الأربعاء 21 مايو 2025
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مخطوطة "السليمانية"احتفظت بزخارفها ألف عام

Time
السبت 08 مايو 2021
View
5
السياسة
إعداد – أحمد القعب:

"يقول الله تعالى في كتابه الكريم "إِنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فقد حفظ المولى القرآن الكريم في الصدور حتى بدأ جمعه في عهد الخليفة أبي بكر عن طريق النسخ من مخطوطات أغلبها من جلود الأغنام والغزال، ثم تبارى النساخ في نقل النصوص المقدسة على مدار عهود، وتسابق على نسخها الخطاطون، حتى امتلأت الدنيا بنسخ القرآن بأشكال وألوان وخطوط مختلفة، وظلت الاجيال تتناقلها الى ان وصلت الينا لتكون شاهدة على حفظ المولى للذكر الحكيم الى ان تقوم الساعة...وفي هذه الحلقات نستعرض بعض المخطوطات التى وصلتنا من عهود موغلة في القدم."

تعود مخطوطة المصحف الشريف بمكتبة رئيس الكتّاب بالمكتبة السليمانية بإسطنبول، الي القرن الرابع الهجري، ما يعني انها لم تُكتب في الاناضول، وجُلبت الى الاستانة واستقرت فيها في مرحلة لاحقة مع غيرها من عشرات الالاف من الوثائق والمخطوطات والتحف النادرة التى استولى عليها العثمانيون ابان احتلالهم للأمصار المجاورة خاصة مصر والشام، وقد نُسخت بخط النسخ التام، وبطريقة الخط العثماني من جهة الرسم، الشكل، وآلية الكتابة.
حُدد تاريخ كتابة المخطوطة في عام 353هـ، وتميزت بقدر كبير من فنون التشكيل والتصميم الجمالي، وحظيت برسم وخط مميزين، اضافة الى وضع علامات الحركات لجميع الحروف والكلمات، كذلك علامات التعجب والتنقيط، وجاءت تلك العلامات بلون مغاير للون الأسود المنسوخ به النص القرآني، اذ لُوّنت باللون الأحمر.
تتكون المخطوطة من 15 سطرًا في الرق الواحد المصنوع من جلد الاغنام، ونسّقت الحواف بشكل مثالي، تم فيه مراعاة تناسب النص المنسوخ مع الحجم المقصوص للرق الواحد بأبعاد 21.6 سم طولاً و 14.6 عرضًا للرق، بينما كان طول النص 15.5سم و 9.2 سم عرضا، ومن الملاحظ أن تلك الأبعاد متطابقة تمامًا مع كل صفحات المخطوطة، لتضيف إلى مثالية النسخ والتصميم براعة القص والتنظيم.
جُلدت المخطوطة بجلد سميك بني اللون، ضم العديد من الزخارف النباتية والرسوم المنمقة، والأشكال الهندسية المنتشرة بأطراف الغلاف بشكل منتظم، ومشابه لما عليه الكثير من مصاحف اليوم، وجاء التغليف بلون بني للأساس، اما الرسومات فجاءت بلون ذهبي وآخر أزرق مع تكعيب بلون بني فاتح، كما حرص الناسخ على إضافة لمسات جمالية في صدر المصحف، وظهر ذلك في فاتحة القرآن الكريم، التي رسم لها الناسخ قالبا مشابها لما عليه المصاحف اليوم بألوان رائعة ممتزجة، بين الأصفر الذهبي، الأزرق، والأحمر، فيما كُتب النص القرآني بلون أسود، وبين كل سطر وآخر، وضُعت رسوم بديعة مرسومة بالأزرق والأحمر والذهبي، وبّين في نهاية كل سورة الاسم وعدد الآيات.
أضاف الناسخ ايضا للمخطوطة إمكانية التمييز بين سورة وأخرى، ما بين مكية أو مدنية، وهو أمر لم نشهده في كثير من المخطوطات القرآنية القديمة، ولم يغفل كذلك عن التمييز بين كل سورة وأخرى برسم هندسي، ضم اسم السورة بلون ذهبي، مع إضافة تفاصيل عن عدد الآيات، و تمييز وُضع بأطراف النص القرآني لرقم الجزء أو الحزب، فضلاً عن رموز للسجدات.
ولحسن الحظ فقد احتفظت المخطوطة بحالتها الجيدة، فأطرافها، وحوافها، لا تزال تتسم بالتماسك والصلابة، إضافة الى ثبات وألوان الحبر ووضوح الزخارف، ولكن الامر الذي يقلل من أهميتها نسبيا انها نسخة غير مكتملة للمصحف، وقد وصلتنا الصفحة التي تحمل اسم الناسخ، ويدعى على بن سلطان بن محمد الهروي، المقرئ بالحرم المكي، اذ قام في نهاية المخطوطة القرآنية بتدوين 10 أسطر، ضمت نص دعاء ختم القرآن وتوسط شكل مستطيل، وكُتب بلون ذهبي ممزوج باللونين الأحمر والأزرق.
آخر الأخبار