الجمعة 20 يونيو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة   /   كل الآراء

كوارث ومحن مرت على الكويت

Time
الاثنين 02 مارس 2020
View
20
السياسة
أحمد الدواس

أصاب الكويت كثير من الكوارث الطبيعية من أمطار وأعاصير وأمراض وجراد ومجاعات، وفي المحن والأزمات تضرر الكويتيون، لكنهم تخطوا ذلك بالتواصل والتراحم ومساعدة بعضهم بعضا، فتواصلوا حتى بعود الكبريت مثلاً، كأن يطلب الجار من جاره عود كبريت ليشعل ناراً للتدفئة أو لصنع الطعام.
في سنة 1831 اجتاح الكويت مرض الطاعون، الذي أهلك الكثير من أهلها، وجمعت بعض القبور الأب والأم والأولاد الكبار والأطفال معا، بل أصبحت الكويت بفرجانها وسكيكها وبيوتــها كلها قبورا، الموتى في السكيك بين المنازل، وفي داخل البيوت، والسور أغلق بواباتـه، حيث كان الخارج مولودا والداخل مفقودا، وكانت هذه الحادثة من أصعب الحوادث التي مرت على تاريخ الكويت، حيث أشار بعض المؤرخين الى ان أكثر من 75 في المئة من أهل الكويت هلك في تلك السنة.
وفي سنة 1868 ضربت مجاعة منطقة الجزيرة العربية، واستمرت ثلاث سنوات حتى سنة 1871، وقد أصابت هذه المجاعة الكويت، ومات بعض الكويتيين من الجوع، وقد استطاع الكويتيون ان يتجاوزوا هذه الأزمة، حيث قام المحسنون في ذاك الوقت بمد يد العون الى المعوزين والمحتاجين بما يملكون من مال ووزع الطعام في الأسواق والطرقات ، وقد أطلق الكويتيون على ذلك العام "سنة الهيلق" ( أي الهلاك ، بمعنى آخر).
ثم غزا الكويت صغار الجراد في سنة 1890 وأتلف المزارع ، كما ملأ الآبار وأفسدها، واستطاع الكويتيون ان يقاوموا هذا الجراد الصغير بالصبر، ويُقال عن هذه السنة "سنة الدبــــا".
ومر عام 1912 ظهر فيه الخير وكثر الرزق "طفح"، فبلغ عدد سفن الغوص الكويتية 812 سفينة تحمل نحو 30 ألف بحار، وبلغت أرباح محصول اللؤلؤ أرقاما قياسية جاوزت الحد ، جعلت الكويتيين يؤرخون بهذه السنة المباركة وكانوا يتباركون بها، وأسموها "سنة الطـفحــة".
ولكن في سنة 1918 تعرضت مناطق عدة من القارة الآسيوية والقارة الأوروبية الى مرض الأنفلونزا الأمر الذي أثار الفزع في الدول الواقعة في هذه المناطق، ومنها الكويت، وانتهت موجة الانفلونزا من دون ان تحصد أرواحا كتلك التي حصدها مرض الطاعون، فأطلق الكويتيون على ذلك العام "سنة الرحمة " .
في عام 1939، نشبت الحرب العالمية الثانية، وكان الاقتصاد الكويتي قد تعرض للتو لحركة ركود وشلل، فقد انهارت أسواق اللؤلؤ في العالم بظهور اللؤلؤ الصناعي المستزرع في اليابان بأسعار رخيصة مما كان له الانعكاس الوخيم على الكويت، التي كانت تبيع اللؤلؤ في الهند، وعند نشوب تلك الحرب فرضت بريطانيا الرقابة على سفن الخليج التجارية، خوفــا من نقل السلاح بالسفن، وأعاقت تصدير المواد الغذائية من الهند لبلدان الخليج بغرض تمويل جيوش الحلفاء، فنقص حجم المواد الغذائية بالكويت، وأصابتها نكسة اقتصادية حادة مع ارتفاع في الأسعار، ولكن مما أسعف الكويت هو دور ربابنة السفن"النواخذة" في التسلل خفية بين موانئ الخليج والموانئ الهندية لجلب المواد الغذائية والتموينية، وقامـوا بدور بطولي شجاع تحملوا فيه المخاطرة حتى لوتعرضوا لمصادرة سفنهم أو احتجازها في سبيل إنقاذ الكويت من شبح المجاعة الذي بات يهدد الجميع، ولم تكن هذه المحاولات كافية لإمداد الكويت بما يكفي من طعام، فقام الشيخ أحمد الجابر الصباح ، رحمه الله وطيب ثراه ، بعقد اتفاق مع بريطانيا بموجبه تسمح البحرية البريطانية للسفن الكويتية في نقل المواد الغذائية والتموينية الضرورية فقط لتوزيعها على المواطنين من دون المتاجرة بها.
وتأسست في عام 1942شركة حكومية باسم شركة التموين الكويتية، صرفت بطاقات تموينية للمواطنين باسم رب الأسرة ومن معه يحصل بموجبها على الأرز والسكر والطحين، وعرف ذلك العام بـــ"سنة البطاقة".
لقد عشنا بجدب الأرض الخالية من أي مورد اقتصادي، فلازراعة ولا نهر، ولكن بوضع سياسي مستقر يشعر الفرد بكرامته ، فلا تفرطوا بهذا البلد الآمن والمستقر، واحمدوا ربكم على النعمة، فنحن أحسن حالا من شعوب تعاني الكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير والفيضانات والحرائق، أو الأزمات المالية والفقر والمجاعة والأمراض، والحكم المُستبد.

سفير كويتي سابق

[email protected]
آخر الأخبار