الخميس 08 مايو 2025
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

من مدينة الياسمين... إلى قوافل الأجر مقابل الدم

Time
الأحد 09 أغسطس 2020
View
5
السياسة
عدنان قاقون

باختصار، المعلومات التي تتحدث عن نقل مئات، وربما الاف الشبان السوريين للقتال في ليبيا الى جانب قوات الجيش التركي، هي اهانة للتاريخ،ووصمة عار على جبين الحضارات التي عبرت في مدينة ما قبل التاريخ.
دمشق، عاصمة التاريخ، بوابة التاريخ،الارض التي احتضنت اربعين حضارة، وخرجت منها اولى حروف الابجدية،المدينة القابعة على حجر الكون تحولت خزان معدات بشرية تصدر شبانها الى الخارج بحثا عن الاجر مقابل القتل، بحثا عن صيد بشري في ليبيا يؤمن لمن تربى في مدينة الحالمين قوت اسرته. شبان، تركوا مدينة الياسمين والتحقوا بقافلة الدم...كيف، ولماذا؟ شبان هجروا الارض التي قالت للمعمورة هنا شيد اول منزل،ومدينة،ومن هنا خرج اول محراث، تركوا كل ذلك والتحقوا بقافلة"الاجر مقابل القتل"!
هذا الوطن الذي نطقت من بين وديانه وسهوله وجباله وانهاره اولى حروف الابجدية، ووزع المعرفة كرغيف خبز على الجوعى،تشرد ابناءه،ويحرم ما يزيد على ستة ملايين طفل من احقية التعليم، فيما تحولت مئات المدارس ثكنات ترفع كل الاعلام الا العلم السوري.
لاجل التاريخ، صاعقة شحن مرتزقة من سورية الى ليبيا ومن يدري اين تكون ساحة الدم الاخرى؟ ما كان يجب ان يمر مرور الكرام.
في الاسقاطات السياسية، فان تبني كل قطاع، عرقي او طائفي، نظاما مستقلا للتعليم على انقاض التاريخ السوري انما يفقد الهوية الجامعة، ويعمق الانشقاق المجتمعي،وسيدرك المطبلون من قصار النظر السياسي، عاجلا ام اجلا، ان كما وزعت دمشق المعرفة على العالم في اوج حضاراتها، فان لعنات انهيار هياكل التاريخ ستطال العالم اجمع، مداد الابتلاع يتسع، ونقطة الحبر الاستيطانية الاسرائيلية، مثلا، تمددت فوق الخريطة العربية وها هي تغمر دولة فلسطين بالكامل.
ثم، وثم في السياسة ايضا، هل من مجنون؟ نعم مجنون يشرح لعقلاء السياسة ماذا يعني ابرام شركة "دلتا" الاميركية النفطية العملاقة عقدا مع قوات سورية الديمقراطية "الاكراد" لاستثمار النفط والغاز في شمال شرق البلاد؟ ومن بؤس الشعب السوري ان الاتفاق الذي يقضي بتطوير الحقول النفطية الواقعة تحت سيطرة الادارة الذاتية الكردية يأتي في وقت تحرم فيه من خلال "قانون قيصر" كل شركات الكون من محاولة الاقتراب من ورشة اعادة اعمار سورية، قبل التوصل الى تفاهم سياسي يضع حدا للحرب التي تقترب من ختم عقدها الاول.
نعم،العالم بحاجة الى ذراع عقوبات دولية تردع امبراطوريات الظلم، وتضع لاطماعها ووحشيتها حدودا، فالشعوب الحية تستحق حياة كريمة، لكن التاريخ ان حكى سيفرج عن روايات وروايات من الاتفاقات التي تبرم تحت طاولة المصالح على حساب مستقبل الشعوب.
من افغانستان الى الجزائر، فالعراق ولبنان وغيرها من الدول، لا تندلع حرب في عالمنا العربي والاسلامي الا وقدر الاجيال والاجيال ان تُكوى بلهيبها؟
لماذا ؟ مجرد سؤال، بل كابوس يخيم على تفكيرنا!
محلل سياسي

@adnankakoun
آخر الأخبار