الخميس 05 يونيو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

قوم يونس ...33 عاماً لم يؤمن منهم سوى رجلين

Time
الثلاثاء 21 مايو 2019
View
5
السياسة
على مر الأزمنة، تأتي حضارات وتنتهي، لتحل محلها حضارات أخرى، وكم من حضارات زالت ولم يعد لها وجود، وزالت معها اسماؤها وشعوبها، وقد تناول القرآن بعض هذه الحضارات ولولاه لما عرف الكثيرون عنها شيئا، يقول تبارك وتعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) [القصص 58].
وفي هذه الحلقات اليومية تتناول " السياسة " قصص هذه الحضارات والشعوب التي ذكرها القرآن في آياته الخالدة.


إعداد - نورة حافظ:


"فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ" يونس(98).

علمنا نبينا الكريم محمد - صلوات الله وسلامه عليه- أن ندعو دعاء سيدنا يونس عليه السلام ، لفك الكرب وإجلاء الهم عن النفس وهو : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
أرسل الله يونس بن متى ويرتفع نسبه إلى يوسف عليهما السلام ، وهو في عمر الأربعين إلى أهل "نينوى" في الموصل في أرض العراق، ويقال إن البعث كان في القرن الثامن قبل الميلاد ، إذا كان قومه يعبدون الأصنام من دون الله ومن أهمها الإله "عشتار "وكانوا ينسجون حولها الأساطير والبطولات وقد ضلوا ضلالا شديدا وتمكنت منهم الأباطيل.
دعاهم يونس عليه السلام إلى العودة الى وحدانية الله وترك الأصنام ثلاثا وثلاثين عاما ، فلم يؤمن معه سوى رجلين – حسب قول بعض الدراسات – فأصيب باليأس منهم وقرر تركهم دون أمر ربه ورحل عن أرضهم فذهب الى سفينة مملوءة بالركاب فركبها ، فتعرضت السفينة لأمر يتطلب الاقتراع لإخراج أحد ركابها عن حمولتها فخرجت القرعة على يونس، وكانوا لا يريدون إلقاءه في البحر، فأعادوا الاقتراع ،فخرجت ثلاثا على يونس ، فألقي في البحر وفق عرف ذلك الحين ، وابتلعه الحوت ، " وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ "الصافات(139-142).
أما قوم يونس فقد وقع عليهم عذاب الله ، فذاقوا الهوان والخزي بما كسبت أيديهم وتكذيبهم لنبيهم ، إلا أن القوم ندموا ندما شديدا ودعوا الله كثيرا أن يرفع عنهم الابتلاء وأن يعيد إليهم يونس عليه السلام ، فكشف الله عنهم العذاب وأجلهم إلى يوم القيامة .
اجتمعت على محنة يونس عليه السلام ، في بطن الحوت ظلمة الليل وظلمة البحر وأيضا ظلمة بطن الحوت، ولولا أنه كان من عباد الله الصالحين لمات في بطن الحوت وما خرج منه إلى يوم البعث ولكنها رحمة الله بعبده.
وقيل إن يونس مكث في بطن الحوت ثلاثة أيام ، وهي معجزة من معجزات الله ،فما يمنع الحوت عن أكله وهذا الحوت يبتلع في العادة حيوانات ضخمة فلا يبقى منها أثر. سمع يونس عليه السلام ، وهو في بطن الحوت تسبيح كائنات الله في الكون فسبح واستغفر ونادى ربه ضارعا إليه ومعترفا بما كان منه ، وفي أقوال مرجحة أنه سجد في بطن الحوت ، من هنا سمي يونس بـ"ذا النون" ف"ذا" تعني "صاحب "، و"النون "تعني "الحوت" ، فاستجاب له الله و انجاه من الغم ومن البلاء كما ينجي المؤمنين الذين يخلصون التوبة والدعاء.
أخرجه الله سبحانه وتعالى من بطن الحوت إلى الأرض ، فأنبت الله عليه شجرة لا تقوم على ساق فغطته ووقته غوائل الجو ، حتى إذا صح مما أصابه من رحلته الشاقة في بطن الحوت ، قر الله عينه وداوى قلبه فأرسله إلى قوم عددهم مائة ألف أو يزيد استجابوا إلى دعوته فحلت عليهم نعمة الله إلى حين ، " فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ" الصافات(-145- 148).
وبعد حين هجر هؤلاء القوم الإيمان وفسدوا وضلوا ضلالا شديدا فاستحقوا عذاب الله بعد رحمته وأنزل الله أمره بإهلاكهم بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد ،"من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون" القصص(84) .
إن في قصة يونس عليه السلام دروسا مستفادة ،شأنه كشأن أنبياء الله ورسله من وجوب الصبر على الابتلاء وعدم العجلة ولزوم الاستغفار والتضرع إلى الله.
آخر الأخبار