السبت 26 أبريل 2025
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

قراءة حفص عن عاصم (3 من 3)

Time
السبت 09 أبريل 2022
View
10
السياسة
قال الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ فاقرأوا كما عُلّمتم"، إلا أن الإمام ابن الجوزي أثبت ثلاث قراءات أخرى، وقد توافق معه أهلُ العلم فأصبح للقرآن عشر قراءات معروفة ومتواترة.

إعداد - رانيا مصباح:

كان العلماء والمؤرخون لعلوم القرآن والقراءات يختارون عند تسجيل أشهر القراءات الصحيحة، إماما شيخا هو صاحب القراءة، ويختارون تابعين أو تلميذين له من ضمن تلاميذ كثيرين نقلوا عنه ولكنهم نقلوا بالتزام واتقان، فكان الشيخ والإمام والمعلم هو عاصم بن ابي النجود وتلميذيه، حفص وشعبة، وإن كانت رواية حفص هي الاشهر.

الراوي الثاني
ولد شعبة بن عياش بن سالم الحناط الأسدي النهشلي الكوفي الذي يكنى "أبو بكر"، سنة خمس وتسعين من الهجرة 95 هـ، ينتمي إلى أهل الكوفة وكان شيخها في القراءة والحديث، كما قدم إلى بغداد وأقرأ الناس فيها، حتى صار إماما عالما جليلا، من كبار أهل السنة وفقهائها، ويكفيه أنه عرض القرآن على عاصم بن ابي النجود ثلاث مرات، وقد أقرأه عاصم القرآن بما اقرأه به زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
حتى أن حفص حدث الإمام عاصم بأن أبا بكر شعبة يخالفه في القراءة، فقال له عاصم "أقرأتك بما أقرأني به أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بينما أقرأت أبا بكر شعبة بما أقرأني به زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه".
وقال شعبة: تعلَّمتُ من عاصم القرآن ولم أتعلَّم من غيره، تعلمت كما يتعلَّم الصبيُّ من المُعلِّم، وأتيت اليه في الحَرِّ والشتاء والأمطار فلقي منِّي شدة، فما أُحسِنُ ولا اتقن غيرَ قراءتِه.
كان شعبة عابدا زاهدا ورعا، حافظا للقرآن وكثير التلاوة منقطع النظير لا يبتعد عنها ولا يتركها أو يمل منها، كثير العلم والعمل، وقد قيل أنه جاء إلى المسجد بالكوفة في يوم الجمعة، على حِمَار، فنزل وظل قائما يصلي في أحد جنبات المسجد، ثمَّ كشف عن كُمِّ قميصه، فظهر ساعده وما بقي عليه إلا الجِلد على العظم، فكان العجب من صبره على القيام رغم ضعف جسده، وقال عن نفسه: أنا نصف الإسلام، وفضلا عن ذلك كان من أصحاب أهل الحديث، والعلماء المشاهير به معروفاً بالصَّلاح والخير والفضل، وقد وصفه الامام الشاطبي في منظومته الشاطبية بـ"الراوي المبرز الأفضل" بينما ذكر حفص بعده ووصفه بـ"الاتقان".
مما يذكر من مواقفه التي تدل على حكمته، أنَّ هارون الرشيد أحضره من الكوفة، فقال له: أدركتَ أيام بني أمية وأيامنا، فأيُّنا خير؟ فقال شعبة: أولئك كانوا أنفع للنَّاس، وأنتم أقوم للصَّلاة، فصرفه الرشيد وأعطاه ستة آلاف دينار.
أيضا من أكثر أقواله المأثورة "أدنى نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية، وأدنى ضرر النطق الشهرة، وكفى بها بليَّة)

اختلاف وإتقان
اختلفت قراءة شعبة وأصولها عن حفص، وذلك لاختلاف القراءة التي اقرأها عاصم لكليهما، ومن أشهر ما ورد في اختلاف شعبة عن حفص هي قراءته لكلمة (رؤف) ففي رواية حفص عن عاصم تقرأ بالمد الطبيعي للـ "ؤ" أما عند شعبة قتقرأ بحذف الواو، دون مد، أيضا من أهم اختلافات شعبة أنه قرأ "جِبْرَئِلَ" بفتـح الجيـم والـراء وبعـدها همزة مكسورة، كذلك قـرأ " جُزُءا" بـضـم حرف الـزاي اينما وردت في آيات القرآن الكريم. كما كان له في قراءة "زكريا " اختلاف حيث قرأها بهمـزة مضمومـة "زكرياءُ " في كـل الآيات التي وردت بها الا في سورة آل عمـران الآية رقـم ( 37) قرأها بهمزة مفتوحة على النصب.
في الإدغام والإظهار، كان له ادغام النون في الراء في قوله تعالى (وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ) [القيامة:27]، فتقرأ(مَرَّاقٍ) كما أدغم اللام في الراء في قوله تعالى (بَلْ رَانَ) [ المطففين: 14] فقرأها (بَرَّانَ)، كذلك أدغم الذال في التاء اينما وردت في مثل قوله تعالى (أخذْت) (اتخذْت) (اتخذتم) (فاتخذتّموهم) (أخذتّها).
وفي الهمز انفرد شعبة بقراءة (ولؤلؤا)، حيثما وقعت أو جاءت بإبدال الهمزة الأولى واوا في قوله تعالى (مؤصدة) في سورة البلد وسورة الهمزة قرأها بإبدال الهمزة واوا.
وعند هاء الكناية كان يقرأ الإمام شعبة بإسكان هاء الكناية من غير صلة في الألفاظ الخمسة التالية فقط (نُوَلِّه) في سورة النساء: 115، (نُصْلِه) في سورة النساء: 115، (يُؤَدِّه) في سورة آل عمران - 75، (نُؤْتِه) في سورتي [آلِ عِمْرَانَ: 145]، و [الشُّورَى: 20]، (يَتَّقه) بسورة النور: 52.

رحيل محزن
توفي الإمام الجليل أبو بكر شعبة بن عياش في شهر جمادى الأولى سنة ثلاثة وتسعين ومئة هجرية عن ست وستين سنة، بعد أن عمر دهرا طويلا وعاش حياة مليئة بالعبادة وترتيل القرآن وتعليمه، إلا أنه انقطع عن الاقراء قبل وفاته بنحو سبع سنين وعندما حضرته الوفاة وهو في منزله أوصى ابنه ابراهيم وهو يشير له إلى غرفة وقال له" إياك أن تعصي الله فيها فإني ختمت القرآن فيها آلاف المرات"، ولما بكت ابنته عندما حضرته الوفاة حثها على عدم البكاء ولا الخوف عليه وقال لها "أيا بنية لا تبكي، اتخشين أن يعذبني الله وقد ختمت القرآن هنا آلاف المرات".
آخر الأخبار