السبت 26 أبريل 2025
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

قراءة حفص عن عاصم "2 من 3"

Time
الخميس 07 أبريل 2022
View
1030
السياسة
قال الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ فاقرأوا كما عُلّمتم"، إلا أن الإمام ابن الجوزي أثبت ثلاث قراءات أخرى، وقد توافق معه أهلُ العلم فأصبح للقرآن عشر قراءات معروفة ومتواترة.

إعداد - رانيا مصباح:


كان الإمام عاصم بن أبي النَّجُود إماما فصيحا عالما بأصول القرآن والتجويد والتحرير والنحو، ارتحل إليه أناس كثيرون ليتلقوا العلم على يده وانتشرت قراءته بين أهل الكوفة وقَدِم إلى أهل البصرة فأقرأهم أيضا.
روى القراءة عنه تلاميذ كثيرون منهم، حفص بن سليمان، وأبو بكر شعبة بن عياش، اللذان كانا من أشهر الرواة عنه، وكذلك حماد بن مهران الأعمش وسهل بن شعيب، وإبان بن تغلب، وأبو المنذر سلام بن سليمان، وشيبان بن معاوية، إلا أن من روى عنه حروفاً من القرآن ثلاثة فقط، هم أبو عمرو بن العلاء البصري، حمزة الزيات وهما من القراء السبع والخليل بن أحمد.

أشهر الرواة
تعد رواية حفص عن عاصم من أكثر الروايات شهرة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ليست فقط لأنها متواترة، فكل القراءات العشر متواترة، لكن من أهم أسباب انتشارها ما عرف عن حفص من إتقان وعلم وتفرغ للإقراء، فأخذ كثير من الناس عنه روايته التي أخذها عن عاصم، لذلك نالت حظا كبيرا ونصيبا من الانتشار الواسع في بلاد الحرمين، و مصر والشام،، ودول العالم الإسلامي أجمع، فيما عدا بلاد المغرب حيث تنتشر بها قراءة ورش عن نافع.
ولد حفص بن سليمان، وكنيته أبو عمر سنة تسعين هجرية، وأخذ القراءة عرضاً وتلقيناً عن الإمام عاصم، حيث كان ربيبه "ابن زوجته" ويقيم معه في منزل واحد، فقرأ عليه القرآن مرارا وتكرارا، فكان أعلم الناس بقراءته وأتقنهم لها، واعتبره الأولون الأكثر تفوقا في الحفظ عن أبي بكر بن عيَّاش الراوي الثاني لعاصم بن نجود، كما كان يقرأ أيضا براوية عبد الرحمن السلمي عن علي بن ابي طالب.
واصل الإمام رحلته مع القرآن حتى أصبح قارئ أهل الكوفة، كما كان يرتحل ما بين بغداد ومكة، ليقرئ الناس القرآن العظيم ويعلمهم تلاوته، فكان مدرسة متنقلة بعلمه، و حجة، وثقة، وإماما عالما.
وأرجع المتخصصون أسباب انتشار قراءة حفص عن عاصم إلى ما تتمتع به من البساطة والسهولة واليسر، وهو ما جعل الناس يفضلونها في التعليم والتلاوة والحفظ، كما كان لإتقان حفص لروايته وقوة سنده، حيث ترتفع وينتهى سند القراءة إلى الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن آل بيته، وأحد أصحابه، ورابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، مما كان له الأثر الكبير في الإقبال على قراءته وانتشارها السريع، خصوصا مع ظهور وكثرة دور الطباعة بمختلف أنواعها، لذلك لا توجد بلد إلا واغلب المصاحف المطبوعة بها برسم قراءة حفص عن عاصم، حتى أن مجمع الملك فهد للطباعة يطبع ملايين النسخ سنويا ليوزعها على حجاج بيت الله الحرام وكل هذه المصاحف مطبوعة برواية حفص عن عاصم.
فضلا عن أن أغلب الإذاعات ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية غالبا ما تذيع القراءة لجميع المشايخ برواية حفص عن عاصم، ومن المشهور أيضا أن أول تسجيل صوتى للقرآن الكريم والمصحف المرتل في العالم الإسلامى كله كان بصوت الشيخ الجليل محمود خليل الحصرى برواية حفص عن عاصم، كذلك تعتمد هذه القراءة كل معاهد ومدارس تعليم القرآن في أغلب البلدان الاسلامية كقراءة أساسية والأولى في التلاوة والتجويد والحفظ، وعليها تبنى أي قراءات أخرى بعد ذلك.

منهج والتزام
التزم حفص في روايته بضبط الحروف التى نقلها عن عاصم، كما هي، وذكر أنه لم يخالف عاصم في شيء من قراءته إلا في قوله تعالى في حرف الضاد في (ضَعْفٍ - ضَعْفًا) في سورة الروم (الله الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً) "الروم": فقد قرأه حفص بالضم، بينما قرأه عاصم بالفتح.
من أهم ما يميز رواية حفص عن عاصم، فصاحة الكلمات والعبارات بلغة أهل قريش، وهي لغة بسيطة ومعروفة باللغة العربية العدنانية، وتتضح فيها قواعد النحو المعروفة، وجميع ألفاظ هذه الرواية يفهمها جميع العرب، ولكنها قد تختلف في بعض الألفاظ عن قراءة شعبة، الراوي الثاني لعاصم بن أبي النَّجُود، وكذلك عن رواية ورش عن نافع، وهما الروايتان الأشهر في العالم الاسلامي بعد رواية حفص عن عاصم، إلا أن من أبرز الاختلافات بين رواية حفص ورواية ورش، قوله تعالى في سورة الفاتحة: "مالك يوم الدين". فقد قرأها ورش بلفظة: "ملك يوم الدين" بينما قرأها حفص كما هي (مالك).
بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم وتدبره، صار حفص شيخا فيها ومعلما وله تلاميذه الذين ينقلون عنه، توفي سنة ثمانين ومئة للهجرة (180هـ)، بعد أن أصبح صاحب الرواية الأشهر في الآفاق، التي يقرأ بها الآن معظم المسلمين في شتى بقاع الأرض.
آخر الأخبار