السبت 21 يونيو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مها العتيبي: الشاعر يعمق الإنسانية ويفتح نوافذ للحب والسلام

Time
الأحد 30 سبتمبر 2018
View
5
السياسة
الشعر لا يفسر ولا يكتب لسبب مباشر أثر على الشاعر هو نتيجة تراكمات
تسارع الحياة ووسائل التواصل الاجتماعي ساهم في إبعاد الشباب عن ميدان الشعر
اللغة المحكية في الأعمال الأدبية تضر بالعمل وتقلل من قيمته الإبداعية


القاهرة - أحمد بدر نصار:
تؤكد الشاعرة السعودية الدكتورة مها العتيبي أن الشعر في العالم العربي مازال نخبويا، وأن هناك مجاملة واضحة من قبل النقاد في عالمنا العربي للأجناس الأدبية الأخرى على حساب الشعر، لافتة إلى أن الشاعر قادر أن يوسع مساحة الحب ويعمق الانسانية ويخلق نوافذ جديدة للمودة ومهما كان سواد الحرب والدمار فالشعر إضاءات نورانية مازالت تؤكد على انسانية الانسان وروحة المحلقة التي تجنح لحب الحياة والسلم، مشيرة إلى أن دور النشر مازالت مؤمنة بالشعر وتقدره وتهتم بنشره، وترفض العتيبي استخدام اللغة المحكية في الأعمال الأدبية على حساب الفصحى كونه ذلك يبعد الناشئة عن تذوق اللغة العربية وجمالها وتقلل من قيمة العمل الأدبي. وللمزيد كان معها هذا الحوار:
من انت؟
شاعرة تدهشها القصيدة ويحلق بها الشعر في رحابه الأجمل وكما قلت ذات شعر: وما أزال أنا، على نهر الوفاء مني، يشتاقني فرح يأتي وأتبعه.
"وصف المطر" أول قصيدة وأنت طالبة هل كانت البداية التي أعلنت الموهبة عن نفسها لديك؟
هي بداية الشعور بأن هناك حالة ابداعية تتشكل وان قلت أدواتها رسمت حينها دهشة لفتاة صغيرة حين أمسكت بجذوة النور التي ستدلها لاحقا إلى مملكة القصيدة.
كنت طالبة حين نشرت قصائدك في "عكاظ" من دون تعديل،هل منحك ذلك الثقة؟
في مرحلة الجامعة بدأت تتشكل لدي نواة الشعر وأن ما اكتبه لم يكن هاجسا عابرا، فكتبت عدة قصائد في تلك الفترة ثم نشرت عددا منها في ملحق "عكاظ " الثقافي وكان الملحق غنيا جدا بملامح ثقافية وشعرية متعددة الاتجاهات،وكان أن نشرت القصائد من دون تعديل، ففي ذلك الوقت أن تقبل القصيدة وتنشر فذلك فرح وثقة بالتأكيد أنني أخطو الى طريق الشعر وأن ما كتبته قد يجد فيه القارئ ما يستحق القراءة.
أول ديوان "نقوش على مرايا الذاكرة" حدثينا.
ديوان يحمل القصائد الأولى من النضج الشعري، جمعت في جزء كبير منه القصائد التي كتبت بين 2006 و 2008 وهي الفترة التي بدأت فيها امارس كتابة الشعر، واقتنعت أن ما كتبته من قصائد يمكن أن يجمع في ديوان وكان ذلك، هذا الديوان كان بطاقة التعريف في الوسط الشعري والمشهد الأدبي اعتمدت فيه على اللغة الشفافة والايقاع الذي كان خطوة أولى على مسار الشعر والشجن.
وكانت أجمل البدايات وأغلى القصائد والتي عبرت بي خلال سماوات من الدهشة أن تجسد الحلم واقعا وأن هناك ديوانا أول وقصيدة متعطشة أن تكون يوما ما تريد.
ما الذي؟
الشعر لا يفسر ولا يكتب لسبب مباشر أثر على الشاعر انما هو نتيجة تراكمات حسية ومشاعر تشكلت في هيئة قصائد، هكذا كانت المواقف والكلمات والمشاعر هي جذوة القصيدة والصورة مدادها.
يقال اننا في زمن الرواية ألا يستفزك ذلك كشاعرة؟
المجال يتسع للشعر وللرواية والمنتج الابداعي سيجد من المتلقي الصدى المناسب، هذه هي الإجابة والتي توجه لمن يردد هذه المقولة لأن المحك هو المتلقي وثقافته وتفاعله، أما قناعتي كشاعرة فالشعر كان ولا يزال ملك الفنون وأسر جمالها والنابض بها ايقاعا تنجلي من خلالها عتمة الأوقات، والمحرض للفن، والباعث للمشاعر.
ولذلك أقول:
لاشيء كالشعر يغويني فأتبعه
زار الصباح، وقلبي لا يودعه
هل تسعين لكتابة الرواية؟
وجدت نفسي في الشعر وما زلت مقتنعة بأن ما أجد نفسي فيه هو الذي سيكون أكثر صدقاً وإبداعًا،وليس شرطاً أن يكتب الشاعر الرواية، الرواية كمنتج ابداعي لها شروطها وحبكتها وتقنيتها الكتابية ولها هواتها وروادها وكذلك الشعر.كما أن الشعر يخلص لمن يخلص له.
قصيدة سيرة للحب والنوى ضمن "ديوان مقام" أيهما يدفع الآخر الحب أم الشعر؟
الحب والنوى يدفعان للشعر، و المعاناة بأشكالها تصهر المشاعر وتفتق الشعر متى ما شذبت في سياق من المعرفة والموهبة والارادة التي تحدو نحو منابع الجمال ورقة الاحساس والخيال الذي يحلق في سماء الابداع ويرسم ملامح القصيدة.
قصيدة "سيرة للحب والنوى" طويلة وصل عدد أبياتها 75 بيتا، توزعت بين الحب والنوى، وحديث عن الشعر أشبه ما تكون بسيرة شعرية، ومنها :
اكتب بقلبك ذا مدادك في يدِي
واكشف شجَى صوتِي ودمعَ شكاتِي
علَّ احتياجِي للأمانِ يضمُّهُ
لهفي عليكَ ودمعتِي وصلاتِي
علَّ احتياجِي للصباحِ تبعثرت
في القربِ منكَ صبابتِي وفراتِي
فأنا أهيمُ وفي رحيقك جنَّتِي
والبعدُ يشغلنِي بصوتِ جُفاةِ
حديثنا عن ديوان "لوعة الطين" وسبب اختيار الاسم؟
هـــــو الديـــــوان الثالــــث، تضمن عددا كبيرا من القصائد الجميلة والمهمة في مسيرتي الشعرية والقريبة كثيرا إلى نفسي مثل: حرمان واسّاقطـــــت ولهاً عشتار ومواسم الضوء ولوعة الطين.
هذا الديوان يمثل لي نقلة شعرية نحو النضج وابتكار الصور وفي تراكيب اللغة ومجازها.
سبب التسمية كانت عنوان إحدى القصائد "لوعة الطين ":
يا لوعة الطين في أسراب قافيتي
ودمعة الحزن في صمتي وأغنيتي
تناثر العشق والأشواق تعصف بي
وأنت كالحرف مرهون على شفتي
في سَورة الروح في وجد أكابده
في سطوة الحبّ في أشلاء عاطفتي
ضاع الكلام وهل في الحب مفردة
تعلل القلب إن خانته أمنيتي
وفي المساء قناديل الهوى كسرت
وغادر الشوق مكلوماً بأسئلتي
اما كبرتَ؟ أطفلاً لا تزال؟ أما
عانقت منيَّ بعد الذنب مغفرتي
لك رأي ضد الروايات التي تعتمد على اللغة المحكية وأنها تسيء للأدب العربي؟ لماذا؟
الكتابة باللغة المحكية تكرس لهذه اللغة على حساب الفصحى وتبعد ذائقة الناشئة عن اللغة الأم وتقلل من قيمة العمل الابداعي.
هل الشعر قادر على التصدي للحروب؟
الشاعر قادر أن يوسع مساحة الحب أن يعمق الانسانية ويخلق نوافذ جديدة للمودة ومهما كان سواد الحرب والدمار فالشعر إضاءات نورانية لازالت تؤكد على انسانية الانسان وروحة المحلقة التي تجنح لحب الحياة والسلم.
لماذا لم يعد الشباب العربي متحمسا للشعر؟
قد يكون ضعف التلقي والاعداد الشباب في اللغة العربية سببا لذلك وأيضا تسارع الحياة ووسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي اسهمت بشكل كبير، لكن السبب الاكبر عدم وجود ممارسة متصلة مع الشعر قراءة وسماعا وكتابة لا توجد منصات شعرية جاذبة تتيح اعادة هذه العلاقة بين الشعر والشباب.
الى اي مدرسة تنتمين؟
لا انتمي للمدارس المقننة لكن أحدو بخطى ثابتة في مملكة القصيدة، لا ازال متمسكة بالوزن والايقاع ولكني أجدد في اللغة والصور أقرأ لدرويش وتعجبني لغته ورموزه وأناه المتحدرة جمالا منسابا بايقاع يميزه، وأقرأ للسياب وتبهرني رومنسيته وعاطفته ولغته الممتلئة شجنا المتلهفة الصادقة والبعيدة، وأقرأ الجواهري بلغته الرصينة وكبرياء الشعر المتدفق و اتشكل شعريا بين ذلك في مزج لكل ما يستهويني بالقراءة قديما أو حديثا.
ما رأيك في الرواية السعودية؟ وهل الانفتاح الذي تعيشه المملكة اليوم له تأثير على حرية الكتابة عند الكاتبات في المملكة؟
المملكة تكفل الحرية للكتابة والإبداع للمبدعين من الرجال والنساء هناك نهضة أدبية كبيرة ومبدعين كثر أتابع بشغف ما يكتب في مجال الشعر قدر المستطاع، ولكن متابعتي للرواية قليلة مقارنة بذلك فليس لدي رأي دقيق حولها.
يقول جان كوكتو: الشاعر لا يطلب الإعجاب أبدا، بل يود أي يصدقه الآخرون ماتعليقك؟
الشاعر ان صدق بكى وأبكى وأدهش وحلق بعيدا بالقارئ والمتلقي الى حيث الإنسان في أوج انسانيته ونبل طينته وصفاء روحه، ويأت الإعجاب متكاملا مع الموهبة والصدق والبراعة في الشعر.
أما البحث عن إعجاب يحول الشاعر أن يكون أسطورة أو أن يرى نفسه كذلك فهذا ليس واقعاً
يقول محمود درويش:
هكذا أتحايل،نرسيس ليس جميلا
كما ظن، لكن صناعه ورطوه بمرآته. فأطال تأمله
في الهواء المقطر بالماء.
لو كان في وسعه أن يرى غيره
لأحب فتاة تحملق فيه، وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان،
ولو كان أذكى قليلالحطم مرآته، ورأى كم هم الآخرون
ولو كان حرا لما صار أسطورة.
أعتقد أن الشاعر يكون أذكى قليلاً من أن يطلب الإعجاب وأن يعمل على أدواته، ويقرر ماذا سيكون يوما.
هل يجامل النقاد الأجناس الأدبية الأخرى على حساب الشعر؟
كثيرا، هناك حركة نقدية متقدمة للأجناس الأدبية المختلفة مقارنة بالحركة النقدية الشعرية.
في المشهد المحلي والعربي، تبدو لي الأسباب كثيرة منها:
أن النقاد يحاولون أن ينسجموا مع المشهد العام الذي صنعه أسلافهم بأن الزمن
لم يعد زمن الشعر فيكرسون أعمالهم لتقد الرواية، أو ما كتب في مجال السيرة الذاتية، وقليلا للقصص ثم الشعر، كما أن هناك قلة من النقاد هم من برعوا في نقد الشعر على مستوى العالم العربي، لذلك يبدو لي ان بعض النقاد يخشى عند نقد الشعر أن يتضح نقص ادواتهم النقدية وقلة ثقافتهم البلاغية والمعرفية فيتجاوزونه لغيره.
من أول من بهرك بقصائده وشعره؟
لا أعلم، هرولت نحو القصيدة منذ أن عرفت القراءة ونبهني الايقاع إلى ان هناك شيئا مختلفا يختبئ خلف الكلمات، ثم بدأت استجلي ملامحها بدءا من المتنبي إلى القصائد المغناة إلى مراحل مــــن القصائد العالقة والكتب الأدبية لكبار الشعراء على مر العصور.
آخر الأخبار