منوعات
غزوة مؤتة... لم يحضرها النبي
الاثنين 18 مايو 2020
60
السياسة
غزوات الرسولإعداد – إيمان مهران:بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة واستحالة الحياة بمكة المكرمة بسبب إيذاء قريش المستمر للمسلمين ، وبعد الاستقرار النفسي الذي حققه المسلمون، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة التعرف على المدن والقبائل المجاورة وكذلك الطرق التي تؤدي إلى قريش وغيرها من المدن المحيطة ، من أجل إرساء مفهوم الدين الإسلامي ونشرة لدى تلك القبائل المجاورة ، فكانت هذه هي الرسالة والعقيدة التي أمر الله بها رسوله الكريم. برز خلال الغزوات الكثير من الصحابة والذين لعبوا دورا كبيرا في انتشار الدعوة الإسلامية حول العالم، مثل "غزوة مؤتة" التي أظهرت بطولة الصحابي الجليل خالد بن الوليد، وعلى الرغم من أنه وقتها كان حديث العهد باعتناق الإسلام، لكن هذا لم يمنعه أن يصبح قائدًا لجيش المسلمين.في السنة الثامنة هجرية، وبعد مرور عامين على صلح الحديبية، كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يُرسل الوفود والرسل إلى الممالك المجاورة ليعرفهم بدين الله ويدعوهم للإسلام، ومن ضمن تلك الرسل الصحابي الحارث بن عمير الأزدي، المرسل إلى مملكة الروم في الشام، ولكن قائد جيش الروم ويدعى شرحبيل بن عمرو الغساني، قتله وقطع رأسه، وعندما علم النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر بتجهيز جيش المسلمين وكان عددهم 3 آلاف مقاتل؛ ردًا على ما فعله قائد الروم.وعلى الرغم من أن رسول الله (صلى) لم يحضر هذه الغزوة؛ إلا أنه كلف 3 من الصحابة بقيادة جيش المسلمين، هم: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب ابن عم النبي، وعبد الله بن رواحه، بالتناوب بينهم (إذا قتل القائد الأول يحل مكانه الثاني ثم الثالث). وتحرك جيش المسلمين حتى علموا أن قائد الروم جمع جيشًا لقتالهم قوامه 200 ألف مقاتل، ونظرًا لعدم التكافؤ بين الجيشين، قرر المسلمون التريث قبل الذهاب إلى المعركة، وعسكروا في أقرب مكان لهم وكانت قرية "مؤتة " إحدى بلاد الشام التي مكثوا فيها يومين، زال فيهما التردد والخوف الذي كان يسيطر على جيش المسلمين، حتى قام عبد الله بن رواحه ببث روح الهمة والعزيمة وحب القتال في سبيل الله، مؤكدًا أنهم سينالون إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة، والتقى الجيشان وسقط القائد زيد بن حارثة، فتناول الراية جعفر بن أبي طالب ولكن جاءته ضربة قطعت يده اليمنى، فنقلها إلى يساره ففقدها هي الأخرى، لكنه لم يستسلم وحملها بين عضديه حتى أتته طعنة فسقط شهيدًا، وتناول الراية عبد الله بن رواحه الذي قاتل ببسالة حتى استشهد هو الآخر.لم يعلم المسلمون ماذا يفعلون بعد استشهاد القادة الثلاثة وسط الأعداد الكبيرة للعدو، حتى أخذ الراية ثابت بن أقرم وأعطاها لخالد بن الوليد، وعلى الرغم من أنه كان حديث العهد بالإسلام، لكن قدرته وبراعته في الحرب معروفة لكل العرب، ما أسفر عن ارتفاع الروح المعنوية للجيش وقاتلوا ببسالة وإقبال على الحرب على الرغم من استشهاد 12 من المسلمين.وعلم القائد المحنك في الحرب خالد بن الوليد أنه لا توجد فرصة للفوز بهذه المعركة في ظل الأعداد الكبيرة للروم، فابتكر خطة ذكية للحفاظ على الجيش والعودة إلى الديار، وانتظر حتى هبوط الليل وحاول إحداث حرب نفسية، بالتظاهر بأن هناك جيوشًا وإمدادات جديدة وصلت إليهم، من خلال إحداث ضجة كبيرة في معسكر المسلمين، ثم بدل الجنود الذين في المقدمة إلى المؤخرة والذين في ميمنة الجيش إلى الميسرة، واستبدل الرايات وكأنها جديدة؛ ليظن الروم بتواجد جيوشً أخرى جاءت للمساعدة، ونجحت الخطة وكان لها تأثير نفسي كبير على جيش الروم وارتبك قائدهم وقرر التراجع بجنوده حتى يدرس الإمدادات القادمة للمسلمين، وكانت هذه اللحظة المناسبة التي انتظرها خالد بن الوليد للانسحاب بجيشه من المعركة دون أن يلاحقهم الروم والحفاظ على أرواح باقي المسلمين.وعند عودتهم إلى المدينة كان في استقبالهم النبي (صلى)؛ للإشادة بجيش الإسلام الذي قاتل ببسالة في معركة غير متكافئة، وأطلق الرسول (صلى الله عليه وسلم) على خالد بن الوليد لقب "سيف الله المسلول" والذي كانت هذه المعركة شرارته الأولى في الفتوحات الإسلامية الكبيرة لكل بلاد الشام بعد ذلك.