

ملحم خلف لـ"السياسة": لا أولوية تتقدم على انتخاب رئيس للبنان
نائب "التغيير" المعتصم في البرلمان منذ سنة يخشى على بلاده من التفتُّت ويحذر من تدمير المؤسسات
ما يحصل انقلاب ناتج عن التفلت من الدستور وما يقوم به البرلمان غير شرعي
دمرنا سيادة القانون والعيش معاً والقضاء معطل ومدمر ورؤساء الكتل مرتهنون
بيروت ـ من عمر البردان
أثبت النائب التغييري في البرلمان اللبناني،ملحم خلف، وبكل ما للكلمة من معنى، أنه من أكثر النواب تشبثاً بالأصول البرلمانية والديمقراطية، ومن أشد المدافعين عن حرية الرأي والتعبير، انطلاقاً من حرصه الشديد على الالتزام بنصوص الدستور، وعدم التفلت من القيود الدستورية. وقد برهن نقيب المحامين الأسبق في بيروت، عن تمسكه بهذه القيم والمبادئ، انطلاقاً من عمله، كمحام ونائب، وهو الذي ما زال معتصماً منذ أكثر من سنة، داخل مبنى البرلمان، احتجاجاً على تلكؤ زملائه النواب في القيام بواجبهم الدستوري والأخلاقي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، معتبراً أن هذا الأمر أولوية تتقدم على ما عداها، في ظل الظروف البالغة الخطورة التي يمر بها لبنان.
ولا يمكن برأيه أن يستقيم عمل المؤسسات، وتستعيد الدولة بكافة أجهزتها حضورها، من أجل تأمين متطلبات المواطنين، إذا لم ينتخب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، من أجل أن يبدأ العمل لإصلاح مكامن الخلل، ووقف المسلسل التدميري الذي يعصف بالبلد، على نحو كارثي غير مسبوق، لا يمكن التكهن معه بالتداعيات المنتظرة، إذا لم يصحح هذا المسار الانحداري البالغ الخطورة وعلى كل المستويات، محملاً النواب مسؤولية أساسية ومباشرة عن هذا الانحدار، بسبب عجزهم عن انتخاب رئيس، منذ ما يقارب سنة وثلاثة أشهر، بالرغم من الحراك العربي والدولي القائم، لإزالة العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات الرئاسية، تفادياً للشغور القاتل.
وأكد النائب خلف لـ"السياسة"، أن الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية، وأن هذا الأمر مرتبط ب128 نائباً دون سواهم، إلا أنهم أعجز عن مواجهة أنفسهم وتحمل مسؤولية إنقاذ الوطن والناس، مشدداً على أن الدولة ليست متفلتة، وانما هناك اسس و مبادئ تحكمها وتديرها، أولها مبدأ استمرارية السلطة، باعتباره مبدأ دستورياً جوهرياً وأساسياً. ويقول خلف، "نحن اليوم خرجنا من هذا المبدأ، وأقررنا لأنفسنا مبدأ تعطيلي، تدميري للموسسات والسلطة، وصلنا به إلى حد تدمير الدولة ذاتها.
واشار إلى أن هذا التدمير وصل إلى حد لا يمكن الإبقاء عليه، لأننا دمرنا مبدأين آخرين، هما سيادة القانون والعيش معاً. وهذان العمودان مكرسان في مقدمة الدستور التي تسمو بهما لرفع الوطن على الأسس التي تجنب الخروج عن الدولة وعن السلطة. ويضيف، "هناك دراسات حقوقية وقانونية لمراجع على هذا الصعيد، تشير إلى أن ما يحصل هو بمثابة انقلاب، وما أشير إليه ناتج عن التفلت من كل القيود الدستورية. فالسياسة لا يمكن أن تكون متفلتة من القيود، أكانت قيوداً دستورية أو حقوقية أو قانونية أو أخلاقية. وما نشهده اليوم، فهو تفلت كلي من هذه الأمور".
كما أشار إلى مجموعة النتائج لهذا التفلت، وأبرزها، غياب رأس الدولة، في ظل حكومة مستقيلة وعاجزة بكلام وتصريحات رئيسها، عدا عن أنها متباينة المواقف، وليست متضامنة في ما بين وزرائها. وكل هذه الأمور تؤدي إلى فراغ في سدة الرئاسة، وفراغ في السلطة التنفيذية، إضافة إلى شلل كلي في السلطة التشريعية. وإطباق كل ذلك على الإدارة التي تعاني من تعطيل بالغ الخطورة، من خلال الشغور الكبير في ما يقارب 71 منصباً في الإدارة، إضافة إلى ما أصاب المحاكم العدلية من شلل كبير. كما أن القضاء معطل ومدمر.
وشدد على أن هناك خطراً على الجمهورية، لأن هناك مسؤولية شخصية وفردية على جميع النواب، في انتخاب الرئيس انطلاقا من واجبه الدستوري والأخلاقي، إلا انهم وللأسف مختزلون برؤساء الكتل، والقوى السياسية، فعطلوا إرادتهم ودورهم وواجبهم، لمصلحة هؤلاء، والذين هم مرتهنون للخارج، وهذا الارتهان وضع البلد في محطة انتظار لإرادة خارجية تقررعنهم مصير الوطن". وقال، "لدينا دستور دفعنا ثمنه 150 ألف قتيل، وأكثر من مليون مهجر. وهذا يجب أن يدفعنا للدخول إلى الدولة التي يجب أن نستردها". الدولة القادرة والحاضنة والعادلة التي لا تقصي أحداً من مواطنيها ويحلم بها الجميع.
وأكد خلف أن كل ما يقوم به مجلس النواب غير شرعي وغير دستوري، طالما أنه لم ينتخب رئيساً للجمهورية. فالمادة 75 من الدستور واضحة، والتي تقول إن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية، يعتبر هيئة انتخابية، لا هيئة اشتراعية. ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة، دون مناقشة أي أمر آخر، مشدداً على أنه عندما تسقط الديمقراطية فإن هناك خطراً على الحريات، والحقوق والمفاهيم القانونية والعدالة. وقال، "تحت ستار الديمقراطية المهشمة المدمرة، نقيم دكتاتوريات طائفية، مذهبية، إقصائية وتدميرية لهذا الوطن".