الخميس 08 مايو 2025
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
فلسطين… لن يُحرِّرها 21 فصيلاً
play icon
الافتتاحية

فلسطين… لن يُحرِّرها 21 فصيلاً

Time
الثلاثاء 24 أكتوبر 2023
View
890
hani

كتب تشي غيفارا في مذكراته: "إذا أردت تحرير الوطن فضع في مسدسك عشر رصاصات تسعة للخونة، وواحدة للعدو، فلولا خونة الداخل ما تجرَّأ عليك عدو الخارج"، هذه المقولة تنطبق على فلسطين، التي ولّدت قضيتها عشرات الأبوات، هم زعماء الفصائل المُقاتلة، ولم يتفقوا يوماً على موقف، فجعلوا منها قضية الفرص الضائعة.
في هذا الشأن، ثمة طرفة كانت تتداول بين الفلسطينيين في ثمانينات القرن الماضي، وهي أن حماراً عبر الحدود بين لبنان وفلسطين وانفجر به لغم، فأعلن في اليوم التالي 18 فصيلاً مسؤوليته عن عملية انتحارية على الحدود.
اليوم، وبعد أن زاد عدد الفصائل إلى 21 منظمة وجبهة، بعد دخول "حماس" و"الجهاد" على الخط، تزايد تشتت القرار، وأصبحت كل من واحدة منها تتصرف بمفردها، فيما في المقابل زاد عدد الخونة، وأيضاً تزايدت الاتهامات للدول العربية بالتخوين، فيما جعلت القضية استثماراً مُربحاً للانظمة.
على هذا المنوال أتى عبدالناصر على ظهر دبابة الانقلاب ليُعلن العداء لما أسماه يومها "الأنظمة الرجعية"، فيما استثمر عراق صدام حسين بمنظمة "فتح المجلس الثوري" لاغتيال كل من يُعاديهم، حتى لو اختلف معهم على وجهة نظر ما.
بينما معمر القذافي أخذ حصته من تلك المنظمات، وراح يستخدمها لتصفية حساباته الخاصة، وهكذا فعلت الجزائر وسورية، وفي وقت لاحق دخلت إيران على الخط، واستثمرت بما يُسمّى "حزب الله" و"الجهاد" و"حماس"، وكذلك فعلت تركيا مع جماعة "الإخوان".
كلُّ هؤلاء حاولوا احتكار الوجع الفلسطيني، والدماء التي تسيل شلالات، إذ عند كل منعطف تعمل تلك الدول على الاستفادة منه عبر الوكالات الفلسطينية، لهذا لم يتفق أهل الأرض يوماً على مبدأ واحد، كما اختلف العرب أيضاً.
فمنذ العام 1936، حين أعلنت الثورة العربية الكبرى، إذ بدلاً من التفرُّغ لمُقارعة العدو، وكسب الانتداب الإنكليزي على فلسطين، تحالف الحاج أمين الحسيني مع هتلر، ومنذ ذلك الحين بدأت القضية تأخذ منحى آخر، وتبلور القرار بعد القضاء على النازية الألمانية، إذ حينها كتب المنتصرون مصير إسرائيل.
في العام 1947 انقسم العرب بين مؤيد لتنفيذ قرار التقسيم، ورافض، ولهذا انتصرت عليهم إسرائيل في حرب العام 1948، وكما تفعل العجائز أسموا ذلك "نكبة"؛ لأنهم كانوا عاجزين في مواجهة عصابات تبلغ الواحدة منها المئات.
اليوم، لم يتغير الوضع كثيراً إلا بالتقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، ففي لبنان، مثلاً، قرار الحرب والسلم بيد الوكيل الإيراني، وكذلك اليمن، والعراق، وسورية، وليبيا، كل هذه الدول وغيرها بدلاً من أن تُوجِّه سلاحها إلى العدو وجهته إلى أبناء وطنها، بل من الجنون والبلاهة أن صدام حسين حاول الاستثمار بغزوه للكويت بقوله: "إن طريق القدس تمرُّ من الكويت"، بل هذه العبارة ذاتها قالها، أيضاً، أبوإياد، لكن بدلاً من الكويت، وضع جونيه، المدينة اللبنانية الساحلية البعيدة عشرات الكيلومترات عن فلسطين.
كلُّ واحد من هؤلاء كان يوجه الاتهام إلى الآخر، فمرة هذا صهيوني، وأخرى رجعي، أو مخابرات أميركية، أي كان العرب والفلسطينيون يتفقون على تخوين شقيقهم، لكن لا أحد منهم رفع سلاحه بوجه العدو الطبيعي الإسرائيلي، ثم كلُّ ذلك يندب العرب حظهم بأن كلَّ قادة العالم الغربي يحجون تل أبيب.
لكلِّ هذا فإنَّ العرب والفلسطينيين ينطبق عليهم قول الشاعر العربي سبط بن التعاويذي:
"إذا كان رَبُّ البيتِ بالدفِّ ضارباً
فشيمةُ أهلِ البيت كلِّهِمُ الرَّقصُ"
فإذا كان أهلُ القضية مُتفرقين أيدي سبأ، فماذا ينتظرون من الآخرين؟

أحمد الجارالله

[email protected]

آخر الأخبار