الأحد 27 أبريل 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

عقارب الساعة لا تدور إلى الوراء

Time
الأربعاء 08 يونيو 2022
View
5
السياسة
حسن علي كرم

أي حديث يتردد عن حل مجلس الامة حلا غير دستوري، وتجميد مواد الدستور، والعمل بمراسيم الضرورة، أقول من يفكر أو يسعى الى تطبيق هذه الفكرة الظلامية، لا يزال يعيش في زمن ولى، ولم يعد يدور في اذهان الناس كما ليس هناك مجال للعودة الى ذلك، فسنة الحياة تقوم على دوران الارض لكن ليس الى الخلف، انما الى الامام، وهي حكمة الاهية لا يفهمها الا من متعه الله بالبصيرة الثاقبة.
إن تجربة حل المجلس حلا غير الدستوري، في عامي 1976 و1986، وما أدت اليه حينها من خلافات بين الحكومة والاغلبية الشعبية، كانت كافية لكي لا يعود التفكير مجدداً بالحل غير الدستوري، اذ لا يمكن في بلد تربى ابناؤه على الحياة الديمقراطية وحرية التعبير ان تقول لهم هذا فراق بيننا خذوا ديمقراطيتكم واتركوا ما طاب لنا فعله، بلا تدخلات او استجوابات او محاسبة مما تضيق به صدورنا عند سماعه، ثم اي رجوع عن الديمقراطية هو بمثابة انقلاب على الدستور والنظام الديمقراطي، وتقويض لتعهدات سابقة. ليس النظام الديمقراطي مسألة تأمين خبز وتوفير التموين واشباع البطون، أو توظيف العاطلين وصرف رواتب، حتى وان لم يداوموا، أو ينامون على فراش من حرير، مقابل اعملوا ما طاب لكم واتركوا ما طاب لنا.
ولا الديمقراطية أحد اسباب تفشي الفساد، ولا نظام الحكم الفردي سوف يقطع دابر الفساد وتصبح الكويت آية من آيات الطهارة الادارية، بل لعل الحكم الفردي قد يوسع منافذ الفساد، لان الوطن لا يحتمل القسمة بين الحكم والرعية، وليس هناك ما يلزم التقسيم، لخلاف في وجهات النظر أو "نحن نرى ما لا ترون"، فانتم رأيتم، وكانت الكارثة في الثاني من اغسطس 1990، ودفعنا الثمن جميعاً، حكماً وشعباً وأرضاً، فهل هناك سعي لتكرار الكوارث، أم تعودنا تحمل الكوارث من وقت لاخر؟
الكويت دفعت ولا تزال تدفع اثمانا عظيمة نتيجة للسياسات الخاطئة، والنظرة القصيرة للامور، فيما يفترض أن الزمن قد علمنا مما مررنا به من مطامع وحروب وغزوات أن نكون اصلب، فيما لا تزال المطامع دائرة ومحاولات الاستحواذ على ثرواتنا ارضاً وبحراً وجواً فيلم لا ينتهي!
نحن ندرك أن ديمقراطيتنا زرع لا ينبت في مكان اخر في سبخة، أو أرض بور، لكن لسنا مسؤولين عمن يرفض استصلاح أرضه، أو تعديل التوجهات لتصبح التربة صالحة وزرعاً مثمراً يأتي أكله في كل حين.
لذا هل ندافع عن مكتسباتنا أم بأيدينا نخربها فيما نحن ندرك أن ديمقراطيتنا، رغم القصور، هي البضاعة الناجحة والمثمرة التي نقدمها للامم الناجحة، كما ندرك لئن كنا أقل شأناً من حيث النهضة العمرانية بين دول كانت خلفنا وتقدمت علينا آلاف الاميال، لكن لا يجوز أن نحمل نظامنا الديمقراطي مسؤولية الاخفاق، وإلا لكانت كل الدول الديمقراطية متخلفة، انما نحمله على حكومات فاشلة، وموقع الجغرافي فرض علينا ما لم يُفرض على غيرنا.
تالياً كنا نشعر في أنفسنا بأننا عاجزون عن المواجهة وارجاع حقوقنا التي نُهبت أو تم نهبها، فإن قوة الامم لا تتجلى بكثرة أو نوع السلاح، أو تعداد البشر، فكم من أمم قليلة العدد لكنها قوية الايمان بأرضها وحقوقها ولم تتأخر يوماً بالدفاع عن الوطن والارض والشعب بأسنانها وأظافرها.
ديمقراطيتنا ليست بدعة ولا ثوب واسع علينا، فالكويت تأسست باسم الله وباجماع الرأي، فهل يكثر البعض علينا اذا اوجدنا نظاماً ديمقراطياً في ارض سبخة وعمرناها فانبعث منها نور كان بمثابة اشعاع غمر المنطقة؟ إن المأخذ والمثالب التي يلبسونها لديمقراطيتنا هي امر طبيعي لنظام ديمقراطي لا يزال ناشئاً، فالزرع يحتاج من زارعة للرعاية والمتابعة والاهتمام حتى يقف وينمو، وفي كل الاحوال الزمن كفيل بأن يصلح ما افسدته الايام، لكن لا ينبغي أن نكفر في ديمقراطيتنا، فهي المرآة التي تعكس للعالم اننا موجودون على الخريطة العالمية، واننا وجدنا لكي نبقى، وأن ديمقراطيتنا من طبيعة ارضنا، ولم تكن بدعة كما يهرف الجهلة والخصوم واعداء الديمقراطية!
$ صحافي كويتي

[email protected]
آخر الأخبار