والأداء المسرحي، منها جائزة أفضل ممثل متميز في مسرحية "محادثات مع والدي" التي قدمها العام 1996، كما تم ترشيحه العام 2013 لنيل جائزة "غولدن بوي "Golden Boy، وفي العام التالي مباشرة تم ترشيحه لجائزة Act One."الأجنحة"ساعد تألق الفنان طوني شلهوب، في المسرح على إقبال منتجي ومخرجي الدراما التلفزيونية عليه، بعد أن أصبح النجم المفضل لدى الجمهور والحائز على ثناء النقاد، فهرولت شركات الإنتاج إليه، وبمجرد أن بدأت رحلته في المسلسلات الأميركية، حتى كان النجاح حليفه، إذ لمع بشدة عندما جسد شخصية "أنطونيو سكارباسي" سائق سيارة الأجرة في مسلسل "الأجنحة" والذي تابعته الملايين عبر شبكة "إن بي سي".توالت أعمال شلهوب، في دراما التلفزيون، فقدم العديد منها وكان من أبرزها مسلسل "السيدة الرائعة ميسل The Marvelous Mrs.Maisel"، وكلما قدم عملا، حصد نجاحا يفوق ما قبله، وبات الجواد الرابح إلى أن بلغ قمة التألق في مسلسل "مونك Monk"، وجسد فيه أهم أدواره على الإطلاق وهو "المحقق أدريان مونك"، الذي حقق فيه نجاحا باهرا 8 مواسم كاملة، ليعلو نجمه بشكل كبير، وبات من أهم وألمع نجوم التلفزيون في الولايات المتحدة. لم يمر تألقه في دور"المحقق مونك"، مرور الكرام، إذ توقف الجميع نقادا وجمهور عنده منبهرين، فهرولت إليه الجوائز، في مقدمتها جائزة "إيمي Primetime Emmy Award "، التي نالها ثلاث مرات في السنوات 2003، 2005، 2006، كأفضل ممثل، ليس هذا فحسب، بل إنه بسبب هذا الدور نال جائزة " غولدن غلوب Golden Globe" العام 2003 كأفضل ممثل في مسلسل كوميدي، وتوالت الجوائز عليه فنال أيضا جائزة "نقابة ممثلي الشاشة" كأفضل ممثل كوميدي في عامين متتالين هما 2004 و2005. "سلاحف النينجا"لم يقتصر نجاح شلهوب، على الدراما التلفزيونية، بل تألق أيضا في السينما، حيث لفت الانتباه في أدواره التي قدمها، ومنها دوره في فيلمي "رجال في الثياب السوداء Men in Black" و"جاتاكا Gattaca" اللذين قدمهما العام 1997، وكذلك دوره في فيلم "الليلة الكبيرة" والذي فاز عنه بجائزة أفضل ممثل مساعد من الجمعية الوطنية للسينما، أيضا دوره في فيلم "13 شبح Thir13en Ghosts" الذي ينتمي لأفلام الرعب، ثم شخصيته الكوميدية التي أداها ببراعة في فيلم "بحث المجرة Galaxy Quest"، علاوة على أدواره في أفلام "الحصار، الجاسوس، الرجل الذي لم يكن هناك"، كما لعب دورا مهما في فيلم "سلاحف النينجا.. المراهقون المتحولون Teenage Mutant Ninja Turtles" والذي حقق نجاحا ساحقا، وبلغت إيراداته عالمياً نحو 500 مليون دولار. يتفق النقاد على أن أهم ما يميز الفنان طوني شلهوب، قدرته على الاندماج في الشخصيات التي يقدمها، وهذا سبب تميزه في كل الأدوار، سواء الكوميدية التي اشتهر بها ويميل إليها، أو الألوان الدرامية الأخرى، ما جعله منافسا وندا لكبار الفنانين في كل عمل سواء كان مسرحيا أو تلفزيونيا أو سينمائيا، دراميا كان أو كوميديا. لم يكتف طوني، بالتمثيل فقط، بل خاض تجربة الإنتاج، ويحمل مسلسله الشهير "مونك Monk" اسمه كمنتج منفذ، كما خاض تجربة الإخراج، وخلال رحلته هذه حقق أرباحا كبيرة، وأصبح الفن هو كل شيء في حياة طوني شلهوب، حتى عندما فكر أن يتزوج اختار الممثلة والمنتجة الأميركية بروك أدامز Brooke Adams، التي تكبره بنحو ثلاث سنوات، وقد أعلنا زواجهما العام 1992، ويعيشان حياة مستقرة هانئة، لم يعكر صفوها سوى عدم انجابهما، لكن ذلك لم يقف حجر عثرة في طريق استقرار عش الزوجية، إذ وجدا أن الحل البديل هو التبني، فقاما بتبني طفلتين تربيتا في كنفهما، حتى تجاوزت احداهما جوسي، الثلاثين من عمرها، بينما تصغرها الأخرى بأربع سنوات. كما لم يحرمهما الزواج من المشاركة الفنية معا، فهناك العديد من الأعمال التي جمعتهما سواء تلفزيونية أو سينمائية، بل إنها دعمته كثيرا في تجربته الإخراجية الأولى وخاضت معه المغامرة من خلال قيامها بالبطولة أمامه، كما اشتركت معه في مسرحية "الأيام السعيدة" للكاتب صمويل بيكيت، عندما قدماها معا العام 2015 على مسارح برودواي بمدينة نيويورك.فخر واعتزازرغم الحياة الحافلة للنجم طوني شلهوب، لكنه لم ينس أصله اللبناني، فدائما يعلن كلما سنحت مناسبة اعتزازه بأصوله العربية، كما حدث عندما التقى طلبة "ستديو الممثل" في نيويورك، فأكد وهو يسرد تجربته الفنية والإنسانية، بأن تلك الأصول تجعله يشعر بأنه جزء من ذلك المزيج الذي يشكل الولايات المتحدة، كما لم ينفصل عبر مشواره الفني عن قضايا مجتمعه العربي، فإذا كان ناقش في مسرحيته "زيارة فرقة موسيقية" فكرة الحرب والسلام من خلال القصة التي قامت عليها المسرحية وتدور حول فرقة موسيقية مصرية تضل طريقها في إسرائيل، فإنه شارك أيضا في فيلم "الشرق في أميركا" والذي تطرق إلى فكرة خوف المجتمع الأميركي من العرب والمسلمين خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وكيف أن هناك محاولات قام بها كثيرون للتأقلم مع الواقع الأميركي لكنها باءت بالفشل بسبب سوء الظن بالعرب والمسلمين، وقد عرض هذا الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الحادية والثلاثين العام 2011 باعتباره من الأفلام المثيرة للجدل، كذلك تعاون مع شبكة المحترفين العرب الأميركيين لإطلاق مسابقة "جائزة صانع الأفلام العربية الأميركية" في العام 2005، والتي شارك فيها صانعو الأفلام من العرب الأميركيين بالعديد من السيناريوهات، وتم اختيار الفائزين وتحويل سيناريوهاتهم إلى أفلام عرضت في هوليوود والعالم. إن رحلة طوني شلهوب، الذي يبلغ من العمر حاليا 70 عاماً، مليئة بالجهد والكفاح، لطفل عربي استطاع أن يضع هدفا أمامه في بلد لا ترحب كثيرا بذوي الأصول العربية، لكنه تجاوز كل الصعاب واستطاع بأعماله الفنية التي قدمها في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية أن يحلق في سماء النجومية العالمية.

طوني شلهوب

شلهوب أحد أفلامه

شلهوب وزوجته بروك أدامز