إعداد – أحمد القعب: الصيام لا يرتبط فقط بالإنسان، فهناك كائنات عديدة تصوم وربما لفترات طويلة يعجز عنها الإنسان، فقد تدخل فيما يسمى بـ " البيات الشتوى " الذي تصوم فيه،ليس فقط عن الطعام والشراب ولكن عن الحركة أيضا، وقد يتخذ الصيام أشكالا أخرى بعضها يتصف بالغرابة، في هذه الحلقات نقدم لك عزيزي القارئ غرائب الحكايات في صوم الكائنات، لكي تلمس قدرة الله في خلقه ولكي تدرك أنك لست وحدك الذي تصوم.إعداد - نورة حافظ :"قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ" الأعراف (75- 79)تنحدر قبيلة ثمود من نسل نوح عليه السلام،عرفوا بـ"أصحاب الحجر" وهو واد بين الشام والمدينة المنورة بالقرب من وادي القرى، "ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين" الحجر (80)، كانوا قوما ذوي منعة وعمران فريد يصنعون البيوت من الجبال وفيها وكانوا لذلك مطمئنين على أنفسهم وأموالهم، "وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا آمِنِينَ " الحجر(82).وكما أرسل الله إلى كل قوم ضلوا نبيا منهم هاديا ومنذرا، أرسل إلى ثمود أخاهم صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن أرم بن سام بن نوح، والذي يشاركهم النسب والوطن وكانت دعوته كمن سبقوه :أخلصوا العبادة لله وحده مالكم من إله غيره هو خلقكم ومكنكم من عمارة الأرض والانتفاع بخيرها فوجب شكره وادعوه أن يغفر لكم ما قد سلف من ذنوبكم وأقبلوا على طاعته،إن ربي مجيب الدعاء لمن يستغفره ويدعوه. ولكن هل استجابوا لدعوته؟ لقد آمن بصالح عليه السلام بعض قومه من المستضعفين،فلم يسلم من أهل الزعامة والصدارة الذين أصروا على الكفر والجحود، نصح صالح عليه السلام قومه وحذرهم من فسادهم واتباعهم الشهوات والشرك بالله وعبادة الأصنام فقالوا له: ما أنت إلا من الذين سحروا سحرا شديدا وما أنت إلا فرد مماثل لنا في البشرية،فكيف تتميز علينا بالنبوة والرسالة؟ وأشاروا إلى صخرة كبيرة وطلبوا منه أن يخرج من هذه الصخرة ناقة ووضعوا لها مواصفات ليعجزوه، فدعا صالح ربه فاستجاب له وخرجت الناقة من الصخرة المحددة ووفق الشروط التي ابتدعوها، كبرهان ومعجزة له، " ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب " هود(64).وأتفق معهم أن يتركوا الناقة ترد البئر لتشرب يوما ويردون هم في اليوم الذي يليه فيأخذون حاجتهم واستمروا على ذلك و كانوا يشربون من لبن الناقة.رفضت ثمود دعوة صالح بدعوى أنه يدعوهم إلى ترك ما عبد آباؤهم واجتمعوا للبت في أمر الناقة فتحاوروا حول قتلها أو إبقائها، وخشي بعضهم من وعيد انتقام الله إن قتلوها، وفي النهاية انتصروا لكبريائهم فذبحوها واستهانوا بالعذاب، وصل الخبر إلى صالح عليه السلام، فتمادوا في استكبارهم وقالوا : يا صالح أنزل علينا العذاب الذي وعدتنا إن كنت من المرسلين، فوعدهم الله على لسان صالح بعذاب بعد ثلاثة أيام.جاء يوم مهانتهم و أخذتهم الصيحة -أي تضاغط الموجات الصوتية – بعنفها ورجفتها وصاعقتها فأصبحوا في بيوتهم هامدين راقدين على وجوههم ميتين بلا حراك، أما من اتبع صالحا فقد نجوا برحمة من الله، "فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين أمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز" هود(66).يذكر أن ثمود من العرب البائدة الذين علوا فلم يؤمنوا واستكبروا على الله ورسله، فمحاهم الله وأذهب ملكهم فكانوا البائدة بظلمهم أنفسهم وعدم اتعاظهم بمن سبقوهم.

قوم صالح عقروا الناقة