منوعات
قراءة حمزة الكوفي (2من 3)
الثلاثاء 19 أبريل 2022
40
السياسة
قال الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ فاقرأوا كما عُلّمتم"، إلا أن الإمام ابن الجوزي أثبت ثلاث قراءات أخرى، وقد توافق معه أهلُ العلم فأصبح للقرآن عشر قراءات معروفة ومتواترة.إعداد - رانيا مصباح: تعد قراءة الإمام حمزة من القراءات المفضلة عند أهل الكوفة أكثر من قراءة عاصم على الرغم من أنها جاءت بعدها،إلا أن أهل الكوفة تلقوها بالقبول والانتشار ويرجع ذلك إلى تحلي الإمام حمزة بحسن اللفظ في التلاوة وإتباعه لآثار مَن عرفهم وأدركهم من أئمة القراءة.كان قدوة أهل عصره في التلاوة والقراءة، وإمام زمانه بالكوفة، أقرأ القرآن سنة بالكوفة وسنة بحلوان بجنوب العراق لعمله بتجارة الزيت والجبن بين الكوفة وحلوان، ولم يوصف أحد من القراء السبع للقرآن بما اتصف به حمزة من الزهد والتعبد والورع والتقوى، كما كان يُقرِئ الناس القرآن حتى يتفرقوا، فاذا به بعد ذلك يقف ليصلي أربع ركعات، ولا يكاد ينتهي حتى يقف ليصلي ما بين الظهر إلى العصر، وكان لا يترك الصلاة ما بين المغرب والعشاء.منهج حمزةانفرد الإمام حمزة بمنهج وأصول في القراءة، فكان يصل آخر كل سورة بأول السورة التي تليها من دون بسملة بينهما باستثناء سورة الناس مع الفاتحة فكانت له البسملة بينها مثل جميع القراء، وفي"هاء الضمير" و"ميم الجمع"، قرأ حمزة في الألفاظ الثلاثة (عليهم وإليهم ولديهم) بضم الهاء والميم في حالة الوصل، أما في حال الوقف فيسكن الميم ويضم الهاء.وفي باب الادغام كان له أن يدغم التاء في الطاء في قوله تعالى "بَيَّتَ طَائِفَةٌ" في سورة النساء 81، وقرأ قوله تعالى (أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ) في سورة النمل 36 بإدغام النون في النون مع مد الواو قبلها، وأدغم التاء في الصاد والزاي والذال مع مد الألف قبلها في قوله تعالى ( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا) وفي قوله تعالى ايضا (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا).أما في هاء الكناية فقد قرأ حمزة بإسكان "الهاء" في مواضع عدة وهي قوله تعالى (يؤده إليك، ولا يؤده إليك) في سورة آل عمران، وقوله تعالى (ونؤته منها) في سورة آل عمران والشورى، وفي قوله تعالى في سورة النساء (ونوله ونصله)، بينما ضم "الهاء" في "قال لأهله امكثوا" في سورتي طه والقصص، كما قرأ حمزة بكسر الهاء في قوله تعالى "وما أنسنيه" في سورة الكهف، و"عليه الله" في سورة الفتح.في الهمز قرأ حمزة قوله تعالى (ءآمنتم) في سور الأعراف وطه والشعراء، (وأءنكم لتأتون الرجال) (وأئن لنا) بسورة الأعراف، (وأئنكم لتأتون الفاحشة) في سورة العنكبوت، (وءأن كان ذا مال) في سورة "ن"، بتحقيق الاستفهام في هذه الكلمات.وحقق الهمزتين في قوله تعالى (أءعجمي) في سورة فصلت، وقرأ قوله تعالى" يضاهون" من غير همز وبضم الهاء،وأبدل الهمزة ألفا في قوله تعالى (يأجوج ومأجوج) أينما وقعت بسورتي الكهف والأنبياء.كذلك انفرد حمزة بإدغام "دال قد" في حروفها الثمانية اينما وقعت وهي حروف السين، الذال، الضاد، الظاء، الزاى، الجيم، الصاد، الشين في مثل قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ)، و(لَقَدْ سَمِعَ) [آل عمرن: 181]، (قَدْ شَغَفَهَا) [يوسف: 30]، و(لَقَدْ صَدَقَكُمُ) [آل عمران: 152]، (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا) [الأعراف: 179]، و(وَلَقَدْ زَيَّنَّا) [الملك: 5]، (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا) [الروم: 58]، (لَقَدْ ظَلَمَكَ) [ص: 24].وادغم "ذال إذ" في التاء والدال فقط نحو قوله تعالى و (إِذْ تَبَرَّأَ) [البقرة: 166]، و (إِذْ دَخَلُوا) [الحجر: 52، ص: 22، الذاريات: 25] كما قرأ بإدغام تاء التأنيث الساكنة في حروفها الستة وهي (التاء والطاء والدال الجيم، والثاء، والظاء) في مثل قوله تعالى (فَمَا زَالَت تِّلْكَ) [الأنبياء: 15]، (وَدَّت طَّائِفَةٌ) [آل عمران: 69]، و(أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا) [يونس: 89]، ونحو قوله تعالى: (نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) [النساء: 56]، و(كَذَّبَتْ ثَمُودُ) [الشعراء: 41، القمر: 23، الحاقة: 4، الشمس: 11]، و(كَانَتْ ظَالِمَةً) [الأنبياء: 11]أيضا تفرد حمزة بإدغام "لام بل" في التاء والسين في مثل قوله تعالى (بَلْ تَأْتِيهِمْ) [الأنبياء: 40]، (بَلْ تَحْسُدُونَنَا) [الفتح: 15] وقوله تعالى (بَلْ سَوَّلَتْ) يوسف 83وقرأ بادغام "لام هل" في التاء والثاء، نحو قوله تعالى: (هَلْ تَنْقِمُونَ) [المائدة: 59]، و{هَلْ تَرَبَّصُونَ} [التوبة: 52] (هَلْ ثُوِّبَ)[المطففين 36].وفاتهاعتاد الإمام حمزة أن يختم القرآن في كل شهر خمساً وعشرين مرة ولم يره أحد ألا وهو يقرأ أو يقيم فرائض الله تعالى، كان حقا إمام من أئمة المسلمين، وسيِّدُ القرَّاء ومن الزاهدين، مقيما للنسك، لا ينام الليل، ليرتل القرآن ترتيلا، وظل كذلك حتى توفاه الله ورحل في سنة ست وخمسين ومائة هجريا (156 هـ) بمدينة حلوان في الجنوب من العراق.