منوعات
قراءة ابن كثير المكي (2من 3)
السبت 16 أبريل 2022
200
السياسة
قال الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ فاقرأوا كما عُلّمتم"، إلا أن الإمام ابن الجوزي أثبت ثلاث قراءات أخرى، وقد توافق معه أهلُ العلم فأصبح للقرآن عشر قراءات معروفة ومتواترة.إعداد - رانيا مصباح: توفي الإمام الجليل العالم المفوه ابن كثير المكي أحد القراء السبعة الأوائل الذين كانت لهم مكانة كبيرة في قراءة القرآن وتعليمه لأهل مكة، ولكنه ترك وراءه مَنْ تبعه وتعلم منه؛ فقد كان مدرسة متكاملة، فكان له تلاميذه الذين تتلمذوا على يده ونقلوا قراءاته وتعلموها.تلاميذهقرأ على ابن كثير المكيِّ أناس كثيرون وتناقلوا روايته وقراءته، كان منهم: إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، وإسماعيل بن مسلم، و أبو عمرو بن العلاء البصري، وحماد بن سلمة، وجرير بن حازم، والحارث بن قدامة، وحماد بن زيد، وطلحة بن عمرو، وخالد بن القاسم، وعبد الملك بن جريج، والخليل بن أحمد الفراهيدي، وسليمان بن المغيرة، وسفيان بن عيينة وشبل بن عباد، وابنه صدقة بن عبد الله، وعبد الله بن زيد بن يزيد، وغيرهم، لكن مَنْ نقلا عنه وكانا من أشهر رواته اثنان هما البزّي: أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبيّ بزّة، وراويه الآخر قنبل: محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي.الإمام البزييعد الراوي الأول من علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن، وكذلك من ضمن علماء القراءات، وهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة، يكنى أبو الحسن ويلقب بالبزي، ولد في سنة سبعين ومئة من الهجرة بمكة، من أصل فارسي، وقيل من همذان، وقد أسلم على يد السائب بن صيفي المخزومي.كان الامام البزي عالماً، ورعا عابداً، صاحب سُنَّةٍ مؤذن المسجد الحرام وإمامه نحو أربعين عاما، وقيل عنه أنه كان استاذا محققا وضابطا ومتقنا لعلوم القرآن وقراءاته وقد انتهت إليه مشيخة الإقراء بمكة، كما يعتبر من أكبر وأهم من روى قراءة ابن كثير، رغم أن من قرأ عن ابن كثير تلاميذ آخرين، لكن البزي كان من أشهرهم، بل وأميزهم وأعدلهم، ومن الذين أوقفوا حياتهم على تعليم القرآن، حتى أصبح حجة وثقة وعالم قراءات، كما أصبحت قراءته مشهورة ومتواترة وانتشرت في ربوع مكة وشبه الجزيرة العربية.أيضا كان البزى أقرأ النَّاس بالتَّكبير من سورة الضحى إلى آخر القرآن فكان يكبر عند كل سورة الى آخر المصحف، وعندما سئل وكيف التكبير قال: لا إله إلا الله، والله أكبر وقال في ذلك إن تركتُ التكبير فقد تركت سنّة من سنن نبيك صلى الله عليه وسلم.من ناحية أخرى، لم يقتصر علم البزى الذي توفي في عام (250هـ)، عن ثمانين سنة، على قراءة القرآن فقط، بل كانت له منزلته في الرواية والحديث أيضا، حيث نقل الامام البَزِّي الاحاديث عن: أبي عبدالرحمن المقرئ، وسليمان بن حرب، ومالك بن سعير بن كانت الخمس،ومؤمِّل بن إسماعيل، وغيرهم.أصول ومنهج البزيكان لقراءة الامام البزي عن ابن كثير، مميزات وخصائص تجعلها مختلفة ومنفردة عن باقي القراءات ومنها، الفصل بين السورتين فقد كان يفصل دائما بأن يبسمل بين كل سورتين فيما عدا بين الانفال والتوبة، كما أنه كان يضم في ميم الجمع ويصلها بواو إن أتى بعدها حرف متحرك مثل قوله تعالى: (عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)، أما في حال أن أتى بعدها حرف ساكن يقرأ بضم الميم من دون وصل مثل قوله تعالى "بِهِمُ الأَسْبَابُ". كان له أيضا في الهمزتين مذهب، إذا كانت الهمزتان متلاصقتان ومجتمعتان في كلمة واحدة مع شرط ان تكون الهمزة الأولى مفتوحة لأنها للاستفهام، حيث كان يقرأ بتسهيل الهمزة الثانية، سواء أكانت مضمومة أم مفتوحة أم مكسورة مثل: "أؤنبئكم، ءأَنْذَرْتَهُمْ، أئِنكم، أءُنزلَ"، وفي حال الهمزتين المتفقتين في الحركة كان منهج الامام البزي في حال ان الهمزتين مفتوحتان، كان يسقط الأولى مثل (جا أمرنا)، أما اذا كانتا مضمومتين او مكسورتين فكان البزي يسهل الهمزة الأولى ويقر ويحقق الثانية مثل (من النساء، إلا).كذلك، تميز البزي بنقل حركة الهمزة في (القرآن) إلى الحرف الساكن قبلها مع حذفها لتقرأ (القراَن)، أما عن منهجه في الوقف فقد وقف البزي بالهاء على كلمة (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ) في سورة المؤمنون، ووقف بالهاء أيضا على كلمة:(يَأبَتِ) في سورة يوسف ومريم والقصص والصافات، كل هاء تأنيث رسمت بالمصحف بالتاء وقف عليها البزي بالهاء مثل قوله تعالى (رَحْمَتَ، لَّعْنَتَ )، فيما عدا كلمة (مَرْضَاتِ) فقد وقف عليها بالتاء كما هي.وفي ياء المتكلم روى البزي بفتحها في حال ان وقع بعدها همزة قطع مفتوحة مثل في قوله تعالى: (إِنِّيَ أَعْلَمُ، ثُمَّ إِنِّيَ أَعْلَنْتُ)، وفي قراءة الامام البزي كذلك كان يقوم بتشديد التاء المتصلة بالفعل المضارع في واحد وثلاثين موضعاً من القرآن الكريم مثل قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلآ تَّفَرَّقُوا) في سورة آل عمران، وفي آية (يَوْمَ يَأْتِ لآ تَّكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمُ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) في سورة هود.