السبت 27 يوليو 2024
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
مطرقة القانون… ومكافحة الفساد
play icon
كل الآراء

مطرقة القانون… ومكافحة الفساد

Time
السبت 02 سبتمبر 2023
View
94
د.سعد عبدالله الجدعان

ثمار الفكر

يمثل القانون قوة الدولة في حماية مصالحها، ومصالح كل من يعيش على أراضيها، وهو الخط الفاصل بين الخطأ والصواب، والعدالة في أسمى تطبيقاتها ما هي إلا العمل بمجموعة القوانين التي تحافظ على النظام العام والأمن، والحريات، وتسعى كل دولة من الدول الى تحسين مكانتها بين الدول الأخرى، وتطوير حالة المواطنين فيها.
وباعتراف رئيس البنك الدولي، فانه يرى الفساد كالسرطان، ينهش في أركان الدول، كما يفتك بأجساد الدول التي يطالها، وأن علاجه يحتاج لتوصيف المرض بشكل دقيق، حتى نتمكن من وصف علاج للقضاء على الفساد.
إن القلب النابض الذي يغذي شرايين الفساد، والذي يقف وراء الحجم الأكبر منه يوجد في الأجهزة الإدارية التي يشرف على إدارتها الموظفين.
فالفساد يتوافر حين يتسبب الموظف في عدم وصول الخدمات إلى أصحابها، والمستحقين لها، والذين تضعهم الدولة صوب أعينها لتقديم الخدمات والرعاية لهم، والذي يشرف على توصيل هذه الخدمات هو الموظف الذي تعينه الدولة، بعد ان ترى فيه الشروط المؤهلة لاداء واجبات هذه الوظائف.
إن أضلاع مثلث الفساد تتكون من الموظف، والشخص الذي يحصل من هذا الموظف على ميزات ليس له الحق فيها، وهذه الميزات هي جزء من المال العام الذي تساهم الدولة والقانون في حمايته، تصل من خلال هذه الأضلاع الثلاثة إلى أن الهدف من وراء الفساد هو الانحراف السلوكي للوصول إلى المال العام، من دون وجه حق.
ولمراقبة الموظفين وضعت الدول مدونات السلوك التي تضع الخطة التي ينبغي أن تسير عليها مؤسسات الدولة، وحتى لا يقع تضارب المصالح الذي هو عصب الفساد، فالموظف يقارن بين مصلحته الشخصية ومدى ما يمكن أن يحققه من منافع، ومميزات باعتدائه على المال العام، مفضلا ذلك على أن تصل هذه الخدمات، تلك المنافع إلى أصحابها الحقيقين.
وعندما لا تصل الخدمات إلى مستحقيها، فأنهم بلا شك سيطالبون بتوافر هذه الخدمات نظرا الى حاجتهم لها مع مرور الوقت، مما يسبب ضغطا على برامج الموازنة العامة للدولة، ويضع الدولة في حرج.
وبالتالي فإنها إذا رغبت في عدم الوصول إلى هذه النتيجة، فإن الطريق الوحيد أمامها هي أن تبادر بتطبيق القانون بحزم في ما يخص وجود الفساد، وتحييده، والسيطرة عليه، وتغليب وجودة من أجل مصلحة الدولة، في حال وجود هامش معترف بالفساد، لأن القضاء على الفساد بشكل كلي مسألة قد تبدو من ضروب المستحيل.
إن الفساد آفة التطورات التي تشهدها البشرية، سواء اكانت تطورات على المستوى التقني والتكنولوجي، لذا أصبح العالم قرية صغيرة، ولا يخلو بلد من البلدان من وجود الفساد، الأمر الذي فرض على المنظمات الكبرى أن تعقد المؤتمرات، وتدعو الدول من أجل مناقشة طرق مكافحته.
لا يعنينا وجود الفساد، فهو موجود في كل دول العالم، شرقا وغربا، لكن الذي يعيب هي التواني عن البحث عن الطرق التي تساعدنا في مكافحته.
لقد وضعت دول كثيرة وكالات لمكافحة الفساد، وينبغي علينا فعل ذلك، حتى نستطيع مواكبة التطورات القانونية في البلدان الأخرى، ودراسة تجاربها في مواجهة الفساد ومنعه، مما يعزز من طرق حماية المال العام في البلاد.
فالقانون ليس مادة جامدة، بل يحتاج إلى النظر فيه بين الفينة والأخرى حتى يمكن تطويره وتحسينه ليتماشى مع المتغيرات والمستجدات، فالأفكار كالأفراد تولد ثم تكبر ثم تشيخ، والفكرة التي تتزوج في زمن سيأتي عليها زمن آخر وتترمل.
وهذا يدفعنا إلى أن نطور من فكرنا القانوني خصوصا في القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، لأن التطورات تتلاحق يوما بعد الآخر.

كاتب كويتي
متخصص في القانون الدولي

د.سعد عبدالله الجدعان

[email protected]

آخر الأخبار