قصة الإسلام في جمهورية داغستان

محمد الفوزان

قبل وصول الإسلام كانت منطقة داغستان تتبع الامبراطورية الساسانية، وكان يتولى حكمها ملك اسمه شهر براز، ومقره مدينة باب الأبواب، أما ديانة السكان فكانت المجوسية، والنصرانية، وأقلية يهودية.
ويرجع أول اتصال للمسلمين بهذه المنطقة إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث وجه إليهم حملة بقيادة سراقة بن عمرو، وصلت الحملة الى باب الأبواب في سنة 20 هجرية، ولم يقع قتال في المدينة، بل أسفر على توقيع صلح فريد من نوعه، فلقد قبل قائد الجيش المسلم ما ارتضاه ملك المدينة شهر براز، وهو القتال في صفوف المسلمين عوضاً عن الجزية، فاتخذ المسلمون من المدينة مركز انطلاق للحملات نحو أعدائهم، وقد أجاز عمر بن الخطاب نصوص هذا الصلح ووافق عليه.
ومن مدينة باب الأبواب اتجهت الحملات الإسلامية إلى بلاد الخزر وباقي بلاد الران وأرمينيا، فقاد بكير بن عبدالله حملة إلى موقان، وقاد حبيب ابن مسلمة حملة إلى تبليس، وقاد حذيفة بن أسيد حملة إلى جبال اللان، وقاد سلمان بن ربيعة حملة إلى حدود أرمينيا، وهكذا كانت مدينة باب الأبواب منطلقاً للعديد من الحملات الإسلامية.
واستمر الإسلام مسيطراً في هذه الأقاليم من عهد الخليفة عمر بن الخطاب مروراً بالعهد الأموي والعباسي ثم العثماني حيث سيطر العثمانيون على المنطقة في القرن الخامس عشر الميلادي.
وفي سنة 1298 هجرية، أعلنت روسيا حمايتها على بلاد الكرج المجاورة لداغستان، وقاوم الداغستانيون الروس، وهزم الروس الداغستان، واضطهدوا وهاجر الكثير منهم، وفي العهد السوفياتي أعلن قيام جمهورية الداغستان في سنة 1340 هجرية، وأصبحت ذات حكم ذاتي تتبع روسيا.
يشكل المسلمون أغلبية سكان داغستان، ويقدر عددهم بنحو 1.500.000 نسمة.
في العصر الحالي توجد في داغستان الإدارة الدينية لمسلمي شمال القوقاز ومقرها بويناكسك في جنوب غربي العاصمة الداغستانية محج قلعة، وتقلص عدد المساجد في عهد السوفيات، فمن أكثر من ألف مسجد لم يبق غير 27 مسجداً.
كما تلاشي التعليم الإسلامي، وكانت اللغة الداغستانية تكتب بحروف عربية، وصدرت بها مجلات عدة في مختلف العلوم، وأضافوا لأحرف الهجاء العربية حروف عدة، ودخلتها كلمات عربية كثيرة، كما كان أهل داغستان يتحدثون العربية إلى جانب لغتهم، لا سيما علماء الدين الإسلامي، واسس الداغستانيون مطابع عدة طبعت فيها الكتب العديدة، كما صدرت مجلات عدة باللغة العربية والداغستانية، هذا قبل استبدالها باللغة الروسية. ومعظم المسلمين بداغستان ينتسبون للمذهب الشافعي.

إمام وخطيب