الأولى
فطر أسود أطفأ أضواء الأسطورة سمير غانم
السبت 22 مايو 2021
5
السياسة
وداع حزين اجتمع فيه أهل الفن مع طوائف الشعب، لكتابة كلمة النهاية في مسيرة عامرة بالنجاح والتألق لأيقونة الكوميديا سمير غانم، مشهد انهمرت فيه الدموع على فنان أسعد الجميع ولم يكن يوزع سوى البسمة على شفاه محبيه.شاء القدر ألا تتمكن الفنانة دلال عبدالعزيز، من توديع زوجها الفنان سمير غانم، ولم تعلم بوفاته لوجودها في العناية الفائقة بالمستشفى، حيث تعالج من فيروس "كورونا" ومجرد علمها برحيل رفيق حياتها ووالد ابنتيها سيزيد حالتها سوء.وما إن أعلنت وفاة "سمورة أو فطوطة" نسبة إلى أشهر شخصياته في فوازير رمضان، حتى حل اسمه "ترند" في مصر وجميع الدول العربية، نعاه الجميع من فنانين وجمهور بأعذب الكلمات وصور ومقاطع من أعماله، كما نعاه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في حساباته بمنصات "السوشيال ميديا"، مغردا "أنعى بمزيد من الحزن والأسى الفنان سمير غانم الذي رحل عن عالمنا تاركاً خلفه ميراثا عظيما من الأعمال، التي رسمت البسمة على وجوه المصريين والأمة العربية... فقد كان الراحل خير نموذج للفنان الذي عاش من أجل نشر البهجة وإسعاد الجميع... رحم الله الفنان الراحل، وألهم أسرته الصبر والسلوان". كذلك فعلت السفارة الأميركية بالقاهرة التي وصفته بـ "الأسطورة"، وخلال مراسم الدفن، ظهرت أسرة الراحل، حيث تواجدت ابنتاه دنيا وإيمي بصحبة زوجيهما رامي رضوان وحسن الرداد، كما تواجد أشقاء سمير غانم. وتقدمت الجنازة وزيرة الثقافة المصرية د.إيناس عبدالدايم، نقيب الممثلين د.أشرف زكي، ونخبة كبيرة من نجوم الفن وجمهور حاشد رغم الاحترازات المتخذة في مصر للحد من تفشي فيروس "كورونا"، ولذلك قررت أسرة الفنان الراحل الاكتفاء بالعزاء في مسجد المشير حسين طنطاوي بعد صلاة الجنازة وفي مقابر الأسرة بمدينة نصر بعد دفن الجثمان.وأثناء الدفن حرص شقيق الفنان الراحل على الدعاء له قبل دخوله إلى القبر، في مشهد أبكى الجميع، وتحدث بعدها إلى الإعلام ليكشف عن كواليس الأيام الأخيرة في حياة شقيقه، مؤكدا أنه قبل أن يدخل سمير غانم إلى المستشفى كان مصابا بالفيروس وتعافى منه، وفي ذلك الوقت كان يعاني من مشاكل في ركبته، فكان يلجأ للصلاة وهو جالس بصحبة شقيقه.إلا أنه بعد التعافي من الفيروس، أصيب بفشل في الكلى والرئة ربما بسبب التقدم في العمر".وعن الأيام الأخيرة في المستشفى قال: "حدثت له حالة من التوهان، لكنها لم تكن غيبوبة، حيث كان يتابع خطواتنا بعينيه، وينتبه إلى أصواتنا حينما نصل المستشفى، وفي إحدى المرات حينما وصلت بصحبة دنيا وإيمي، استيقظ سمير وتابعنا بعينيه طيلة تواجدنا، لكن عينه اليمنى تعرضت لفطر أسود، وكان من أسوأ الأمور التي تصيب الإنسان، وأدت لتدهور الحالة بشكل سريع للغاية، وغير كده سمير كان هيقوم من مرضه"، مشيرا إلى أن سمير لم يترك أي وصية وكان دائما يقول "الحمد لله". أما أمنيته الأخيرة فكانت العودة لمنزله والنوم على سريره، وأخبر سمير شقيقه نيته الذهاب إلى الحج في حال تجاوز الأزمة الصحية، لكن لم يكتب له النجاة.وكان الفنان الكوميدي سمير غانم، قد رحل عن 84 عاما، عقب إصابته بفيروس "كورونا"، ومعاناته السابقة من أمراض الكلى.يعد الفنان غانم، ألمع رموز الكوميديا العرب، حيث استطاع عبر مشواره الفني الحافل، أن يحظى باهتمام الجمهور لتفرده الكوميدي.بين بداية مسيرته الفنية في ستينات القرن الماضي، وحتى آخر إطلالة له في إعلانٍ لإحدى شركات الاتصالات المصرية في رمضان؛ ملأ الراحل قلوب الجمهور بهجةً، عبر عشرات الأدوار الكوميدية التي قدمها على المسرح، وفي السينما والتلفزيون. انطلق غانم من فرقة "ثلاثي أضواء المسرح"، مع رفيقي دربه جورج سيدهم، والضيف أحمد، عبر "اسكتشات" بدأت من "دكتور الحقني"، "بص شوف مين يا وعدي"، "لو كانوا سألونا"، "كوتوموتو يا حلوة يا بطة"، لينتقل بعدها إلى السينما والدراما التلفزيونية، ويصبح واحدا من أبرز فناني الكوميديا والضحك عبر سنوات طويلة.ولد سمير غانم في 15 يناير 1937، ولم يتمكن من أن يكون امتداداً لسيرة والده اللواء يوسف غانم، ورسب عامين متتاليين في كلية الشرطة لينتقل إلى كلية الزراعة التي تخرج منها، وهناك قرّر رسم مسيرة خاصة بدأها فنيّاً من المسرح الجامعي، وقدر لها أن تحفر عميقاً في وجدان المشاهدين لسنواتٍ طويلة.شكل فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" في الستينات مع الراحلين جورج سيدهم، والضيف أحمد، انتهى مشوارها بعد نجاحاتً كبيرة بوفاة الأخير مطلع السبعينات، وخلال قرابة الستين عاماً قدم نجم الكوميديا المصرية، عشرات المسرحيات التي جابت مسارح العالم العربي تاركة ابتساماتٍ لا تنسى، و"إفيهات" خالدة توارثتها الأجيال، وصورًا لإطلالاتٍ اتسمت بالخصوصية والغرابة، ومن أشهر المسرحيات التي قدمها "المتزوجون"، "الأستاذ مزيكا"، "موسيقى في الحي الشرقي"، "جحا في المدينة"، "فخ السعادة الزوجية"، "أهلاً يا دكتور"، وغيرها العشرات.وكانت مسرحية "الزهر لما يلعب" آخر عروضه المسرحية العام الماضي. أما في السينما فقدم عشرات الأفلام منها "المشاغبون"، "الأحضان الدافئة"، "بنت اسمها محمود"، "عندما يسقط الجسد"، "فيفا زلاطا"، "30 يوم في السجن"، "سنوات الانتقام" وغيرها، وظهر بشخصيته الحقيقية في فيلم "عقدة الخواجة" العام 2018.كما خلف الراحل عشرات الأدوار التلفزيونية التي قدمها، منذ أواخر السبعينات منها "حكاية ميزو"، "كيف تخسر مليون جنيه"، "بطل الدوري"، "رجل شريف جداً"، "دعوني أعيش"، "ألف ليلة وليلة"، "إنسى اللي فات يا فرحات"، وصولاً لمسلسل "عوالم خفية" الذي شارك فيه عادل إمام في 2018، كما شارك ابنتيه دنيا وإيمي، في مسلسلات تلفزيونية ناجحة قدموها خلال السنوات الأخيرة منها "لهفة، اللالا لاند، نيللي وشريهان، عزمي وأشجان"، وكان آخرها "بدل الحدوتة 3" في 2019. وتبقى تجربة الفوازير التي قدمها الراحل خلال الثمانينات بشخصية "فطوطة" الأكثر رسوخاً في ذاكرة المشاهدين.