السبت 27 يوليو 2024
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قصة أربع دعوات
play icon
كل الآراء   /   الأخيرة

قصة أربع دعوات

Time
الخميس 07 سبتمبر 2023
View
170
محمد الفوزان

قصص إسلامية

كان هناك رجل سكير، دعا قوما من أصحابه ذات يوم، فجلسوا، ثم نادى على خادمه، ودفع إليه أربعة دراهم، وأمره أن يشتري بها شيئا من الفاكهة للمجلس.
في أثناء سير الخادم مر بالزاهد منصور بن عمار، وهو يقول: "من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب، دعوت له أربع دعوات".
فأعطاه الخادم الدراهم الأربعة، فقال له منصور بن عمار: "ما تريد أن أدعو لك"؟
قال الغلام: "لي سيد قاس، أريد أن أتخلص منه، والثانية أن يخلف الله عليَّ الدراهم الأربعة، والثالثة: أن يتوب الله على سيدي، والرابعة: أن يغفر الله لي ولسيدي ولك والقوم".
فدعا له منصور بن عمار، وانصرف الغلام، ورجع إلى سيده الذي نهره، وقال له: "لماذا تأخر ت وأين الفاكهة"؟
فقص عليه مقابلته لمنصور الزاهد، وكيف أعطاه الدراهم الأربعة، مقابل أربع دعوات، فسكن غضب سيده، وقال: "وما كانت دعوتك الله"؟
قال: "سألت لنفسي العتق من العبودية".
فقال السيد: "قد أعتقتك فأنت حر لوجه الله تعالي، وما كانت دعوتك الثانية"؟
قال: "أن يخلف الله علي الدراهم الأربعة".
فقال السيد: "لك أربعة آلاف درهم، وما كانت دعوتك الثالثة"؟ قال: "أن يتوب الله عليك"، فطأطأ السيد رأسه وبكى، وأزح بيديه كؤوس الخمر وكسرها، وقال: "تبت إلى الله، لن أعود أبدا".
اضاف: "فما كانت دعوتك الرابعة"؟
قال: "أن يغفر الله لي ولك وللقوم".
قال السيد: "هذا ليس إليَّ، وإنما هو للغفور الرحيم".
فلما نام السيد تلك الليلة سمع هاتفا يهتف به، أنت فعلت ما كان إليك، لقد غفر الله لك، وللغلام، وللمنصور بن عمار وللحاضرين أجمعين.
الدعاء عبادة من أجل العبادات، وأعظم الطاعات، وأنفع القربات، عن النُّعْمانِ بْنِ بشيرٍ (رضِي الله عنْهُما)، عَنِ النَّبيِّ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم) قَالَ: "الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ". (رواه أَبُو داود والترمذي، وقالا حديث حسن صحيح).
قال تَعَالَى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"(البقرة: 186).
عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ، فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا"(بن ماجة).
كم ندعو فلا يستجاب لنا، ونلهج فلا يفتح باب لنا، فقد صار الدعاء في حياتنا، مع الأسف، عادة من غير حضور القلب، يتحرك بها اللسان تحركا آليا، وترفع الأيدي ارتفاعا شكليا، بل إن هذا اللسان الذي يردد الدعاء، طالما أكل لحوم الناس ونهش أعراضهم، طالما اغتاب وذم، وكذب وخدع، وأفسد وآذى، فأنى يستجاب له.

إمام وخطيب

محمد الفوزان

[email protected]

آخر الأخبار