كتب - فالح العنزي:قدم الفنان المخضرم عباس البدري في العام 1991 آخر لحن في مسيرته الغنائية تاركا الساحة لمن يراها مناسبة له، لم تستهوه ما عرف بالطفرات الموسيقية ولم يكلف نفسه الاعتراف بالتقنيات الحديثة، التي حلت محل المطرب، انسحب بهدوء وترجل عن صهوة الغناء الأصيل، تاركا للأجيال المتعاقبة مجموعة من الأغنيات التي تعتبر مدارس مستقلة منها "غالي غالي لو يبعد" و"قالولي خليجية" و"تسأليني" وغيرها عشرات الأعمال التي تغنى فيها بالكويت.يقول البدري: "ابتعادي عن الفن كان عن قناعة مطلقة، تتلمذت على أصوات حقيقية وملحنين يقدرون الكلمة واللحن، غرست بداخلي قيما فنية لا يمكن التنازل عنها، للأسف ظاهرة دخيلة اقتحمت الأغنية الخليجية ولم تعد الأغنية تشبهني فآثرت الانسحاب بهدوء ومن دون شوشرة ومن دون أن ألوث ذاكرتي وذائقتي بأغنيات مشوهة، لقد اعتدت الغناء وسط فرقة غنائية وعازفين وجمهور جاء من أجل أن يسمع بأذنه وليس بعينيه.وأضاف: قاطعت الجميع وعشت عزلة فنية، هذه هي طبيعتي منذ نعومة أظفاري، لست من هواة "مضيعة الوقت"، بل قررت الاعتكاف في منزلي محتفظا بتاريخ ومسيرة فنية أراها جديرة بالاحترام، تواصل بعض الأصدقاء والفنانين معي استمر لسنوات قبل أن أجد نفسي وحيدا بعدما ابتعدت عن زيارة فرقة المسرح الشعبي واحتفظت بصداقات محدودة جدا جدا، اليوم عمري تجاوز السبعين عاما ولم يعد في العمر بقية، وكل القلق الذي ينتابني بسبب تقدم العمر وشبح الكبر ونكران الجميل من أقرب الناس.ولم يتردد الفنان المخضرم البدري من توجيه انتقاده الحاد للأغنية الحديثة بقوالبها الجديدة متهما غالبية المغنين الجدد بالاختباء وراء التقنيات والتكنولوجيا والتستر بفيديو كليبات تعتمد في المقام الأول على الفتيات، فتظهر أعمالهم بصورة متواضعة لا يشكل منها صوت المطرب سوى أقل القليل من الأغنية، "لذا ومن دون مبالغة لا أتذكر بأنني سمعت أي أغنية للجيل الحديث بعدما ساهم غالبيتهم في تراجع الأغنية الكويتية"، مشيرا إلى أن نجاح أغنيات جيل السبعينات والثمانينات يعود إلى ورش العمل التي يعقدها أضلاع الأغنية الثلاث الشاعر والملحن والمطرب وتستمر لأسابيع، حتى يظهر العمل بالصورة المطلوبة مثلما هي الحال في أعمال كثيرة قدمها في مسيرته الغنائية منها "غالي غالي"، "تسأليني"، "يا ليل طول"، "يا عشير فقدته"، "جاي تعيد"، "علمنا الهوى نهواه" وغيرها.وأعاد البدري شريط ذكرياته في أغنية "قالولي خليجية" وقال: "هذه الأغنية وضعتني في ورطة حقيقية، خصوصا بعد نجاحها الكاسح على مستوى الخليج، فبعدها طرحت عشرات الأغنيات لم تحقق الانتشار المطلوب على الرغم من توافر كافة الإمكانيات لان تحقق الانتشار، علما بأنها جاءت بعد أغنية "غالي غالي لو يبعد" التي تغنى بها الكثير من المطربين منهم عبدالله الرويشد ونوال والجسمي وغيرهم.البدري "أبو سالم" يمتلك عزة نفس ويرفض تحت أحلك الظروف التعبير عن حزنه الداخلي ومعاناته وافتقاره إلى أبسط متطلبات الحياة الكريمة من "منزل ومعاش"، خصوصا بعد مشكلات عاشها ولا يزال مع البعض، متمنيا أن تشهد الفترة المقبلة بصيص أمل حتى يعيش ما تبقى من عمره "عزيز قوم لا يذل".
وزارة الشؤون تدرس حالته واحتياجاتهفي مبادرة متوقعة أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية عن تبنيها دراسة حالة الفنان عباس البدري والتدخل السريع من أجل توفير سكن وراتب شهري يحفظ له كرامته بعدما تناقلت اخبار عن مواجهته لمشكلات دفعته للنوم في سيارته حتى كتابة هذه السطور. وقالت الوكيل المساعد للتنمية الاجتماعيةً هناء الهاجري، في مداخلة تلفزيونية، أن الفنان عباس البدري من الأسماء التي قدمت للكويت الكثير، واليوم نحن نتعامل مع حالة إنسانية بإذن الله تعالى سيتم حل مشكلته.

نوال

عبدالله الرويشد

البدري في شبابه