الأحد 18 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

نوادر الطعام

Time
الاثنين 06 مايو 2019
View
30
السياسة
إعداد – إسلام مصطفى:

يحفل التاريخ العربي بالنوادر، التي قلما يوجد مثلها في أمم أخرى، نظرا لما يتمتع به العرب من خفة ظل، حتى أنهم سخروا الشعر في كثير من هذه المواقف فتحولت بها إلى نادرة، "السياسة" طافت
عبر تاريخ العرب قديمه وحديثه وقطفت بعض هذه النوادر لتقدمها للقارئ حتى ترسم على ملامحه البسمات.

يحفل التاريخ العربي بالنوادر، التي قلما يوجد مثلها في أمم أخرى، نظرا لما يتمتع به العرب من خفة ظل، حتى أنهم سخروا الشعر في كثير من هذه المواقف فتحولت بها إلى نادرة، " السياسة " طافت عبر تاريخ العرب قديمه وحديثه وقطفت بعض هذه النوادر لتقدمها للقارئ حتى ترسم على ملامحه البسمات.
إعداد – إسلام مصطفى
عشق العرب الأكل والطعام بكل أنواعه، ورغم أن هناك من ربط بين الزهد وعدم تناول بعض أنواع الطعام، إلا أنه عوتب على ذلك، وقيل له بأن الله لا يكره أن تأكل الحلال وتتقي الحرام، وتبر والديك وتصل رحمك، ولذلك أحب الأعراب الطعام، وكان لهم نوادر وطرائف كثيرة فيه وفي آدابه، وبعض الأخبار التي جاءت عنه أيضًا.
ذات مرة، نزل أعرابي بصومعة راهب، وقدم إليه الراهب أربعة أرغفة، وتركه ليحضر العدس، ولما جاء به وجده أكل الخبز، فذهب، وأتى بخبز فوجده أكل العدس، وفعل ذلك معه عشر مرات، فاستعجب الراهب منه ومنه شراهته، وسأله: أين مقصدك؟، قال: إلى الأردن.
فقال له: لماذا؟ قال: عرفت أن هناك طبيبًا ماهرًا، قررت أذهب له أسأله عما يصلح لمعدتي، فإني قليل الشهوة للطعام، فقال له الراهب: إن لي عندك حاجة، قال: وما هي؟ فقال: إذا ذهبت وأصلحت معدتك، فلا تجعل رجوعك عليّ.
ومما يروى أيضا أنه كان لأبي الحرث طرفة مع الرشيد، الذي أراد أن يعرف أيهما أطيب طعام الفالوذج أم اللوزينج، فقال أبو الحرث للرشيد: يا أمير المؤمنين، لا أحكم على غائب، فتبسم الخليفة وأمر بإحضارهما إليه، فبدأ يأكل من هذا لقمة ومن هذا لقمة، ثم نظر إلى الرشيد وأطال النظرة، وقال له: يا أمير المؤمنين كلما أردت أن أحكم لأحدهما أتى الآخر بحجته، فضحك الخليفة لقوله.
ويبدو أن ابا الحارث لم يعط الخليفة جوابًا شافيًا في أمر الطعامين، فاختلف الرشيد وأم جعفر فيهما أيضًا على أيهما أطعم، فحضر يوسف القاضي إليه، فسأله الرشيد عن ذلك، فقال له هو الآخر: يا أمير المؤمنين لا يقضى على غائب، ففطن إلى ما يريد، وأحضرهما إليه، فانهمك في أكلهما حتى اكتفى، وقال الرشيد له: احكم، فقال: قد اصطلح الخصمان يا أمير المؤمنين، فضحك الرشيد من طرفته وأمر له بألف دينار، ووصل الأمر إلى زبيدة زوجة الرشيد، فأمرت له هي الأخرى بألف دينار إلا دينارًا.
ويحكي عن أبي الحارث أيضا أن حبيبته دعته ذات يوم، وظلا يتحادثا ساعة كاملة، فلما جاع وطلب الأكل، نظرت إليه وقالت له بغنج: أما في وجهي ما يشغلك عن الأكل؟ فقال أبو الحارث: أكون فداء لك، لو أن جميلًا وبثينة، قعدا ساعة لا يأكلان لبصق كل منهما في وجه صاحبه وافترقا.
ويحكي ان أعرابي حضر إلى مائدة بعض الخلفاء، فوجد عليها جديا مشويا، طيب الرائحة وشكله شهي، فجعل الأعرابي يسرع في أكله منه، من دون أن ينتبه إلى من حضر المأدبة، فقال له الخليفة: أراك تأكله بانتقام، وكأن أمه نطحتك، فنظر إليه، وقال له من دون خجل: وأراك تشفق عليه وكان أمه أرضعتك.
واشتهر عن سليمان بن عبد الملك نهمه الشديد للأكل، وحكى الأصمعي عنه، أنه إذا رأى الأسياخ التي توضع فيها الدجاج السمين المشوي، لا يصبر أبدًا حتى تبرد وكان يتناول بكمه ليحميه من سخونة الدجاج، ويأكل واحدة واحدة حتى يقضي عليها تمامًا.
وكان الأصمعي يحكي ذلك للرشيد، فقال له: ويحك يا أصمعي من أين علمت أخبار الناس؟ فإني ذات يوم عُرض عليّ جلباب من جلابيب سليمان، ولما رأيت عليها آثار الدهن، ظننت أنه عطر ولم أعلم أنه دهن الطعام والدجاج، حتى حدثتني الآن.
وضحك الرشيد، وأكمل حديثه، وقال: حينها أمر لي بجلباب من جلابيبه، وكنت كلما لبستها أقول هذا جلباب سليمان بن عبد الملك.
آخر الأخبار