الجمعة 23 مايو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

فاطمة رشدي... وثقت حياتها وغرامياتها ومسيرتها

Time
السبت 01 أبريل 2023
View
50
السياسة
صاحبة "العزيمة" ورثت الموهبة من جدتها... والعصامية من أبيها

طاردتها الذئاب البشرية وأفلتت بأعجوبة من عجوز كاد يغتصبها

اكتشفها سيد درويش... وعملها مع يوسف وهبي أثار غيرة النجمات

تبناها عزيز عيد وعلمها التمثيل ثم تزوجها رغم فرق السن بينهما

أحبت مليونيرا يهوديا وضع أمواله تحت تصرفها فطلقت والد ابنتها

تعرفت في أوروبا على أسباب نجاح فنانيها حتى تكون مثلهم

القاهرة - أحمد أمين عرفات:


تعد الفنانة فاطمة رشدي، إحدى رائدات السينما المصرية، ويكفي أن اسمها ارتبط بفيلم "العزيمة"، أول فيلم مصري واقعي من صميم الحياة، ويرى كثير من النقاد والمؤرخين أنه البداية الحقيقية للسينما المصرية والعربية، وربما لذلك تم اختياره لتصدر قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ الفن السابع، كما يرتبط اسمها أيضا بالمسرح الذي قدمت فيه روائع خالدة منحتها لقب "سارة برنار الشرق"، تشبهاً بممثلة المسرح العالمية التي كانت ذائعة الصيت في أوروبا واستحقت عن جدارة أيضا لقب "ممثلة المسرح العربي الأولي".
تعرض "السياسة" أهم ما جاء في مذكراتها التي سردتها بنفسها، من أسرار الفن والسياسة علاوة على أسرارها الشخصية وزيجاتها وقصص غرامها، وغيرها من الأشياء التي لا تتناول فقط حياة فنانة، بقدر ما تؤرخ وتوثق الفترة الزمنية التي عاشتها.
تبدأ مذكرات فاطمة رشدي، بمقدمة يصف فيها المحامي محمد رفعت، معد هذه المذكرات، حالته عندما جلس إلى فاطمة رشدي، لكي تسترجع أمامه أيام حياتها بحلوها ومرها، وكيف أحس بأنه يجلس مع الموهبة والذكاء والعبقرية والعزيمة، المغلفة كلها بفتنة وسحر المرأة، وكيف أنها لم تمل عليه مذكراتها وإنما مثلتها أمامه فقرة فقرة كما عاشتها، فشدته إليها كما كانت تشد جمهور مسرحها إلى عروضها الخالدة، ويختتم مقدمته بطريقة تشويقية قائلا "والآن أيها القارئ العزيز.. صمتا.. ولتفتح أذنيك وترهف حواسك.. انني أرفع لك الستار عن مذكرات فاطمة رشدي".
تكشف الفنانة فاطمة رشدي، في بداية مذكراتها، أنها ورثت مواهبها الفنية من جدتها لأمها "حفيظة هانم" إحدى وصيفات حاكم مصر الخديوي إسماعيل، حيث كانت تشهد مع زوجة الخديوي الروايات الغربية التي تعرض في دار الأوبرا المصرية، كما ورثت عن والدها الاعتماد على النفس واتخاذ العصامية مبدأ، لافتة إلى أن والدها كان جنديا في الجيش التركي وتمت ترقيته إلى رتبة ملازم ثان لشجاعته وحسن أدائه في الحرب التي شنتها تركيا على اليونان، وبعد أن أٌكرهت تركيا على الجلاء عن اليونان، وجد نفسه مهددا بالقتل لأنه كان أحد أعضاء حزب "تركيا الفتاة"، فهرب من جواسيس السلطان عبدالحميد، إلى الإسكندرية وأسس بمشاركة تاجر إسكندراني، مصنع للحلاوة الطحينية والحلوى الاسطنبولي، ورغم نجاح المصنع في سنواته الأولى، لكنه ما لبث أن تضاءل أمام طوفان الشيكولاتة والحلوى الأوروبية، فانخفض مورد رزقه الذي كان ينفق منه على زوجته وبناته الأربع، عزيزة ورتيبة وإنصاف وفاطمة التي كانت أصغرهن، وكما وصفت نفسها "أخر العنقود".
لم يمض وقت طويل حتى مات الأب، وتم تصفية المصنع وأصبحت الأسرة - على حد تعبيرها - على "الحديدة" لا تملك شيئا. وتتابع فاطمة رشدي: "مرت الأيام قاسية طاحنة، واضطررنا إلى البحث عن مصدر للقوت، ورشح صديق للعائلة أختى إنصاف لتكون إحدى فتيات الكورس في مسرح بالاسكندرية، وعارضت أمي خوفا على أختي، ولكن صديق العائلة مازال بها حتى أقنعها بأنها تستطيع أن تلازمها كحارسة أمينة لا تفارقها حتى انتهاء عملها، ووافقت أمي آخر الأمر، واشتغلت إنصاف في هذا المسرح.
من هنا بدأت علاقة الصغيرة فاطمة بعالم الفن، حيث كانت تذهب مع أمها إلى المسرح، وتصادف وقتها أن قام الملحن الشهير سيد درويش بزيارة المسرح الذي تعمل فيه شقيقتها إنصاف، بحثا عن فتيات صالحات للعمل ضمن الكورس الذي يشارك في رواية "العشرة الطيبة" التي ستعرض في القاهرة، وما ان رأى فاطمة، وسمع صوتها وهي تدندن حتى أقنع أمها، خصوصا بعد أن أعطاها مبلغا كبيرا، بضرورة إلحاق إنصاف بالكورس وإظهار فاطمة، بين الفصول واعدا إياها بالبحث عن أدوار تناسب طفولتها.

بنات حواء
سافرت الأم مع بناتها إلى القاهرة، والتحقت فاطمة وشقيقتها الأكبر منها إنصاف، بفرقة نجيب الريحاني ضمن الكومبارس، لكن بعد شهرين فقط تم الاستغناء عنهما، وكما تقول فاطمة فإن مجال عمل فتيات الكومبارس كان متوفرا بسبب كثرة دور اللهو من مسارح استعراضية، إلى كباريهات باعتبارها كانت ضرورة دعت إليها كوارث الحرب العالمية الأولى، حيث كانت هي المتنفس لكرب الناس في التسلية المتاحة لهم في الغناء والرقص والتمثيل الهزلي، كاشفة أن ذلك كان العامل الأول في تمكين سيد درويش من الإبداع وتطوير الغناء ونقله من التخت إلى المسرح ومن مخاطبة الغرائز الحسية إلى التعبير عن الحياة العصرية وتطويعها للأوبرا.
رغم مغادرتها وشقيقتها إنصاف، فرقة نجيب الريحاني، إلا أنها ترى أن ذلك كان سببا في تقدمها خطوة إلى الأمام في عالم الفن، حيث ألحقها يوسف عز الدين وكان لديه صالة للرقص في شارع عماد الدين مطربة بمسرحه، ما ساهم في شهرتها بشكل كبير، لكن التدهور بسبب الظروف السياسية لحق بالصالة، وقتها تذكرت ما قاله الريحاني لها ولشقيقتها عندما استغنى عنهما بأن هناك تياترو في مدينة بورسعيد بحاجة إلى فتاتين لتقديم الأغنيات التمثيلية والاستعراضية لرواده، وبسبب قلة العمل بالقاهرة سافرتا بصحبة أمهما إلى بورسعيد، لتفاجأ بأن هذا التياترو ما هو إلا سيرك، جمهوره من العمال والباعة المتجولين فلم تنل الأغنيات الإعجاب، فتم طردهما مجددا، فعدن إلى القاهرة بعد تجربة قاسية.
في القاهرة اتيحت لفاطمة، فرصة الظهور بمسرح كازينو "دي باري" كطفلة تلعب الكرة وتغني، ونظرا لإعجاب صاحبة الكازينو مدام مارسيل، اختارتها لتشارك في تمثيل مسرحيات استعراضية من نوعية مسرحيات الريحاني والكسار، وتوضح فاطمة: كنت منذ قليل مطربة فاشلة لفظني "السيرك" فأصبحت ممثلة "قد الدنيا"، هكذا تصورت نفسي وافتخرت على اخواتي وزميلاتي، وركبني زهو، ليس أعجب منه إلا زهوي حين قدمنى فقيد المسرح والأدب العربي المغفور له محمد تيمور، الذي كان من رواد المسرح، وكان يعطف علي ويشجعني، قدمني إلى المخرج المسرحي عزيز عيد، قائلا بالحرف "أقدم لك يا استاذ بنت صغيرة، سيكون لها شأن في المستقبل أنها ذكية ومجنونة بالتمثيل ثم ضحك، وأضاف "ومجنونة بالتأليف، إنها تؤلف كل يوم رواية، يعني راحت علينا".
اعتبرت فاطمة، تشجيع محمد تيمور لها وتكهنه بمستقبلها بمثابة حقائق لابد أن تقع أو هكذا صور لها الغرور، واعتقدت أنها ممثلة الغد الكبرى، وزعيمة بنات حواء اللاتي احترفن التمثيل. كما أعجب الفنان عزيز عيد بها وآمن بتكهنات محمد تيمور، ولم يدر بخلده أن حياتها الفنية تتطور منذ هذه اللحظة وأن مستقبلها كممثلة وزوجة وأم قد تحدد في تلك المقابلة العابرة.
تواصل فاطمة، سرد مذكراتها قائلة: "قضيت شبابي وصدرا من طفولتي مجنونة بفن التمثيل، أعيش أحلام اللحظة التي تخيلتني فيها معبودة الجماهير، الممثلة التي يصفق لها الشعب العربي كله ويفخر بها، ويعطيها ما تستحقه، وفي المقابل تعطيه فنا رائعا لم تألفه المسارح في بلاد العروبة... لم أجد طريقي إلى أهدافي ممهدا فأنا يتيمة فقيرة، لا أقرأ ولا أكتب، وقد وضعت رجلي على أول السلم، فكيف أصعد إلى القمة، ما هي مؤهلاتي، ما هي امكانياتي، ما هي أدوات النجاح ووسائله، لم أكن أجد الإجابة على هذه الأسئلة، فقط الذي كنت أدريه وأحسه وأومن به أني سأكون ممثلة عبقرية".

التماس النجاة
كان أسوأ ما يقابل فاطمة، حسب تأكيدها، هو مطاردة الذئاب البشرية لها، والخطابات التي تصلها تحت مسمى الحب، بينما هي مناورات خسيسة تحركها الغريزة، لكنها كانت تؤمن بأن الله يحميها من هؤلاء وتدلل على ذلك قائلة: "أولعت بركوب الخيل تشبها بممثلة السينما الصامتة بيرل هوايت التي اتخذتها مثلا أعلى لي، وذات مرة كنت امتطي صهوة جواد استأجرته، وسرت به في شارع عماد الدين، وإذا برجل في زي أهل الريف ومن أعيانها على ما يبدو، يناديني باسمي ويدعوني إليه بكلمات رقيقة شعرت في نبراتها حنان الأب وعطف الأبرار على الصغار، وأعطاني كمية لا يستهان بها من الشيكولاتة، وراح ينصحني بعدم ركوب الخيل خوفا من جموحها، و تكرر نداؤه لي وتكرر أيضا تقديمه الشيكولاتة، ومرة دعاني للعشاء فلبيت دعوته، وكيف أرفض أكلة شهية في ذلك المطعم الارستقراطي، ونحن في بيتنا لا نحلم بمثلها، وازدادت حفاوته واهتمامه بي، فاشترى لي فساتين وملابس غالية الثمن، سألتني والدتي عن مصدرها، فقلت لها إنه رجل من الأعيان يحنو علي ويعاملني كما لو كنت إحدى بناته، وشهدت بصدق قولي شقيقتي إنصاف، بعدها اشترى لي أساور وقرطا وخاتما مرصعة بالألماس والأحجار الكريمة، ولم أجد عندي من عبارات الشكر والامتنان سوى الدعاء له بطول العمر، إلى أن دعاني ذات ليلة بعد العشاء لنزهة في الجزيرة فركبنا عربة حنطور، فلما تعمقنا في الجزيرة والليل حالك جذبني إليه جذبة أحسست فيها غير ما كنت أحسبه في هذا الرجل الملاك الذي أحببته كأبي، وضمني في لهفة إلى صدره وقبلني قبلة حارة كادت تصعقني، ثم لم يمهلني حتى أعنفه وهم بالاعتداء عليّ عنوة واقتدارا، فتخلصت منه ودفعته بكل قوتي وقفزت من العربة الحنطور ووقعت على الأرض ولم أصب بسوء وصرخت "الحقوني... يا شاويش" وركضت في الشارع مذهولة مذعورة ألتمس النجاة، والحمد لله كتبت لي النجاة ووجدت عربة حنطور أقلتني إلى منزلنا.

زواج وطلاق
تعرج فاطمة رشدي، في مذكراتها إلى المرحلة التي تتلمذت فيها على يد المخرج والفنان عزيز عيد، والذي دفع بها إلى الأمام بوثبات مذهلة على حد قولها، وتتابع: علمني عزيز عيد القراءة والكتابة، وألحقني بفرقة "رمسيس" أمثل أمام صاحبها يوسف وهبي أدوارا صغيرة ثانوية في البداية، ثم صعدت السلم درجة درجة حتى وصلت إلى مصاف الممثلات البطلات، عزيز عيد عبقري كممثل ومخرج لا نظير له ومعلم تخرج على يديه جميع أساطين المسرح بلا استثناء، بعدما تمكن من نقل الإخراج المسرحي من البدائية إلى الحرفية ومن الفوضى والارتجال إلى النظام والالتزام بقواعد الفن الصحيح، وأنه يرجع إليه الفضل في إيجاد ألوان جديدة بالمسرح المصري العربي، فهو أول من ترجم وأخرج ومثل مسرحيات "الفودفيل" الكوميديا المرتجلة، والتي قام بتمصيرها الريحاني وهو أحد تلاميذه ولقيت رواجا وإقبالا.
تعود فاطمة، إلى رحلتها مع الفن: لم ألبث أن أثرت غيرة وحقد ممثلات ونجمات فرقة رمسيس، وبدأن الدس والوقيعة، ووقف عزيز عيد، إلى جانبي وتزوجني أولا رغم فرق السن الكبير بيننا، ثم استقلنا سويا من فرقة "رمسيس"، وكان عزيز قد أصبح زوجي ووالد ابنتي الوحيدة "عزيزة" وقضينا أياما تعيسة شقية حتى ساق القدر إلى مليونير يهودي من بلاد المغرب العربي يدعى إيلي الدرعي، وكان معجبا بفني أشد الإعجاب.
تطورت علاقتي مع إيلي الدرعي، إلى حب كبير ووضع أمواله تحت تصرفي، فألفت مع عزيز فرقة باسمي، وحققت حلمي الكبير، ثم انفصلت عن عزيز وعشت مع الدرعي، وسافرت بفرقتي إلى بيروت وبغداد ودمشق، وانتهت الرحلة إلى خسارة فادحة، وعندما عدت إلى القاهرة قررت حل الفرقة، لكن الدرعي أبى وأصر على بقائها، ودعاني للسفر معه في رحلة إلى أوروبا لإراحة أعصابي، ثم أعود لمواصلة العمل بفرقتي.

مفاجآت أوروبا
سافرت فاطمة، مع صديقها المليونير إلى أوروبا، وكانت المرة الأولى التي تطأ فيها قدمها هذه القارة، ورغم أنه أبلغها وهما في الطريق أنه سيشتري لها كل ما تشتهيه من فراء وفساتين ومجوهرات، لكنها لم تبال بذلك وطلبت منه شيئا آخر وهو أن تزور مسارح أوروبا الشهيرة وأن تتعرف إلى فناناتها وفنانيها الكبار، لكي تستفيد في مشروعاتها المسرحية المقبلة، مؤكدة بأن المرأة تنجح بالتشبث والإصرار لا بالمال، إنها كالإعلان تنال ما تريد بالتكرار، فما كان من الدرعي، إلا أن أكد لها بأنه لا هم له في الدنيا إلا إسعادها ومستعد أن ينفق كل ثروته من أجلها.
سكنت فاطمة والدرعي بفندق كبير في باريس، وهنا حدثت مفاجأة لم تكن تخطر على بالهما أو بال إدارة الفندق، حيث أرسل الدرعي، برقية من القاهرة إلى إدارة الفندق يقول فيها "احجزوا لي جناحا مجهزا بجميع وسائل الراحة.. إلى آخره"، وما أن وصلت فاطمة والدرعي إلى الجناح حتى وجدا فيه فتاة جميلة من فاتنات باريس، فسأل الدرعي مدير الفندق وهو يشير إلى الفتاة: من هذه؟ ليجيب الرجل في ارتباك: "هذه يا سيدي، إلى آخره، لم نكن نتوقع أن تكون معك امرأة واعتقدنا أنك تقصد بكلمة إلى آخره فاتنة باريسية فأحضرناها لك".
تتوالى المواقف المضحكة يوم وصولهما إلى الفندق، فبعد أن استراحا قليلا، طلب الدرعي صحف اليوم وعندما سألته فاطمة عن السبب، أخبرها بأنه يبحث فيها عن باب "أين تذهب هذا المساء" ليحددا المسرح الذي سيذهبان إليه، وما ان جاءت الصحف وأخذ يتصفحها حتى غرق في الضحك، فسألته فاطمة عما يضحكه هكذا، فقال لها "خبر في هذه الجريدة، التي أقامت مسابقة ينال جائزتها الوحيدة القارئ الذي يستطيع أن يتبين ساقي مارلين ديتريش بين سيقان نساء كثيرات في مجموعة من الصور نشرتها، ففاز بالجائزة قسيس، فغرقت معه فاطمة في الضحك، ولم تنته أول سهرة لهما في باريس بدون ضحك أيضا، فحينما ذهبا لتناول العشاء في أحد المطاعم، ولأنها لا تعرف الفرنسية، سألها النادل عما تريده للعشاء، فإذا بها ترفرف بيديها كما ترفرف الدجاجة بجناحيها، وما هي إلا دقائق حتى عاد النادل ليقدم لها وجبة من الدجاج الشهي، فضحكت وضحك الدرعي، وقال لها بأنه سيعلمها الفرنسية بنفسه، حتى لا تكون بحاجة إلى الرفرفة بجناحيها بعد الآن.

حكايات جريئة
طوال رحلتهما في أوروبا كان الدرعي، يشترى لها كل ما يمكن لامرأة أن تحلم به، حتى أنها قالت بأنها عندما ذهبت لقضاء إحدى السهرات في مسرح "الليدو" كانت ترتدي الفستان الذي اشتراه لها من نابولي، وعلى كتفيها الفراء الذي اشتراه لها من روما، وعلى صدرها وفي أذنيها وأصابعها الحلي الماسية التي اشتراها لها من جنيف، ورغم سعادتها بكل ذلك، لكنها كانت تبحث عن سعادة أخرى وجدتها في زياراتها للمعارض والمتاحف نهارا، والمسارح والكازينوهات ليلا، وتتابع: "كنت أشاهد المسارح وأدرس ما بها واقتبس وأدخر في رأسي، بناء المسارح حسب اللون الذي تقدمه، مسرح صغير للدراما ومسرح كبير للاستعراض، ليكون كل منهما معدا بما يتناسب وجو الاستمتاع بما يعرض، والديكورات الضخمة الفخمة، والمسرحيات التي يمتد عرضها إلى ثلاث سنوات، ولا بد أن تحجز مكانك لمشاهدتها لشهر وشهرين مقدما، كما تعرفت بعدد كبير من الفنانين والفنانات وكانوا يبدون دهشتهم لكوني ممثلة مصرية، وفكرتهم عن مصر الفكرة الظالمة لدعاة الاستعمار، انها "صحراء جرداء تسير الجمال في شوارعها وتسبح في أعماقها التماسيح" .
"يتبع"

فاطمة رشدي


مذكرات فاطمة رشدي


في أحد أعمالها


فاطمة وابنتها الوحيدة عزيزة
آخر الأخبار