الاثنين 05 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

لكي نتحاشى التكبر على الآخرين

Time
الاثنين 08 أكتوبر 2018
View
10
السياسة
د. عبدالله راشد السنيدي

حذرت الشريعة الإسلامية من الكبر أو التكبر إلى درجة جعلت مصير المتكبر إلى النار والعياذ بالله.
وقد ورد في القرآن الكريم نصوص عديدة حول شناعة هذه الصفة التي قد يكون وجودها في أي إنسان لسبب غير طبيعي أو بسبب مرض نفسي. فقد ورد في الكتاب العظيم {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}( الأية 63 سورة الفرقان).
وفي الحديث القدسي :"الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي ، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي ، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ"( رواه مسلم)، كما قال المولى عز وجل :{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (الاية 146 الاعراف)، وذلك لأن التكبر صفة لا ينبغي أن يتحلى بها سوى الله عز وجل لكونه صاحب الكمال المطلق.
وفي السنة النبوية الشريفة ورد عن رسول الله محمد( صلى الله عليه وسلم) قوله في التكبر:" لا يدخل الجنة من كان في قلبة مثقال ذرة من كبر"(رواة عبدالله بن مسعود)، كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام " يحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنِ جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ: طِينَةِ الْخَبَالِ"(رواه الترميذي).
والفرق بين الكبر والغرور أن الكبرياء من أمراض القلب، أما الغرور فهو الشعور بالعظمة وتوهم الكمال، والفرق بين الكبر والكبرياء أن الكبرياء هو الاعتزاز والثقة بالنفس، وهو أمر محمود في غالب الأحيان، والكبر عادة يصيب الإنسان بسبب عقدة نقص يعاني منها لضعف إيمانه، وعقدة النقص كما يعرفها علم النفس هي "شعور الفرد بوجود عيب فيه يشعره بالضيق والتوتر، ونقص شخصية مقارنة بالآخرين مما يدفعة للتعويض لهذا النقص بطرق عديدة"، كما فعل الزعيم الفرنسي نابليون، فقد كان يعتقد أنه قصير القامة مع أن طوله في المعدل الطبيعي 168 سنيمتر، مما يجعله يعوض ذلك بحبه للتسلط والجبروت، والبعض قد يصاب بالكبر، ليس بسبب عقدة نقص، لكن لأسباب أخرى، منها كثرة أمواله وإحساسه بالاستغناء عن الآخرين، مع أن مثل هذا الشخص قد نسى أو تناسى أن المال الذي بيديه هو مال الله، وعليه أن يتصرف فيه حسب أحكام الشريعة، وأن يكون للفقير نصيب منه، وأن يكون للصديق المحتاج نصيب منه، ولو بالإقراض.
كما نسى هذا الشخص أن المال الذي يملكه قد يفقده في أي لحظة، ولسبب قد لا يخطر بباله، أو كونه يشغل منصباً مهماً، مع أن مثل هذا الشخص نسى أن الأصل في الوظائف والمناصب أنها تكليف وليست تشريفا، وأن مقاعدها الوافرة ليست حكراً على شخص معين، فهي اليوم له وغداً لغيره مصداقاً لقول المولى عز وجل:{إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}( الآية 139 سورة أل عمران)، أو مركز عائلته في المجتمع أو وجاهته أو نسبه متناسياً مثل هذا الشخص أن أصل البشرية من نفس واحدة وأن الجاه أو النسب لو كان له دور في ذلك لما كان مصير أبي طالب النار، وهو خير من ساند الرسول (صلى الله علية وسلم) أمام هجمة المشركين، ولما نزلت سورة من القرآن في سب أبي لهب عم الرسول (عليه الصلاة والسلام) إلى يوم القيامة.
أو الوسامة في الرجل أو الجمال في المرأة، فالرجل الوسيم قد يغتر بوسامته التي ليس له دور في إيجادها، ومع ذلك يتكبر على عباد الله بسببها فتجده مثلاً لا يجلس مع الفقراء، ولا مع دميمي الخلقة، بل إنه قد لا يسلم عليهم حتى لو مدوا أيديهم إليه. وكذلك المرأة الجميلة المتصفة بهذه السمة، تجدها تتكبر حتى على زوجها وأسرتها، فضلاً عن معارفها وزميلاتها متناسين ان الوسامة والجمال منح لهما لحكمة وغاية محددة، وأنه موقت وسوف يزول في يوم من الأيام مع مرور سنين العمر.
أو الحصول على المؤهلات والدرجات العلمية العليا فتجد أن بعض من يحصل على الدكتوراه، مثلاً، بعد أن كان اجتماعياً ومنفتحاً على الجميع أصبح متقوقعاً ويصر على الا ينادى ألا باللقب العلمي حتى في بيته وخارج مقر عمله، مع أن المناداة باللقب دكتور أو مهندس ونحو ذلك ينبغي إلا يحصل إلا في قاعة المحاضرات أو مقر العمل.
وحول ذلك يروى ان امرأة زوجها يحمل الدكتوراه عندما تتحدث عن حياتها مع زوجها لصديقاتها لا تقول عنه إلا الدكتور، فهي تقول مثلاً أنها البارحة ذهبت مع الدكتور للسوق، واليوم سوف تذهب مع الدكتور لزيارة أهلها، وهكذا فردت عليها أحدى صديقاتها منتقدةً هذا الأسلوب قائلة لها:" إذاً لو قدر الله أن يطلقك زوجك فماذا سوف تسمينه هل ستقولين طلقني الدكتور أم ماذا"؟
أو امتلاك السيارة الفارهة، فالبعض عندما تكون سيارته من النوع المتداول بين الناس بالفخامة ينعكس ذلك على نفسيته وسلوكه، فتجد أنه لا يحترم الآخرين في الطرق ممن سيارتهم من نوع أقل فخامة، أو ربما سيارتهم عادية، لكونه يعتقد أن له الأحقية في كل ما يتعلق بالطريق، لان سيارته من نوع معين، أو تجد أنه يضايق النساء وهن في سياراتهن، معتقداً بأن نوع سيارته سوف يسهل له الوصول الى ما يريد.

كاتب سعودي
آخر الأخبار