الخميس 26 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

كعب بن زُهير... شاعر البردة

Time
الثلاثاء 27 أبريل 2021
View
5
السياسة
شعراء النبي

إعداد - نسرين قاسم

"الشعر ديوان العرب، ومصدر معارفهم، ومستودع عاداتهم وتقاليدهم، وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، تقيم الاحتفالات، وتنصب الرايات، وتدعو للولائم ابتهاجاً بهذا الحدث العظيم، وفي هذه الحلقات نتناول أحد الشعراء أو القصائد التي تكرس القيم الإسلامية وتناصر العقيدة".

من عيون شعره يقول كعب بن زهير:
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني
والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
تميزت أشعار كعب بن زهير بقوتها وتماسكها، فقد سار على نهج والده الشاعر الكبير زهير بن ابي سلمى صاحب المعلقة الشهيرة، فكانت اشعاره قوية الالفاظ، جزلة المعاني مع القدرة الكبيرة على ضرب الأمثال الممزوجة بالحكمة، اذ استخدم الأساليب نفسها التي كان يستخدمها والده من حيث الاهتمام بالنص والتروّي والتعقُّل حتى ينتهي من القصيدة، ولم يكن يذيعها إلا بعد أن ينقحها ويهذبها جيداً، كما تميزت اشعاره بنضوج فكرتها، فكان إسلامه فرحة عند المسلمين، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة، بدأت رحلته مع الإسلام حين أعلن أخوه "بجير" نبأ إسلامه، فلم يعجب ذلك الامر "كعبا " الذي كان وقتها لا يزال على دين ابائه وأجداده، فهجاه بقصيدة قال فيها:
أَلا أَبلِغا عَنَي بُجَيراً رِسالَةً
فَهَل لَكَ فيما قُلتَ بِالخَيفِ هَل لَكا
شَرِبتَ مَعَ المَأمونِ كَأساً رَوِيَّة
اِنهَلَكَ المَأَمونُ مِنها وَعَلَّكا
احتفظ البجير بقصيدة كعب وغضب منها، ولما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم من حصار الطائف، كتب إلى "كعب" يقول أنّ رسول الله سيقتل كلّ من يهجوه من شعراء المشركين، وأنّ كلا من ابن البعري وهبيرة قد لاذا بالفرار، ثم نصحه أن يأتيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوب بين يديه لينجو لأنّه لا يقتل من أتاه تائباً، ثم كتب بضع أبيات لأخيه قال فيها:
من مبلغُ كعباً فهل لك في التي
تلوم عليها باطلاً وهي أحْزَم
إلى الله لا العُزةَ ولا اللات وحدهُ
فتنجو إذا كان النجاءُ وتسلم
لما وصل الكتاب إلى "كعب" خاف خوفاً شديداً لأنه هجا النبي، فضاقت به الدنيا ولم يجد له مهرباً، وقرر أخيرا ان يكتب قصيدة يمتدح فيها النبي، ثمّ خرج إلى المدينة ونزل عند رجلٍ من اهلها كانت تربطه به مودة قديمة، فصحبه صديقه إلى النبي، وكان وقتها في صلاة الصبح فصلّى معهم، ثم قام" كعب" إلى رسول الله فوضع يده في يده، وكان الرسول لا يعرفه، فقال له: يا رسول الله، إنْ اتاك "كعبَ بن زُهير" تائباً مسلماً، فهل تقبل منه إنْ جئتك به؟ قال: نعم، فقال فرحا أنا "كعب"، ويُروى أنّه وثب عليه رجل من الأنصار، فكفّه النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وقال: دعه فإنّه جاء تائبا.
وبسبب ذلك غضب "كعب" من الأنصار، وكتب في قصيدته الشهيرة والتي مطلعها " بانت سعاد " يهجوهم ويمتدح المهاجرين، وأُعجب النبي بها، وتابعه حتى بلغ قوله:
إنّ الرسولَ لنورٌ يستضاء به
مهندٌ من سيوف الله مسلولُ
فقام عليه النبي وألبسه بُردَته إكراماً وتقديراً، فلم يصدق نفسه من شدة الفرح، فقد تغير حاله، وبعد ان كان هاربا صار من المقربين إلى النبي، ومن هنا سُميت قصيدته بالبردة، وجاء في مطلعها:
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفَدْ مَكْبول
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا
ِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
وكان "كعب " معتزاً بتلك البردة طيلة حياته، ويقال إنّ معاوية اشتراها من ورثته بعشرين ألف درهم وتوارثها الخلفاء من بعده، وبتلك القصيدة أعلن توبته ودخل في الإسلام في أواخر السنة السابعة للهجرة، وصار شاعراً من أشهر شعراء الدعوة الإسلامية الذين دافعوا عن الإسلام.
آخر الأخبار