

منقذ السريع: مؤلم جداً تحويل ستديو الدسمة إلى "مطعم فلافل"
كان من الأولى اعتباره "شاهد ملك" على بدايات وتطور الحركة الفنية
فالح العنزي
من لا يغوص في عقل وذاكرة الفنان والمخرج منقذ السريع، ربما لن يعرفه قط، عقلية فذة في التعاطي مع المجريات الحالية ورجل يدرك تماما إلى أين وصلت الحال في الحركة الفنية التلفزيونية والمسرحية، السريع الذي أعلن ابتعاده عن التمثيل في العام 1993 متفرغا للإخراج والإنتاج طرح الكثير من علامات الاستفهام عبر أسئلة مشروعة تبحث عن اجابات. يتذكر السريع مسيرته التي بدأت نهاية الستينيات ويقول: في عام 1969 شاركت في أول أعمالي التلفزيونية بعنوان "ابن الصياد" كنت حينها في العاشرة من عمري، وشاءت الصدفة أن يستعين بي المخرج في الدور الرئيسي "ابن الصياد" وكان والدي في المسلسل الفنان محمد المنيع، أطال الله في عمره، الى جانب مجموعة من الفنانين كانوا في بدايتهم النجومية أمثال أحمد الصالح وحياة الفهد ومريم الصالح، لك أن تتخيل دور بطولة من أول مرة، بعدها تم ترشيحي للمشاركة في مسلسل "الابريق المكسور"، وهو العمل الذي يمكن وصفه بانطلاقتي الحقيقية في التمثيل، حيث أسندت لي مهمة تجسيد شخصية الشاب الكفيف "حمد"، المسلسل كان من إنتاج تلفزيون الكويت بالتعاون مع مؤسسة "الجزيرة"، التي كان يمتلكها والدي المخرج والكاتب عبدالعزيز السريع وشريكه المسرحي الراحل صقر الرشود، أتذكر ربما كان لدي حصيلة من المتابعات التلفزيونية ساعدتني في الأداء الى جانب توجيهات الفنانين الكبار والحمد لله وفقت في الظهور بشكل جيد ومقنع للمخرج عبدالرحمن الشايجي، علما بأنه على الرغم من كوني ابن منتج العمل، فلم تكن لدي حظوة وتميز بل كان أجري عن الحلقة الواحدة عشرة دنانير فقط.
وأضاف السريع: من المفارقات المؤلمة أن مسلسل "الابريق المكسور"، تم تصويره في ستديو الدسمة، الذي شهد كذلك تصوير مسلسل "درب الزلق" وبدلا من اعتبار الستديو معلما مهما و"شاهد ملك" على حقبة زمنية ووثائقية للحركة الفنية في الكويت، فقد تم هدمه ليتحول إلى مطعم سندويشات وفلافل، شيء محزن فعلا.
وكشف السريع، بأنه تشرف بأن تكون بدايته وسط كبار الفنانين الذين كان يراهم وجها لوجه عندما يصطحبه والده الى المسرح، فيرى حياة الفهد ومحمد المنصور ومريم الصالح كونهم أعضاء فرقة "مسرح الخليج".
وتابع: حظيت بفرص مهمة في العمل الى جانب جيل من الممثلين المبدعين باتوا اليوم روادا للحركة الفنية في الكويت بدء من محمد النشمي وحسين صالح الحداد مرورا وانتهاء بالأحياء منهم حاليا "الله يطول بأعمار الأحياء ويتغمد أرواح من توفي منهم"، جميع من عملت معهم كان قاسمهم المشترك هو الشغف، لان في تلك الحقبة الزمنية كان المردود المادي "ولا شي"، ناهيك عن بعضهم كان ميسور الحال، وما يتقاضاه من أجر زهيد لا يتساوى مع المجهود، الذي يبذل على مدار شهور.
وأوضح منقذ، أن من أسباب ابتعاده عن التمثيل هو شعوره بالملل وغياب الرغبة في الاستمرارية كممثل، لذا توجه نحو الإخراج والإنتاج مواصلا مسيرة والده الكاتب عبدالعزيز السريع، في عمله الاداري لفرقة "مسرح الخليج".
وبسؤاله عن أسباب اعتراض بعض الفنانين من الجيل الحالي وأنه لا يجوز مقارنة ما يقدمونه مع ما كان يقدم سابقا وانهم يمثلون مرحلة تشبههم، أكد الفنان السريع، في مقابلة مع برنامج "ع السيف" عبر قناة "ATV": من تجربة شخصية تعاملت مع الكثير من الممثلين من الجيل الحالي وتربطني ببعضهم صداقات جيدة هم يختلفون كثيرا عما كنا نفعله، لقد تعلمت كممثل في المسرح أن أحفظ كافة الشخصيات الموجودة في النص المسرحي تحسبا لأي طارئ قد يتعرض له زميل، وأتذكر كيف كان يقف الفنان علي المفيدي، بصوته المجهد يعلم الفنانين أصول وكيفية الإلقاء السليم، خصوصا في النصوص باللغة العربية الفصحى، وكذلك كيف كان الراحل عبدالرحمن الضويحي، يعلمنا كيف يجب أن تنطق الكلمة باللهجة الكويتية الصحيحة، لذا فعلا كل شيء كان مختلفا.
ولم يخف السريع، أمنياته بضرورة عودة النشاط المدرسي، الذي كان يكتشف المواهب الواعدة في مختلف المجالات، وان هؤلاء الموهوبين أو المخرجات السليمة والمثقفة هم من يتحملون مسؤولية اختيار من يمثلهم تحت قبة عبدالله السالم، مشددا على أن نتائج الاختيار الخطأ هي من تأت بأعضاء مجلس أمة ليسوا على مستوى الطموح.
واستذكر السريع، تعاوناته مع الراحل محمد الرشود، خلفا لرحيل المسرحي صقر الرشود، وقال: أول تعاون جمعني معه كممثل في مسرحية "يا معيريس" ثم أخرجت له مسرحيات "صباح الخير ياكويت" و"لن أعيش في جلباب زوجتي" و"بو متيح"، مؤكدا أن "بو صقر" كان يتميز بخبرة فائقة في استشراف المستقبل وغالبا ما يصدق حدسه وتوفعاته، وقال السريع: لقد كان لكل من صقر ومحمد الرشود، تأثيرهما في المسرح الكويتي وأحدثا نقلات نوعية منذ نشأته في الستينيات.
وتساءل السريع: في السابق قدمنا عشرات الأعمال التي كانت تتمتع بسقف من الجرأة يحكمها رقابة ذاتية والتزام من قبل القائمين على تلك الأعمال، أما حاليا وللأسف فإن هذه الاعمال لا يمكن عرضها في التلفزيون خوفا من مساءلة الوزير إلى درجة أن المجلس الوطن للثقافة والفنون والآداب، يصدر مجموعة من النصوص المسرحية العالمية مصيرها فقط للقراءة ولا يمكن تحويلها الى أعمال متلفزة أو عروض مسرحية، ملمحا الى ضرورة حسن اختيار من "يمثل الشعب".

