الخميس 19 يونيو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

ما بين الغش والتشكيك

Time
الخميس 21 يناير 2021
View
5
السياسة
منى العازمي

نعيش في زمن سطوة التكنولوجيا التي شوشت على دور العقل البشري من خلال قيامها بالكثير من مهامه من حفظ، وإحصاء، وقياس، وغير ذلك من العمليات التي كانت حكرا على أولي العقول، وها هي التكنولوجيا الآن تتحرك باتجاه المكان التي بدأت شيئا فشيئا تقوم بالكثير من مهامه لا سيما ما يشهده الواقع الحالي من التعلم عن بعد الذي لم يعد يحتاج المتعلم فيه إلى مكان خاص يمارس فيه عملية التعليم، حيث أصبح التعليم يأتيه في أي مكان كان وعلى أي وضع كان، ولكن لنغفر للتكنولوجيا هذه العنجهية ولنعتبرها خدمة جليلة تقدمها للإنسانية حفاظا على تلك الأخيرة من خطر فيروس كورونا المستجد، ولكن هذا الغفران لا يعني أن ننسى غطرسة التكنولوجيا على بعض القيم ومحاولة هدمها لبعض المبادئ.
فتحت سقف تكنولوجيا استوى فيه الطالب النشيط والطالب المتكاسل، سقف تكنولوجي لم يعد يفرق بين إجابة نابعة من عقل صاحبها وأخرى مكتسبة ممن حوله، تحت هذا السقف لا نستغرب أن نجد طلبة يصبون لعنتهم على هذا النوع من التعليم شاكين الظلم والاضطهاد، فلم يعد الظلم مقتصرا على ما قامت به التكنولوجيا من توحيد في القدرات، ليتفوق بعض الطلبة المستعينين بالقوى الخارجية على أولئك الذين اكتفوا بقدراتهم، راغبين إثبات ذاتهم.
أصبح الظلم مقرونا أيضا ببعض المعلمين الذين يطلقون حكما جماعيا على الفصل الدراسي نفسه سواء كان ذلك الحكم سلبيا أم إيجابيا، غير متكلفين استخدام حدسهم التعليمي في محاولة تنقيح الطلبة وإعطاء المتفوق منهم حقه التعليمي، فلماذا تقتل المبادئ الجميلة بطعنتين في وقت واحد، الأولى تراجع مستواهم التعليمي مقارنة بأولئك أصحاب القدرات المكتسبة، والطعنة الثانية بتصميم بعض المعلمين على وصم جميع الطلبة بسمة الغش؟
إن الضغط النفسي الذي طال متفوقي الطلبة جراء هاتين الطعنتين قد أضعف إيمانهم بقدراتهم، مما جعلهم يبحثون عن تعزيزها من خلال مصادر أخرى بعد أن تكالبت كل الظروف لقتل المبادئ الجميلة. وما دام المعلم هو المشكل الأول للبنة المجتمع لذا عليه تحمل مسؤولية نفخ الروح في المبادئ الجميلة، من خلال أسس كثيرة أهمها: أن يتقبل خطأ الطالب وإجاباته الركيكة ويحاول الاعتناء به، وأن يحسن الظن ببعض الطلبة الذين لم يجدوا إلا قدراتهم وسيلة لاستخدامها في حل الواجبات والاختبارات وليصدق أن رغم سيطرة الطاقات المكتسبة إلا أنه لا يزال بعض الطلبة يرفضون ذلك الإمداد مكتفين بطاقاتهم مؤمنين بمبادئهم.
حاولوا أن تستنشقوا رائحة الجمال القيمي مهما زاحمته أبخرة أخرى، وأنت أيها الطالب الثابت على مبادئك لا تأبه بتزعزع الأرض من تحتك، دع من إيمانك بقدراتك وثقتك بالله لبنة قوية تثبت الأرض تحت قدمك حتى لو تزعزعت من تحت الجميع، فالثبات على المبدأ هو انتصار للعقل ووضعه في مكانه الصحيح، وخلق حيز وجود للذات حقيقي يصمد أمام الريح بينما يتلاشى الوجود المزيف للذوات الأخرى.

كاتبة كويتية


[email protected]
آخر الأخبار