السبت 03 مايو 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

قال عنه مالك بن دينار: جاء ليسرقنا فسرقناه

Time
الأحد 26 أبريل 2020
View
70
السياسة
إعداد - أحمد فوزي حميدة:


"عاشوا معظم سنوات حياتهم في ضلال بعيدا عن الإيمان وتمادوا في ارتكاب المعاصي واحتراف سرقة الناس وأكل حقوقهم ، وحينما أنار الله بصيرتهم وهداهم للإيمان استجابوا وتابوا وانقطعوا عن السرقة وزهدوا في الدنيا ومتاعها حتى نالوا درجة الولاية والاصطفاء والمحبة من الله عز وجل."



أورد الذهبي في ترجمة مالك بن دينار في كتابه "سير أعلام النبلاء" قصة اللص الذي اراد سرقته فكانت توبته. ومالك بن دينار وكنيته أبو يحيى البصري، من أعلام التابعين، ومن أعيان كتبة المصاحف، ولد في أيام عبد الله بن عباس، وتوفي سنة 127 للهجرة تقريبا، كما كان من الذين اشتهروا بزهدهم وكثرة ورعهم حتى بات مضربًا للمثل في ذلك، وقدوة السالكين في طريق يحتاج إلى الكثير من جهاد النفس والهوى والقدرة على تخطي العبودية لشهوات الدنيا وملاذها.
يحكي ابن قدامة المقدسي في كتاب "التوابين" أن مالك بن دينار سئل عن سبب توبته، فقال: "كنت شرطيًا وكنت منهمكًا على شرب الخمر، أظلم الناس، وآكل الحقوق، آكل الربا،أضرب الناس،أفعل المظالم، لا توجد معصية إلا وارتكبتها، شديد الفجور، يتحاشاني الناس من معصيتي، ثم إنني اشتريت جارية نفيسة ووقعت مني أحسن موقع فولدت لي بنتا أحببتها حبًا شديدًا، وكلما وضعت المسكر بين يدي جاءت وأزاحته وهرقته على ثوبي، فلما تم لها سنتان ماتت فحزنت حزنًا شديدًا ولم يكن عندي الصبر الذي عند المؤمنين ما يقويني على البلاء فعدت أسوأ مما كنت".
ويضيف: "لما كانت ليلة النصف من شعبان وكانت ليلة الجمعة، بت ثملاً من الخمر،فرأيت فيما يرى النائم كأن القيامة وحشر الخلائق وأنا معهم، ثم رأيت ثعبانًا عظيمًا شديدًا قويًا يجري نحوي فاتحا فمه، فجريت أنا من شدة الخوف، فوجدت رجلاً عجوزًا ضعيفًا فقلت: "آه. أنقذني من هذا الثعبان"، فقال لي: "يابني أنا ضعيف لا أستطيع، ولكن أجرِ في هذه الناحية لعلك تنجو فجريت حيث أشار لي والثعبان خلفي، فرأيت أطفالاً صغارًا وإذا أنا بابنتي التي ماتت قد أشرفت علي معهم، فأخذتني بيدها اليمنى ودفعت الثعبان بيدها اليسرى وأنا كالميت من شدة الخوف، ثم جلست في حجري كما كانت تجلس في الدنيا وقالت لي: "يا أبتِ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله"، فقلت يا بنيتي: "أخبريني عن هذا الثعبان!!"، قالت: "هذا عملك السيئ أنت كبرته ونميته حتى كاد يأكلك، أما عرفت يا أبي أن الأعمال في الدنيا تعود مجسمة يوم القيامة؟ وذلك الرجل الضعيف هو العمل الصالح أنت أضعفته وأوهنته حتى بكى لحالك لأنه لا يستطيع أن يفعل لحالك شيئًا، ولولا أنك أنجبتني ولولا أني مت صغيرة ما كان هناك شيء ينفعك" وأخذت تردد قوله تعالى: "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله". ويتابع: "استيقظت من نومي وأنا أصرخ: "قد آن يا رب، قد آن يا رب"، فاغتسلت وخرجت لصلاه الفجر أريد التوبة والعودة إلى الله، ودخلت المسجد فإذا بالإمام يقرأ نفس الآية".
ويقال: "في يوم سهر مالك بن دينار كعادته يقرأ القرآن ويصلي النافلة خاشعًا باكيًا ويردد دعائه المأثور عنه: "يا رب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرّم شيبة مالك بن دينار على النار"، حتى مطلع الفجر وفي هذه الحالة دخل عليه لص ظل يبحث عما يسرقه فما وجد شيئا يأخذه، فناداه مالك: "يا مسكين لم تجد شيئًا من الدنيا أفترغب في شيء من الآخرة؟"، قال: "نعم"، وسمعه يردد: "أيها العبد العاصي عد إلى مولاك، أيها العبد الغافل عد إلى مولاك، أيها العبد الهارب عد إلى مولاك، مولاك يناديك بالليل والنهار يقول لك من تقرب مني شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"، فسأله اللص: "كيف الطريق؟"، قال: "توضأ، وصل ركعتين"، ففعل، ثم جلس وخرج به إلى المسجد، فسئل مالك بن دينار: "من ذا؟"، فقال: "جاء ليسرقنا فسرقناه".
آخر الأخبار