كل الآراء
مذكرات القاتل الاقتصادي
الأحد 17 نوفمبر 2019
5
السياسة
الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباحتابعت في الأيام الأخيرة بعض الحلقات من برنامج رحلة في الذاكرة على القناة الروسيةRT ARABIC على "اليوتيوب" استضافت الخبير الاقتصادي والسياسي الأميركي جون بيركنز الملقب بالقاتل الاقتصادي وهو مؤلف الكتاب الشهير "اعترافات قاتل اقتصادي" الصادر في عام 2004 و ترجم إلى ثلاثين لغة وتصدر قائمة المبيعات لسنوات.يحكي جون بيركنز في هذا الكتاب عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومرحلة صعودها المرعب اقتصاديا و عسكريا من خلال الهيمنة الاقتصادية أو بمعنى أدق على حد وصفه "القتل الاقتصادي" للدول، والتحكم فيها لدرجة إسقاط أنظمة حاكمة واستبدالها بأخرى تعمل وفق ما تمليه السياسة الأميركية التي تسعى إلى نهب ثروات الشعوب وإغراقها في الديون .والحقيقة أن الرؤساء المتعاقبين على حكم الولايات المتحدة، وكذلك أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ وباقي منظومة الإدارة الأميركية لا تعمل بشكل فردي اجتهادي، ولكن وفق خطط ومنهج تفرضه المصالح الاقتصادية والسياسية العليا لعدد قليل من كبار الرأسماليين، أصحاب كبرى الشركات في العالم، والتي يقع مقرها في الولايات المتحدة، ولها نصيب الأسد من البنوك ووسائل الاعلام، وهو منهج لا يقيم للأخلاق والقيم والانتماء للوطن أي وزن على الاطلاق، فقط الهيمنة السياسية والاقتصادية، وسلب إرادة أغلب شعوب دول العالم. ولكن إذا تركنا جون بيركنز وكتابه، والولايات المتحدة وهيمنتها؛ لنتحول الى نوع آخر من القتل الاقتصادي والسياسي، هو نوع يقع محلياً بين أبناء الشعب الواحد، حيث نوع آخر من صراع الهيمنة القائمة على المصالح الاقتصادية والسياسية أيضا، والذي يدفع ثمنه الوطن ووحدته ونزاهة شعبه، وهي معركة لم ولن تنتهي إلا بتطهير جميع وزارات و مؤسسات الدولة، بما فيها مجلس الامة من الفسدة والمنتفعين ، هي معركة بدأت بالضغط الشعبي على الحكومة حتى تقدمت باستقالتها لحضرة سيدي صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، ولن تنتهي إلا بكشف كل رموز الفساد ومساعديهم .نجح الحراك الشعبي على مواقع التواصل وفي ساحة الإرادة في تحقيق الحد الأدنى من المطالب، وطرح الثقة في بعض الوزراء للاستجواب واستجلاء الحقيقة، حيث ردت وفندت الوزيرة الدكتورة جنان بوشهري في جلسة 12نوفمبر الجاري نقاط الاستجواب، ولكن صرحت في نهاية استجوابها بأنها تدفع ثمن محاربة الفساد، والحفاظ على أموال الدولة، بسبب قراراتها حرمان الشركات المتعثرة من مناقصات الدولة، والتي يبدو واضحا أن هذه الشركات مسنودة من بعض أصحاب المصالح والمنتفعين، وأن الشركات أصبحت أقوى في قاعة عبدالله السالم، وأنها تستقيل من منصبها وهي مرفوعة الرأس، لأنها ردت على طلب طرح الثقة الموقع من بعض المتضررين من قراراتها الوزارية، والحقيقة أنها أحسنت في الرد بالحجة والدليل، فنحن هدفنا كشف الفساد ومن يقف وراءه، ولا نشخصن قضايا وطننا العزيز .الحديث عن القتل الاقتصادي والسياسي والإداري يطول جداً ،ومواجهة الفساد أمر شاق ومرهق، ولكن تصحيح مسار الوطن واجب مقدس، وأنا اعتقد أن هناك الكثير من المفاجآت ستحملها لنا الأيام المقبلة، بشرط استمرار الضغط الشعبي المغلف بالوعي والإدراك الصحيح، وتقديم المصلحة العليا للوطن وللأجيال المقبلة.نحن نعلم يقيناً أن حضرة صاحب السمو وولي عهده الأمين لن يدخرا جهداً في معاقبة من تسول له نفسه الإضرار بمصالح الوطن، ومكتسباته التي دفعنا ثمنها غالياً لكي نفخر بوطن ديمقراطي عظيم هو أمانة نسلمها جيلاً بعد جيل لتبقى رايته عالية خفاقة.كاتبة كويتية