الاثنين 05 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

هالة فؤاد... وجدت في المرض رسالة إلهية فاعتزلت وارتدت الحجاب

Time
السبت 08 يونيو 2019
View
5
السياسة
أطلت سينمائيا وعمرها عامان والأخيرة قبل رحيلها بعامين

نالت جائزتين عن فيلم "عاصفة من الدموع" فور تخرجها فاستمرت في الفن

أحبت "النمر الأسود" وأسفر زواجهما عن ابنهما هيثم لكن الخلافات عجلت بالطلاق

أحمد زكي حاول الانتحار بعد زواجها من غيره وعند سماعه خبر وفاتها

تعرضت للموت مرتين نطقت فيهما الشهادتين ونجت بمعجزة ربانية


القاهرة - أمل زيادة:

بريق الشهرة والأضواء رئة يتنفس بها الفنانون، لذا يضحون بالكثير بل يقاتلون من أجل البقاء في هذه الدائرة، حيث المال وحب الجمهور وتهافت عليه القوم عليهم، وعندما يقرر البعض، خصوصا الفنانات الابتعاد والتضحية بكل هذا، سواء بسبب ارتداء الحجاب أو الاحتجاب طواعية أو رغما عنهن، فلا بد أن تكون هناك قصة تستحق أن تروى، لذلك تفتح "السياسة" ملف "فنانات بين الحجاب والاحتجاب"، عن بعض من ضحين بالأضواء والشهرة لأسباب عدة، حتى إن عادت بعضهن.

ملامحها الهادئة البريئة جعلتها تعاني مثل بطلات الروايات، أحبت من أول نظرة وعشقت وتزوجت، وكما تزوجت بسرعة انهارت قصة حبها بسرعة، كرست حياتها للفن، فقدمت العديد من الأدوار المتفاوتة في جمالها ورقيها، سقطت فريسة للمرض فأدركت أن الحياة قصيرة ولابد أن تستعد لليوم الذي تقابل فيه ربها، فقررت الاعتزال، تجددت هجمات المرض قاومت قدر استطاعتها حتى فاضت روحها لبارئها عن عمر يناهز 35 عاماً.
ولدت هالة فؤاد في 26 مارس عام 1958، ونشأت في بيت فني لكون والدها المخرج الكبير أحمد فؤاد، فقد شاركت في أعمال فنية دون أن تعي شيئا، فقبل أن تكمل العام الثاني من عمرها شاركت في فيلم "العاشقة" بطولة هدى سلطان، كما شاركت وعمرها 8 سنوات في فيلم "إجازة بالعافية" مع فؤاد المهندس ومحمد عوض، وظلت تشارك بجانب دراستها في بعض الأعمال، منها "رجال في المصيدة، الإنسان والآلة" إلى أن تخرجت في كلية التجارة سنة 1979.
ما لا يعرفه الكثير عن هالة إنها لم تكن تخطط لدخول الفن رغم أن والدها مخرج كبير وله ثقله، ورغم مشاركتها في بعض الأفلام دون رغبتها، فمثلا اضطر والدها لإشراكها في فيلم "البنت اللي قالت لا"، عندما اعتذرت احدى الفنانات، فوافقت انقاذا للموقف، ولم يكن ببالها أن تكمل فنيا بعد انتهاء دراستها، إلا أن اختيار المخرج الكبير عاطف سالم لها في فيلم "عاصفة من الدموع" العام 1979، وتشجيع والدها، كان نقطة فارقة في حياتها، نظرا لأن الدور الذي قدمته يعد بمثابة تذكرة ذهبية، لحصولها على جائزتين عنه، الأولى من جمعية الفيلم، والثانية من المجلس الأعلى للثقافة، فشعرت أن هذا اعتراف حقيقي بموهبتها، فتراجعت عن عدم الاستمرار في الفن، لتبدأ رحلتها التي بلغت 24 عملًا، وعُرفت بأدوارها المميزة لما تتمتع به من وجه بريء، ومن أهم أفلامها السينمائية، "عشماوي، الأوباش، السادة الرجال، حارة الطيبين، شقاوة في السبعين، حارة الجوهري، البنت اللي قالت لا، الحدق يفهم، مين يجنن مين، وسجن بلا قضبان"، وآخر أعمالها "اللعب مع الشياطين" عام 1991، ومن أعمالها التلفزيونية "رجال في المصيدة، رحلة في نفوس البشر، ثمن الخوف"، ومن مسرحياتها "أولاد الشوارع"، بجانب تألقها في "فوازير المناسبات" مع يحيى الفخراني وصابرين.

النظرة الأولى
أثناء تصوير مسلسل "الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين" مع الراحل أحمد زكي في بداية الثمانينات، وقعت في غرامه من أول نظرة وهو كذلك، فقام بزيارة والدها في المنزل بشكل مفاجئ وظل جالساً مع أبيها ومعها وأخيها هشام وتطرق الحديث لأمور شتى ثم باغتهم أحمد زكي وطلب يدها للزواج، وتمت الموافقة وبارك والدها هذا الارتباطـ وتم الزفاف في حفل بهيج حضره لفيف من أهل الفن والمجتمع، وكعادة البشر بدأت النزاعات والخلافات تدب بينهما بسبب غيرة أحمد زكي عليها، فهو يحبها حد الجنون، تجددت الخلافات مع كل عمل فني تقبله أو تقدمه، طلب منها أن تعتزل الفن لكنها رفضت فزادت النزاعات بينهما وانتهت بالطلاق، وكانت قد انجبت ابنهما الوحيد هيثم.
قبل الطلاق توسط بينهما الراحل صلاح جاهين، وجمع شمل العائلة الصغيرة في الإسكندرية، خصوصا أن جاهين كان مازال في مرحلة التعافي بعد إجراء جراحة خطيرة في الصدر، كادت تودي بحياته والسفر بمثابة خطر ومجهود كبير لمن في مثل حالته. لكل هذه الأسباب تدارك أحمد زكي الأمر وبسرعة ويقظة المحب تجاوز الخلافات وتنازل عن كبريائه وقام بتسوية الخلافات مع زوجته وحبيبته وأم ابنه الوحيد، أسدل الستار على الخلافات، لكن سرعان ما تجددت الخلافات بينهما من جديد لتنهي قصتهما بالانفصال التام وبلا رجعة، بسبب الغيرة الحمقاء والعناد والكبر من الطرفين.
بعد معاناتها في زواجها مع النجم أحمد زكي قررت التركيز على عملها فقط، لكن والدها أخبرها بأن هناك عريسا تقدم لها، فذهبت لصديق مشترك بينها وبين أحمد زكي وأخبرته بأمر هذا العريس المرتقب، فسألها الصديق: "هل ما زلت تحبين أحمد؟"، فاعترفت بأنها لم تحب غيره وإنما العناد والكبر سببا الخلافات بينهما، فتطوع الصديق وذهب لأحمد زكي وأخبره برغبتها في الرجوع إليه، لكنه لم يهتم ما جعلها توافق على العريس، ما شكل صدمة كبيرة لأحمد عندما شاهد صورتها وهي تزف لرجل الأعمال عز الدين بركات تتصدر عناوين الصحف والمجلات، وأشد ما أغضبه ظهور ابنه الطفل هيثم يجلس حاملا الشمعة أمامهما.
اعترف زكي في أكثر من برنامج بالندم لتفريطه فيها وتسرعه في تطليقها، وأكد أنه بتعنته وعصبيته خسرها للأبد، وأنه لم ولن يحب أحداً مثلها وأعرب عن غضبه من زواجها بعد الطلاق منه، كما أن أمر زواجها كان بمثابة صدمة، جعلته يقبل على الانتحار ليقينه أنه فقدها للأبد، مؤكدا أنه ظل متابعاً أخبارها حتى بعد زواجها ولكن سراً حتى لا يتسبب لها في أي مشاكل، فهي أيضا أم أبنه الوحيد وتجمعهما علاقة طيبة وذكريات حلوة يصعب نسيانها. فكيف ينسى انها رافقته ووالدها أثناء تلقيه العلاج في لندن باعتباره والد ابنها، بعد الطلاق بنحو العامين، وقبل زواجها الثاني بثلاث سنوات.

رحلة الآلام
جاء قرار الاعتزال عقب تجربتها مع الموت أثناء ولادة ابنها رامي نجل رجل الأعمال عز الدين بركات، فقد كانت ولادة متعثرة أعقبها نزيف حاد كاد أن يودي بحياتها لولا تدخل الأطباء والعناية الإلهية، عندما أفاقت وجدت والدتها وزوجها يبكيان، عندها أيقنت أن الحياة مهما طالت قصيرة، ولابد أن تتزود للآخرة وأن تستعد لمقابلة الخالق في أي لحظة.
ظلت تعاني تبعات هذه الأزمة الصحية حيث تعرضت لجلطات في قدمها اليمنى واستمر الألم في اليسرى وامتد لظهرها حتى وصل الأمر إلى انسداد شريان القلب، الذي كاد أن يقضي على حياتها لولا تدخل الأطباء وإذابة الجلطة، مؤكدين أن ما حدث معها أمر يشبه المعجزة الإلهية. أما هالة فقد شعرت بدنو الآجل فنطقت الشهادتين ودعت الله أن يبقيها على قيد الحياة من أجل ولديها، استطاعت بالفعل التغلب على الوعكة الصحية بصعوبة بعد أن استجاب الله لدعائها، توقفت أمام ما مرت به وأدركت أن الحياة فانية، قصيرة، وأن الجميع ينشغل بالمطامع والركض هنا وهناك متناسين أن هناك موعدا مع الموت لابد أن يستعدوا له ولابد من التزود للآخرة بالطيبات والعبادات والأعمال الخيرية، فعادت لممارسة حياتها بعد أن أعلنت قرارها بالاعتزال والتفرغ لرعاية ولديها والعبادة فقط.
كان لها رأي في هذا الصدد حيث قالت: "منذ صغري وبداخلي شعور قوي يدفعني إلى تعاليم الدين، والتمسك بالقيم والأخلاق الحميدة، وبالتحديد عندما كنت في المرحلة الإعدادية، كنت لا أحب حياة الأضواء، أو المشاركة في المجتمعات الفنية، وكانت سعادتي الكبرى أن أظل في منزلي، ولكن النفس الأمارة بالسوء والنظر إلى الآخرين وتلك التبريرات الشيطانية كانت وراء اتجاهي لهذا الطريق، هكذا يراد لأجيالنا المسلمة، أن تتجه للفن والتمثيل، لتنصرف عما خلقت من أجله من عبادة الله وحده، والجهاد في سبيله، فمتى ننتبه لذلك".
وأضافت: "وشاء الله سبحانه وتعالى أن يبتليني بمصيبة أعادتني إلى فطرتي، وتبين لي من خلالها الضلال من الهدى، في لحظة كنت فيها قاب قوسين أو أدنى من الموت، أثناء عملية الولادة الأخيرة حيث سدت المشيمة عنق الرحم، وكان الأطباء يستخدمون معي الطلق الصناعي قبل الولادة بثلاثة أيام، وحدث نزيف شديد هدد حياتي بخطر كبير، فأجريت لي عملية قيصرية، وبعد العملية ظللت أعاني من الآلام، وفي اليوم السابع، الذي كان يفترض أن أغادر فيه المستشفى، فوجئت بألم شديد في رجلي اليمنى، وحدث ورم كبير، وتغير لونها، وقال الأطباء إنني أصبت بجلطة، وفي هذه الظروف شعرت بإحساس داخلي يقول لي إن الله لن يرضى عنك ويشفيك إلا إذا اعتزلت التمثيل، لأنك في داخلك مقتنعة أن هذا التمثيل حرام، ولكنك تزينينه لنفسك، والنفس أمارة بالسوء، ثم إنك في النهاية متمسكة بشيء لن ينفعك، أزعجني هذا الشعور، لأني أحب التمثيل جدًا، وكنت أظن أني لا أستطيع الحياة بدونه، وفي الوقت نفسه، خفت أن أتخذ خطوة الاعتزال ثم أتراجع عنها مرة أخرى، فيكون عذابي شديدًا".
واستطردت هالة قصتها مع التوبة، قائلة: "عدت إلى بيتي، وبدأت أتماثل للشفاء، والحمد لله، رجلي اليمنى بدأ يطرأ عليها تحسن كبير، ثم فجأة وبدون إنذار انتقلت الآلام إلى رجلي اليسرى، وشعرت قبل ذلك بآلام في ظهري، ونصحني الأطباء بالعلاج الطبيعي، لأن عضلاتي أصابها الارتخاء نتيجة رقادي في السرير، وكانت دهشتي أن تنتقل الجلطة إلى القدم اليسرى بصورة أشد وأقوى من الجلطة الأولى، كتب لي الطبيب دواء، وكان قويًا جدًا، وشعرت بآلام شديدة جدًا في جسمي، واستخدم معي أيضًا حقنًا أخرى شديدة لعلاج هذه الجلطة في الشرايين، ولم أشعر بتحسن، وازدادت حالتي سوءًا، وهنا شعرت بهبوط حاد، وضاعت أنفاسي، وشاهدت كل من حولي في صورة باهتة، وفجأة سمعت من يقول لي قولي: "لا إله إلا الله لأنك تلفظين أنفاسك الأخيرة الآن، فقلت: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله".
وأضافت: "في هذه اللحظة، تحدثت مع نفسي وقلت لها ستنزلين القبر، وترحلين إلى الله والدار الآخرة، فكيف تقابلين الله وأنت لم تمتثلي لأوامره، وقضيت حياتك بالتبرج، والوقوف في مواقف الفتنة من خلال العمل بالتمثيل؟ ماذا ستقولين عند الحساب؟ هل ستقولين إن الشيطان هزمني؟".

المحاكمة
وتابعت: "قمت بمحاكمة سريعة لنفسي في تلك اللحظات، ثم شعرت فجأة بأني أسترد أنفاسي، وبدأت أرى كل من يقف حولي بوضوح تام، أصبح وجه زوجي شديد الاحمرار، وبكى بشدة، وأصبح والدي في حالة يرثى لها، أما والدتي فقد قامت في ركن الغرفة تصلي وتدعو الله، سألت الطبيب: ماذا حدث؟ قال احمدي الله، لقد كتب لك عمر جديد، بدأت أفكـر في هذه الحادثة التي حدثت لي وأذهلت الأطباء بالإضافة لمن حولي، فكـرت في الحياة كم هي قصيرة، ولا تستحق كل هذا الاهتمام، فقررت أن أرتدي الحجاب وأكون في خدمة بيتي وأولادي، والتفرغ لتنشئتهم النشأة الصحيحة، وهذه أعظم الرسالات".
كان لاعتزالها أثر كبير على أصدقائها من الممثلين الذين عايشوا كيف واجهت هالة الموت وكيف نجت وكيف أصبحت وكيف أن الله رحمته سبقت غضبه فأعطاها فرصة للتصويب، في تلك الفترة أعلن البعض من هؤلاء الفنانين والفنانات اعتزالهم ومنهم الفنان محسن محيي الدين وزوجته نسرين، والفنان مجدي إمام.
بعد مرور عام على اعتزال هالة وارتدائها الحجاب وفي نوفمبر 1991 اصيبت بسرطان الثدي الالتهابي، وهو نوع نادر من المرض اللعين، فهو أخطر أنواع السرطانات وأكثرها شراسة، فبدأت رحلة قاسية مع المرض والعلاج الكيماوي وأبدت هالة قوة تحمل غير عادية لمدة ست شهور، حتى شفيت تماماً.
شعرت بالسعادة لأنها استطاعت هزيمة المرض وبدأت تؤهل نفسها لممارسة حياتها من جديد والعودة للأسرة والتمتع بالوقت برفقة ابنيها وأبيها وزوجها. ولكن الأمور لم تسر كما تمنت، فقد فوجئت بالمرض يهاجمها مرة أخرى ولكن هذه المرة لم تستطع مقاومته أو الوقوف أمامه، كان والدها يراها وهي تذبل أمامه ويخفت فيها بريق الحياة وتختفي لمعة عينيها وبريقها، فأصبح الحزن لا يفارقه ليموت كمدا على ابنته حيث وافته المنية في يوليو 1992.
كان لوفاة والدها أثر سلبي كبير عليها، فتدهورت حالتها النفسية واستسلمت للمرض حتى فاضت روحها لبارئها وانتقلت لرحاب الله في 10 مايو 1993، رحلت عن عمر يناهز 35 عامًا، بعد تدهور حالتها، إثر إصابتها بالتهاب رئوي حاد.
تلقى أحمد زكي خبر وفاة زوجته السابقة وأم ابنه الوحيد كالصاعقة، ووقع مغشيًا عليه، واعترف في مقابلة قبل وفاته أنه عاملها بشيء من القسوة والعناد والغيرة، لذلك انفصلا عن بعضهما، وقال: "بعد وفاة أم ابني سقطت مغشيًا عليّ ونقلوني إلى المنزل منهارًا، وطلبت ممن معي ألا يخبروا أحدًا بما حدث لي، لأن هالة عندما توفيت كانت زوجة رجل آخر".
وقال الماكيير محمد عشوب في حلقة من برنامجه "ممنوع من العرض"، الذي عُرض عبر فضائية "الحياة"، العام 2016، أنه من أبلغ زكي بخبر الوفاة، وكان يصور أحد أفلامه في حي الخليفة، وكان أعلى بناية، وحينما علِم حاول الانتحار من فوق أحد الأسوار لولا أن لحق به السبكي منتج الفيلم، إلا أنه لم يتوقف عن الصراخ والبكاء، قائلًا: "أنا اللي قتلتها، أنا اللي موتها" بشكل هستيري.
رحلت هالة فؤاد، صاحبة أجمل وجه تغمره البراءة، التي لم يختلف أحد على حبها، لذا شكل رحيلها صدمة لجمهورها الذي ودعها بالدعاء والترحم عليها.

حفل زفافها على أحمد زكي



هالة وزوجها الثاني بركات وابنها هيثم


آخر الأخبار