لبنان يودع شهيد الثورة... والمنتفضون ثابتون على مواقفهم

الراعي: نرفض كل أشكال العودة الى الماضي... جدار نفق نهر الكلب أو أحداث جل الديب

علوش: الحريري مقتنع أن تشكيل أي حكومة غير تكنوقراط لن تخرج المحتجين من الشارع

ارسلان: أداء مكتب المخابرات في خلدة منذ أكثر من سنتين مشبوه وسياسي بامتياز

الموفد الفرنسي دعا إلى تشكيل حكومة سريعاً: الصعوبات التي يواجهها لبنان كبيرة



بيروت ـ"السياسة": على وقع هدير الثوار الذي أشعل انتفاضة عارمة في لبنان توشك على الدخول في شهرها الثاني، شيع عشرات الآلاف من المعتصمين في الساحات والمناطق اللبنانية كافة، أمس، شهيد الثورة علاء أبو فخر، في مأتم شعبي حاشد غصت به مدينة الشويفات التي كان نقل جثمانه إليها في ساعات الصباح الأولى.
وفي مشهد خيّم عليه الحزن اختصرت معانيه دموع نجله عمر، وكلمات زوجته المفجوعة التي ألقت وأولاده وأفراد العائلة والمحبّون النظرة الأخيرة على "عريس الثورة البطل"، الذي تزيّن نعشه بالأعلام اللبنانية وأكاليل الزهور، حيث أمّ شيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن الصلاة على الفقيد، وإلى جانبه لفيف من المشايخ.
وحضر التشييع وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ترأسه رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط، والنائب جورج عدوان، ممثلاً عن رئيس حزب "القوات اللبنانية"، سميرجعجع، ووفد من قيادة الجيش برئاسة رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي قدم التعزية باسم المؤسسة العسكرية.
وفيما أكد المشيعون على أن دماء الفقيد لن يذهب هدراً، وأن الثورة مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها، وأن لا خروج من الساحات، إلا بعد الاستجابة لجميع مطالب المتظاهرين والمعتصمين، شدد النائب جنبلاط في كلمة له في التشييع، على أن "ليس لنا سوى الدولة التي ناضلت من أجلها ونلجأ إلى العقل ونرفع نداء من الشوفيات مع جميع اللبنانيين لنقول: القضاء العادل المستقل ينصف دماء علاء".
واشار الى أن، "اليوم هو يوم اللبنانيين الأحرار ويوم الرفيق الشهيد علاء أبو فخر ويوم شهيد الثورة، ثورة من ليس على صدورهم قميص وهم سيحررون هذا العالم".
وفي السياق، طلب وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس بو صعب، من القضاء العسكري المختص إجراء التحقيق الوافي والسريع بالحادثة الأليمة التي أودت بحياة علاء أمام عائلته ورفاقه وجميع اللبنانيين، وعدم حصر التحقيق بالمرافق العسكري الذي أطلق النار كي لا يفلت أحد من العقاب إذا كان مداناً.
وقال ابو صعب، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، "تطرقت الى مواضيع عديدة وبينها الحراك، كما قدمت التعازي بالشهيد ابو فخر وطالبت القضاء المختص بتحقيقات شفافة ليتحمل كل شخص مسؤوليته، كما تحدثنا عن الاحتقانات في الشارع خلال اليومين الاخيرين، ولا سيما في ما يتعلق بالجدارين ما ذكّرنا بالحرب الاهلية، وهذا ما لن نراعيه، ولا خلاف على حق المتظاهرين وحمايتهم، ولكن لن نقبل بالاستثمار السياسي لفرض شروط معينة فالناس ملت وهي غير مهتمة بالسياسة".
من جهته، شدد رئيس "الحزب الديمقراطي" النائب طلال ارسلان، على أن "أداء مكتب المخابرات في خلدة منذ أكثر من سنتين هو أداء مشبوه وسياسي بامتياز ونحن مع الجيش قلبًا وقالبًا ولكن الأداء يجب أن يكون بعيدًا من الأجواء السياسية".
وأشار الى أن، "الشهيد علاء ابو فخر شخص معروف بالشويفات وهو يتعاطى بالشأن العام وعضو في البلدية".
وفي الوقت الذي لم يحدد موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون، بدا الملف الحكومي في حالة مراوحة، سيما وأن رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، لا زال عند موقفه بوجوب الانتقال الى حكومة جديدة تحاكي المستجدات السياسية، وهو لن يتأخر عن خوض التحدي بحكومة من أصحاب الخبرة والاختصاص، ويعتبر أن العودة الى حكومة على صورة الحكومة المستقيلة مع بعض التجميل مرواحة في غير محلها".
وذكرت مصادر متابعة أنّ "المشاورات حول البدائل مستمرة، والرئيس الحريري مستعد لان يكون شريكاً بتسهيل الامور والتوافق على شخصية مؤهلة لتحديات المرحلة اقتصادياً"، لافتة الى أنّ "الكرة ليست في ملعب الرئيس الحريري، بل هي في ملعب الجميع، ومصير الاستشارات بيد رئاسة الجمهورية وليست بيد رئيس الحكومة المستقيل، والكلام عن ان الآخرين ينتظرون جواباً على اسماء مقترحة غير صحيح مطلقاً، لان كل أجوبته أصبحت في عهدة المعنيين بالمشاورات"، في وقت تردد اسم وليد علم الدين الذي يعمل مستشاراً اقتصادياً للرئيس الحريري، كإسم مقترح من الأخير لتشكيل الحكومة العتيدة، دون حصول تأكيد على ذلك من "بيت الوسط" .
وقال عضو "تيار المستقبل" الدكتور مصطفى علوش، إن تكليف الرئيس سعد الحريري مشروط بتأليف حكومة من اختصاصيين وهذا الطرح غير موافق عليه "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" و"حزب الله".
وأشار علوش، إلى أن "الرئيس الحريري مقتنع أن تشكيل أي حكومة غير حكومة تكنوقراط لن تخرج المحتجين من الشارع ومحاولة وضعه بمواجهة معهم من خلال أي حكومة لن تقنعهم هي مرفوضة". وفي السياق، رأى مدير دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو في مؤتمر صحافي عقده في قصر الصنوبر، أن "الصعوبات التي يواجهها لبنان كبيرة وهي مدعاة قلق الجميع".
ودعا إلى "تشكيل حكومة سريعا".
وقال: "لطالما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان في الأوقات الجيدة وفي الأوقات الصعبة ونحن مدركون للأزمة التي يواجهها لبنان وهي أزمة اقتصادية سياسية واجتماعية والهدف من زيارتي هو الاستماع وفهم ما يريده اللبنانيون وليس لفرض الحلول".
ووضع مهمته "في إطار الصداقة العميقة بين البلدين وفي إطار احترام سيادة لبنان".
إلى ذلك، وبعد الأحداث التي شهدتها منطقة جل الديب، وما رافقها من إطلاق نار وظهور مسلح لعناصر التيار العوني، أجرى البطريرك بشارة الراعي اتصالات مع القيادات السياسية ولاسيما المسيحيّة بينهم، معربا عن رفضه لكل اشكال العودة الى الماضي أكان من خلال بناء الجدار الفاصل في نفق نهر الكلب أو المظاهر المسلحة في جل الديب.
والتقى البطريرك الراعي، في بكركي، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وكان عرض لآخر التطورات على الساحة المحلية وتشديد على وجوب تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب اللبناني في أسرع وقت، وفق ما أفادت به الوكالة الوطنية للاعلام.
وغرد الوزير باسيل ، على تويتر قائلا:"الأولوية اليوم لتشكيل حكومة انقاذ ومنع الفكر التخريبي من أخذ البلد الى الصدام، محذرا من جدران العزل وتقطيع الأوصال وجر الناس إلى الاقتتال.
واضاف الى التيار الوطني الحر أقول: ممنوع ردة الفعل لأن المؤامرة بدأت تنكشف والناس الطيّبيون بالحراك وبالبيوت كفيلون باسقاطها".
في المقابل، قال النائب عماد واكيم عبر "تويتر": "باسيل ابلغ البطريرك الراعي قلقه حيال ضرب السلم الاهلي والدفع باتجاه صدام يؤدي الى الاقتتال وادخال البلاد في فتنة... سيد جبران من اطلق النار بالامس في جل الديب هو من يدفع لضرب الجيش بشعبه من هم حماة الديار والى ماذا يدعون ...كفاك هراء لبنان يحتضر".
وغردت الأمينة العامة لحزب "القوات اللبنانيّة " شانتال سركيس، عبر "تويتر": الى كل المحبين من المحازبين والمناصرين والاصدقاء الذين يتصلون بمسؤولي القوات اللبنانية لإعطاء النصائح بالضرر الذي لحق بالقوات وبالثورة من جراء وضع الأسمنت في نفق نهر الكلب، أطمئنهم بأنه:
* أولاً، القوات لم ولن تلجأ الى هذه الأساليب منذ اليوم الاول للثورة لأن المبادرة في كل ما يتصل بحركة الارض هي في يد الثوار وليس في يد أي طرف آخر.
* ثانياً، لسنا بأغبياء لاعتماد أساليب تضر بالثورة والثوار.
* ثالثاً، ليس كل من ينزل الى الطريق هو قوات، فالثورة تضم مجموعة متنوعة من اللبنانيين من كافة المشارب والخلفيات.
* رابعاً، البعض ركز على نفق نهر الكلب ولم ينتبه ان الأسلوب نفسه اعتمد في الناعمة وفي المينا.
واخيراً أدعو المصطادين في الماء العكر من أعداء الثورة الى الاستجابة لمطالب الناس بدل التلهي بتشويه صورة القوات فلم تعد هذه الأساليب القديمة تنطلي على احد... أصبحنا في القرن ال21، فتعلموا!
واستمر تصعيد الحراك الشعبي بشكل مكثف، أمس، في معظم المناطق، وتمثل بقطع العديد من الطرقات ، قبل أنّ تعود قوى الجيش بفتحها بناء على تعليمات عليا.
وترافق الحراك مع اقفال المؤسسات وتعطيل العمل في العديد من المرافق والادارات العامة والمدارس.
وواصل موظفو شركتي الهاتف الخلوي اعتصامهم امام مبنيي الشركتين، رفضا لقضم 30 في المئة من رواتبهم.
واتخذت اجراءات أمنية امام قصري العدل في صور وصيدا تزامناً مع جلسة محاكمة المتهمين بحرق استراحة صور والقيام بأعمال شغب، وجاب ناشطون وسط العاصمة وطالبوا اصحاب المؤسسات التجارية في أسواق بيروت بإغلاقها.
ونفذ المحتجون اعتصاماً أمام مبنى أوجيرو في حلبا ورددوا الهتافات المؤيدة لمطالب الحراك الشعبي، ودعوا الموظفين الى التوقف عن العمل وتم إقفال المركز. كما أقفل المحتجون مركز وزارة العمل في المدينة .
وأطلق سراح الناشط خلدون جابر من مخفر حبيش، وأكد أنه "سنبقى في الشارع ونكمل في الثورة".
وكشف جابرأنه "تم ضربي من حاجز الجيش إلى بعبدا".
وقال: "تم إقتيادي إلى وزارة الدفاع وأتوا بورقة صحية لأخذي إلى السجن".
ونفى تعرضه إلى الجيش اللبناني قبل إالقاء القبض عليه.
وكان نشر رئيس حركة "حماة الديار" رالف شمالي فيديو عبر صفحته عبر "فيسبوك" ، دعا خلاله محبيه وأنصاره الى فتح الطرقات بالقوة خلال 24 ساعة وذلك رداً على ما وصفه بالإعتداء والتعرض لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
الى ذلك، تجمع عدد من المحتجين امام منزل رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط في كليمنصو، ورددوا هتافاتٍ منها: "كلن يعني كلن وجنبلاط واحد منن".
من جانبه، اعتبر الوزير السابق أشرف ريفي ، ان سلمية الثورة باتت هدفاً تسعى السلطة لتقويضه أُسوةً بما حصل في بلدانٍ عربية أخرى.
وأشار، عبر "تويتر"، الى ان السلمية هي الرد على محاولات الشيطنة والإختراق والتطييف، مضيفا:"جيل الشباب يدرك أن الحفاظ على سلمية الثورة أولوية، بهذه السلمية وهذا الوعي وهذه الشجاعة ستنتصر ثورة اللبنانيين".