إعداد – إسلام مصطفى: يحفل التاريخ العربي بالنوادر، التي قلما يوجد مثلها في أمم أخرى، نظرا لما يتمتع به العرب من خفة ظل، حتى أنهم سخروا الشعر في كثير من هذه المواقف فتحولت بها إلى نادرة، "السياسة" طافت عبر تاريخ العرب قديمه وحديثه وقطفت بعض هذه النوادر لتقدمها للقارئ حتى ترسم على ملامحه البسمات.حفلت موسوعة طرائف العرب بكثير من الحكايات والقصص عن مواقف عاشها العرب خلال شهر رمضان، فسقف البيت عندهم صام في رمضان، بل إن صيام الحمقى لديهم أسهل كما جاء في قصصهم.من الغريب أن ترى شخصًا مسلمًا بالغًا يأكل في نهار رمضان، إلا أن أعرابي ألبس هذا الفعل ثوب الفكاهة، عندما رآه أحد الأشخاص يأكل فاكهة في نهار رمضان دون أن يختبئ عن أعين الناس، وبوجه تملؤه ملامح الاستغراب، سأل الشخص الأعرابي مستنكرًا: ما هذا؟ دون تفكير وبصوت تفوح منه الثقة أجاب الأعرابي: قرأت في كتاب الله قوله تعالى "وكلوا من ثمره إذا أثمر"، واستطرد حديثه بكل بثقة تفوق ثقته في بداية حديثه، خفت أن أموت قبل موعد الإفطار فأكون مت عاصيًا.أيضا أكدت هذه النوادر أن سقف البيت يصوم، ففي أحد قرى العرب كان يسكن أحد الفقراء في بيت مستأجر أهلكه الزمن، واعتاد الفقير أن يسمع قرقعة دائمة لسقفه ناتجة عن أي حركة به، وفي احدى المرات أطل صاحب البيت على الفقير، فقال له الأخير " أصلح الله حالك، يكاد السقف أن ينهار علي، فأجابه صاحب المنزل " لا تخف إن السقف صائم يُسبح ربه وهو ساجد "، بسخرية ممزوجة بالفكاهة رد عليه الساكن الفقير "أخشى بعد الإفطار أن يطيل السجود وهو يصلي القيام فلا يقوم ولا أقوم".ولأشعب الطماع كما كان معروفا عنه، طرفة في رمضان مع أحد الولاة، الذي طلب الإفطار في أحد أيام الشهر الكريم وجاءت المائدة محملة بجدي، فبنظرة يشع منها الشره أمعن أشعب في الجدي، أغضب ذلك الفعل الوالي وفورًا فكر في حيلة لإبعاده طيلة شهر رمضان حتى لا يأتي إليه في رمضان ويتجنب طمعه، فتوجه إليه الوالي وقال له بحيلة " اسمع يا أشعب إن أهل السجن سألوني أن أرسل إليهم من يصلي بهم في شهر رمضان، فامضي إليهم وصل بهم، واغنم الثواب في هذا الشهر"، فأجابه أشعب سريعًا بعد أن استشف أغراض الوالي قائلًا" أيها الوالي لو أعفيتني من هذا نظير أن أحلف لك بالطلاق والعتاق إني لا أكل لحم الجدي ما عشت أبدًا"، فقهقة الوالي قهقهًا تكاد تهتز لها جنابات قصره.طرائف الحمقى في رمضان لا حصر لها، وتجعل العيون تدمع من شدة الضحك، ومن أشهر الحكايات التي تحكى في هذا الشأن أن أحد الحمقى دخل على أحد الخلفاء في إحدى ليالي رمضان عندما كان يأكل، وبكل كرم دعاه الخليفة ليأكل، وبجدية تامة قال الأحمق" إني صائم يا أمير المؤمنين"، اندهش الخليفة من رده وسأله" هل تصلِ النهار بالليل ؟" فأجاب " لا، ولكني وجدت صيام الليل أسهل وحلاوة الطعام في النهار أفضل من حلاوته في الليل".لم يكن صيام الليل في رمضان فقط ما يقوم به الحمقى في الشهر الكريم، بل كان صومهم جماعيا في بعض أيام شهر الصوم، ففي مرة سئل بعض الحمقى" كيف صُمتم في رمضان ؟ " وفي صوت واحد وحماس كبير أجابوا" اجتمعنا ثلاثين رجلًا فصمناه يومًا واحد".وفي يوم من الأيام ضاع حمار لأعرابي، فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إذا وجد حماره، مرت أيام وأهدى القدر الرجل خبرًا أثلج صدره، فأخيرًا عاد له حماره، وصدق الأعرابي نذره وصام ثلاثة أيام، إلا أن القدر كان له كلمة أخرى في قصة الحمار، حيث مات الحمار بعد أن أكمل الرجل صومه، فعلى الفور اتخذ قرارًا بأن يخصم من صوم الفريضة، وقال" لأخصمنها من شهر رمضان".أيضا يحكى أن امرأة جاءت إلى جحا لتشترى منه تمرًا قبيل شهر رمضان وطلبت منه أن يبيعها بالأجل، وافق وأعطاها بضع حبات لتذوقها فاعتذرت وقالت" أنى صائمة قضاء رمضان الماضي"، فخطف جحا منها التمر وقال "تماطلين ربك عامًا كاملًا وتطلبين منى الشراء بالأجل".